كتاب الموقع

كتب كمال فياض | بوتين ،، رجل ذكي

كمال فياض | باحث في الشؤون السياسية والأمنية

وحسب المعلومات من مصادر روسية وكازاخية فقد كان من المفترض أن تبدأ حركة الإحتجاجات متسببة بفوضى كبيرة وحرب اهلية واسقاط انظمة مع بداية شهر اذار مارس هذا العام .
المخطط الأميركي والغربي كان جاهزا عبر عملائه داخل تلك الدول للبدء بحركة التمرد الواسعة والتي ستشارك بها مجموعات دينية اسلامية متطرفة تابعة لدول خليجية ومنها السعودية وقطر وهذا موثق حسب المصادر الإستخبارية الروسية والكازاخية ، منهم عناصر ارهابية سبق لها وشاركت في حروب افغانستان وسوريا ، اضافة الى الجمعيات الدينية التي تقدم لها دول ( السعودية ، قطر ، تركيا ) المساعدة والتي تمكنت من بناء انصار ومواقع ثابتة لها وسط ابناء الدول الروسية السابقة ذات ألغالبية الإسلامية وسط تسهيلات لهذه المنظمات الدينية تم تقديمها بواسطة الاموال الخليجية لبعض المسؤولين في كازاخستان ودول آسيا الوسطى التي ستشملها عمليات الفوضى المخطط لها دفعة واحدة مع بداية اذار من هذا العام وهي بلاد الستانات الخمسة والناطقة بلغات ذات اصول تركية والتي تحاول تركيا ربطها من خلال ما يسمى ” منظمة الدول التركية ” وهي ( كازاخستان ، قرغيستان ، طاجاكستان ، تركمانستان ، اوزباكستان ) والتي بسقوطها في فخ الفوضى تتهاوى احجار الدومينو الدفاعية لروسيا الإتحادية وتتسبب بمشاكل ضخمة للصين الشعبية وتبدأ حفلة الحصار للإتحاد الروسي التي بدأت من جورجيا واوكرانيا تمهيدا لدخول هذه الفوضى الى قلب القلعة الروسية ويكتمل الحصار مع الاحداث الجارية في اوكرانيا ، والتي سبق وكانت بدايتها الجديدة بين ارمينيا واذربيجان ، والمحاولة الفاشلة العام الماضي في روسيا البيضاء ،
ما الذي حصل حتى بدأت العملية في موعد أقرب وفي كازاخستان فقط ، هذا ما ستكشفه لنا الأيام ،،
كيف ستواجه روسيا هذه اللعبة الغربية الخطيرة !!
…..
تعلمنا من السياسة الروسية في زمن الرئيس بوتين انها سياسة مصالح قومية عليا تتخذ النفس الطويل مسارا واحيانا المبادرات المفاجأة والمفاوضات خلف الكواليس وسياسة الأخذ والعطاء وتبادل الهدايا للوصول الى نتائج تصب في مصلحة الاهداف الاستراتيجية ،
هذا ما ستنتهي إليه محادثات الوفدين الروسي والأميركي في جنيف حول اوكرانيا بتبادل مصالح روسية اميركية ولن يكون هناك حرب ولا تدخل عسكري إلا في حالة واحدة ، إذا وصلت اوكرانيا الى عضوية الناتو وهذا مستبعد ، والملاحظة المضحكة ان الرئيس بوتين نجح في إستبعاد الاوروبيين في مفاوضات ومحادثات تخص الناتو واوروبا بشكل خاص ، والإمتعاض الاوروبي من استبعاد الأميركيين لهم واضح كعين الشمس ،،
لا يوجد في السياسة الروسية شيئ اسمه غضب ، وهذا ما سبق وعبر عنه الرئيس بوتين سابقا بقوله ( روسيا لا تغضب ، روسيا تتأهب )
المصالح والمصالح الاستراتيجية فقط ،
وتبقى لعبة المصالح والمفاوضات والمكاسب مهما وصلت الأمور بينهما هي اللعبة المفضلة لدى الطرفين الأميركي والروسي ، والرئيس بوتين أثبت أنه أكثر من فهم الاعيب السياسة والبروبوغندا الأميركية ، وأجزم بان الرئيس الروسي قد شاهد الفيلم الأميركي ( wag the dog ، ذيل الكلب ) أكثر من مرة ، فيلم من بطولة داستين هوفمان وروبرت دي نيرو ، هذا الفيلم الذي يتحدث عن كيفية صناعة الوهم من قبل الحكومات الأميركية بخلق مجموعة اكاذيب وجعلها حقائق على الأرض وقضية رأي عام إنسانية وعلى باقي العالم أن يتعامل بها ،
لعبة أمم ،،
والأذكياء والهادئين فقط يبقون ،،
والرئيس بوتين من الأذكياء ، أثبت أنه يجمع جسد دب وعقل ثعلب وأجاد لعبة المواجهة وكان القرار الروسي بفرض واقع خطير تهديدي من خلال الحشود العسكرية عند الحدود الروسية الاوكرانية ، بعدها كانت تلك الشروط الروسية للناتو والتي فرضتها في المحادثات التي تجريها مع الاميركيين في جنيف تلاها إرسال الجنود الى كازاخستان وأنهى الفيلم الكازاخي وحتى قبل أن تبدأ التعليقات وآراء النقاد ،،
كانت الصدمة على وجوه الأميركيين واوروبا الغربية في سرعة تحرك موسكو ، إضافة الى صدمة الأتراك الذين يتحدثون عن ان الرد الروسي والتدخل في كازاخستان كان يستهدفهم قبل غيرهم ، ومن يتابع الصحافة التركية وخاصة الموالية لاردوغان سيرى دموع الحزن والقهر من التحرك الروسي وتواجده في الأرض الكازاخية التي تتكلم التركية ، تركيا لا شك غاضبة ، وربما سنرى ترجمة غضبها في ميدانها الذي تربح فيه ،، في قره باخ وتوتير جديد للأوضاع بين ارمينيا واذربيجان في رد على الصديق الروسي ،،،،،
هل ستنشب حرب كبرى بين روسيا والغرب من أجل اوكرانيا ، ابدا ،،
لا واقع ابدا يوصل إلى هذا التخوف او التحليل ، لا في اوكرانيا ولا في أي مكان آخر في العالم ، ولا حتى حرب صغرى او إشتباك بسلاح خفيف ،
المواجهات والحروب الجانبية بينهما تحدث بالوكالة بين اطراف اخرى عند الوصول الى مسارات مغلقة وحافة الهاوية والهدف هو محاولة فتح باب جديد لمفاوضات توصل الى شبه حلول مؤقتة أو دائمة ومكاسب متبادلة ،
ليس هناك من منتصر في أي حرب بينهما ، وليس هناك من فرصة لإنتصار أميركي على روسيا ، اذا ما الحل !! إنه بكل بساطة ما تصنعه الولايات المتحدة من خلال سياسة الفوضى التي تبنتها وأثبتت جدواها في دول الإتحاد السوفياتي السابق واميركا اللاتينية والربيع العربي الذي اعطى الأميركيين مكاسب كانت كالحلم ،
كازاخستان محاولة أميركية للإلهاء فشلت ، وروسيا انهتها حتى قبل حتى ان تبدأ المعزوفة الغربية المعهودة والبكاء على حقوق الإنسان والحرية ( والموت ولا المذلة) !!
كازاخستان كانت محاولة تشبه سابقاتها الناجحة في اوكرانيا وافغانستان والثورات الملونة لحصار روسيا والصين وإنهاكهما ووقف تقدمهما وتطورهما وذلك بصناعة مشاكل جانبية من خلال استعمال نظرية الصدمة التي اثبتت نجاحها في مختلف بلاد العالم ،
نظرية الصدمة لقتل صمود الشعوب وتغيير افكارها واهوائها ونقلها من مكان الى مكان ، عندما يغيب وعي الشعوب وتعجز عن فهم وإدراك ما يدور حولها ، ولا يلوح لها في الأفق أي حل ممكن التطبيق يخرجها من واقعها السيئ ، ستقع عندها في الصدمة ، وتصبح هذه الشعوب على استعداد لقبول حلول ما كانت ستقبل بها سابقا ، وهذا حصل حتى في الإتحاد السوفياتي السابق وكان سببا لتفكيكه ودماره ، وهذا ما يحصل في العراق وخاصة في لبنان وسوريا ،،
واللعبة الأميركية واضحة وجلية ، إستعمل ذكاؤك وسط عالم من الأغبياء ،،،
حتى الإنسحاب الأميركي من أفغانستان الذي وصفناه بالهزيمة كان من ضمن هذه اللعبة وهذه النظرية ،
هل انتهت مشكلة كازخستان وتعود جنود روسيا وقرغيستان وبلاروسيا وارمينيا الى بلادها !! ابدا ،، التكملة قادمة واللعبة ابتدأت في آسيا الوسطى والتوقع القادم هو في بلاد الطاجيك ،،
أنشر الدخان والضباب والوهم والخوف وراقب ،
حرب ناعمة تصل بها الى تغيير واقع والى اهدافك ومصالحك دون خسارة قطرة دم من جسدك ،
الدماء ستكون دماء الشعوب الغبية ،،
إنه حوار عقول ، وليس حوار مدافع ،،
والبقاء للأذكى ،،،،،
وبوتين ، رجل ذكي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى