تحليلات و ابحاثمقالات مختارة

كتب كمال ذبيان | ميقاتي يسعى الى «حكومة مُهمّة» تكمّل ما بدأته السابقة

التشكيل خلال أسبوعين إذا حُلّت العقد المسيحيّة والدرزيّة ووزارة المال

كمال ذبيان | كاتب وباحث لبناني

يبدي رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، تفاؤلاً في ان يتمكن من تشكيل الحكومة خلال مهلة ما بين اسبوع واسبوعين، بعد الانتهاء من استشاراته غير الملزمة دستورياً، مع الكتل النيابية والنواب «المستقلين»، وهذا ما حصل في حكومته السابقة.ويستند ميقاتي في تفاؤله، الى ان الجميع بحاجة الى وجود حكومة، بدءاً من الداخل وصولا الى الخارج الذي اشترط في السابق، ان يكون في لبنان حكومة للتفاوض معها، حول الاصلاحات التي ستقوم بها للخروج من الازمة المالية والاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها لبنان، ولم يشهد مثيلها في تاريخه الحديث والقديم ان تعرّض لازمة باتت وجودية، وهذا ما كشف عنه تقرير البنك الدولي وغيره من المنظمات العالمية، التي رأت بأن لبنان ومنذ منتصف القرن التاسع عشر، لم يعرف مثل الازمة الحالية التي تعصف به، ورفعت من نسبة الفقر بين ابنائه الى حدود 80%، كما زادت البطالة ووصلت الى 45%، بحيث سجل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، خروج 60 الف موظف منتسب له، بسبب صرفهم من العمل او اقفال مؤسساتهم.فالوضع المالي والاقتصادي والاجتماعي الصعب يفرض وجود حكومة، بعد ان تحولت الحالية الى تصريف اعمال بعد الانتخابات النيابية في 15 ايار الماضي، وان لبنان امام استحقاق ولادة حكومة في الفترة المتبقية من ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، وهي اربعة اشهر، حيث لا يحتمل اللبنانيون اضاعة الوقت من قبل السياسيين في تشكيل الحكومة، للحصول على مكاسب فيها، وان البعض يفكر بان الحكومة العتيدة، ستتولى صلاحيات رئيس الجمهورية، اذا لم تجر الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري، الذي يبدأ منذ اول آب المقبل، بحيث تكشف مصادر سياسية مطلعة، بان ميقاتي، يؤكد ان حكومته الرابعة ستولد كما الثالثة، في خلال مهلة قصيرة، وستحمل شعار «حكومة مهمة» مستنداً الى انه يترأس حكومة تصريف اعمال، ويكمل فيها حتى نهاية ولاية الرئيس عون او بعدها مهما صدرت تفسيرات دستورية، لان الفراغ الرئيسي تملؤه الحكومة، سواء كانت مستقيلة او لا، وحكومته الحالية باتت بحكم المستقيلة دستورياً.

ما هي العقبات المفترضة التي تقف وراء تشكيل الحكومة؟ الجواب على ذلك، يبدأ من ان رئيس الجمهورية يرغب في ان تكون الحكومة سياسية، وهذا امر صعب ان يتحقق، في ظل الانقسام السياسي وتوزع الكتل النيابية على انتماءات مختلفة، وتشتت التمثيل السني، اذا كانت الحكومة ستتمثل باعضاء فيها من الكتل النيابية او من تسميهم.

كما ان التمثيل المسيحي في الحكومة لن يتوفر سياسياً، طالما ان الكتل النيابية الاساسية لم تسم ميقاتي لرئاسة الحكومة، فكيف ستشارك فيها، لا سيما «التيار الوطني الحر» الذي له شروطه ويسعى لان يحجز له مقاعد وزارية وازنة، وان يحصل على الثلث الضامن فيها مع حلفائه، اضافة الى شروط اخرى يريد ان تنفذها الحكومة تبدأ باقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، واجراء تعيينات في مراكز الفئة الاولى في المؤسسات الرسمية، وهذا ما يرفضه الرئيس المكلف، الذي اعلن بانه لا يقبل بأي شرط يفرض عليه، وهو لديه برنامج عمل بدأه في الحكومة السابقة، وسيستكمله في الحكومة المقبلة، اذا توفق في تأليفها، لا سيما وان المفاوضات مع صندوق النقد الدولي تقدمت، وتم توقيع اتفاق البنود الاولى معه.

ويؤكد ميقاتي بان امامه، مسألة اساسية وهي الخروج من ازمة الكهرباء التي طالت، ولا بدّ من قرار جريء، وهو سيحرر وزارة الطاقة من الجهة السياسية التي تولتها لاكثر من عشر سنوات، وربما تكون من حصته كما ينقل عنه، وهو توجّه قد لا يقبل به باسيل، حيث يقول مقربون من الرئيس المكلف بانه لن يفاوضه، بل سيستمع اليه كرئيس كتلة كما غيره من الكتل، وان تشكيل الحكومة يتم بينه وبين رئيس الجمهورية الذي يعطيه الدستور حق التوقيع على مراسيمها او رفضها، وهنا، تقع على ميقاتي، ممارسة مهارته في تدوير الزوايا، فاذا نجح مع الرئيس عون، يكون حل عقدة التمثيل المسيحي، الذي سيكون جزءا من حصته اذا امتنع «التيار الوطني الحر» عن المشاركة في الحكومة، التي ستحصل عبر رئيس الجمهورية.

ويبقى على الرئيس المكلف حل التمثيل الدرزي في الحكومة، بعد ان اعلن رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب تيمور جنبلاط، بان اللقاء سمى نواف سلام، ولكنه لن يشارك في الحكومة، التي سيخرج منها «الحزب الديموقراطي اللبناني» برئاسة طلال ارسلان، الذي لم يعد ممثلاً في مجلس النواب، فهل يطبق جنبلاط ما اعلنه عن سلام، على ميقاتي بعد تكليفه تشكيل الحكومة، اذ يعمل تيمور بتوجه سياسي، وهو اقرب الى «قوى التغيير»، ويؤكد بانه لن يشارك في الحكومة، وعليه ان يقنع والده وليد جنبلاط بهذا القرار والخيار، بحيث تصبح المشاركة الدرزية عقدة امام الرئيس المكلف، الا ان رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» قد يقبل بالمشاركة، اذا حصل على مقاعد وزارية وازنة، وربما يطالب بوزارة سيادية وكسر الاعراف المستجدة، وفق ما تنقل مصادر في «الاشتراكي»، حيث ستظهر المشاركة في الحكومة بعد اجتماع «اللقاء الديموقراطي»، وما سيخرج به من قرار يبلغه للرئيس المكلف اثناء الاستشارات.

فشكل الحكومة سياسية، او تكنو ـ سياسية، او تكنوقراط، هو مدار تشاور يقوم به الرئيس المكلف مع المراجع المعنية، بدءا من رئيس الجمهورية الى رئيس مجلس النواب، والكتل التي سمّته، اذ ان التوجه لدى ميقاتي، اذا تعذر تأليف حكومة سياسية لا يريدها، ان تكون مبتورة ومن لون سياسي واحد، فانه قد يلجأ الى تشكيل حكومة مطعمة من الحالية، مع شخصيات جديدة وتوزيع للحقائب، ولا تكون حكرا على جهة سياسية او طائفية معينة، وهنا يُطرح السؤال ايضاً حول وزارة المال، التي يتشبث بها الرئيس نبيه بري، ويوافقه حزب الله تحت عنوان المشاركة في السلطة بالتوقيع الثالث، او ما يسمى «المثالثة» في السلطة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى