كتب كمال ذبيان | مبادرة بري الثنائيّة للحوار وانتخاب رئيس الجمهوريّة الى أين؟

خواجة لـ "الديار": رافضوها سيعملون لتعطيل النصاب

كمال ذبيان | كاتب وباحث لبناني

لم يتأخر رئيس مجلس النواب نبيه بري عن المبادرة للدعوة الى الحوار والى تلاقي الاضداد من القوى السياسية والحزبية وهو قام بذلك لا سيما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005 وانسحاب القوات السورية من لبنان في 26 نيسان من العام نفسه فتمكن الرئيس بري بحنكته وامام مخاطر الانقسام بين اللبنانيين واحتدام الصراع المذهبي السني – الشيعي من تركيب تحالف رباعي في الانتخابات النيابية التي جرت في ايار 2005 ضم حركة “امل” و”حزب الله” و”تيار المستقبل” و”الحزب التقدمي الاشتراكي والتي جاءت نتائجها لصالح قوى 14 اذار فحازت على الاكثرية النيابية حيث تزامن ذلك مع بدء مشاركة “حزب الله” في الحكومات ليبقى قريبا او فاعلا في القرار.

اما الانجاز الثاني الذي حققه الرئيس بري فكانت دعوته للحوار في مجلس النواب في 2 اذار 2006 للكتل الاساسية في المجلس حيث اتفق المتحاورون على معالجة موضوع السلاح الفلسطيني اولا خارج المخيمات ثم داخلها على ان يكون سلاح المقاومة “حزب الله” من ضمن بحث الاستراتيجية الدفاعية التي باغتها العدوان الاسرائيلي على لبنان في 12 تموز 2006 ليعاد الحوار حولها ومواضيع اخرى على طاولة حوار ترأسها رئيس الجمهورية ميشال سليمان وخرج منه “اعلان بعبدا” الذي لم يحصل التزام به بعد ان بدأت الاحداث في سوريا في اذار من العام 2011.

فالحوار كان دائما مطروحا لان عبره يمكن التوصل الى حلول للازمة اللبنانية او ربما تأجيل التوافق لحسابات داخلية واقليمية ودولية لكن اللبنانيين محكومون دائما باللجوء الى الحوار الذي لم يتوقف منذ اندلاع الحرب الاهلية في العام 1975 فرعى الرئيس الراحل رشيد كرامي طاولة حوار في السراي وتتالت الحوارات في اكثر من مكان وزمان.

وكان الى ان حصل اتفاق الطائف في ايلول عام 1989 واسس لمرحلة دستورية جديدة وتبع ذلك اتفاق الدوحة في ايار 2008 الذي اتى بعد احداث 7 ايار من ذلك العام ليتم التوافق على انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان ثم كانت حوارات بين القوى السياسية انتجت “التسوية الرئاسية” التي اتت بالعماد ميشال عون رئيسا للجمهورية.

من خلال هذه الوقائع التاريخية لحقبة نصف قرن من عمر لبنان فان الحوار كان يتقدم دائما وهذا ما قصده الرئيس بري في مبادرته الثنائية الابعاد من على منبر الامام السيد موسى الصدر في الذكرى 45 لغيابه اذ اعاد التأكيد على الحوار الذي ارفقه بفترة زمنية لمدة 7 ايام يتبع ذلك عقد جلسات مفتوحة لانتخاب رئيس للجمهورية حيث يؤكد عضو “كتلة التحرير والتنمية” النائب محمد خواجة لـ “الديار” بأن الحوار اذا حصل يتجاوب معه وتم التوافق على رئيس الجمهورية فان انتخابه قد يكون في اليوم الاول من الحوار وبنصاب قانوني وبأصوات ثلثي اعضاء مجلس النواب واكثر.

وان الدعوة للحوار من الرئيس بري في ايلول تنتظر الردود عليها وتحديد الموعد هو ما سترد عليه الكتل النيابية التي بدأت تعلن عن مواقفها.

والدعوة للحوار في المرة السابقة جاء رفضها من غاليبة الكتل النيابية المسيحية فعلق الرئيس بري مبادرته لانها لا تحظى بالميثاقية الحريص عليها يقول النائب خواجة الذي لم يفاجئه موقف “القوات اللبنانية” ولا حزب الكتائب وبعض النواب لان لديهم موقف مسبق من الحوار ويدعون الحرص على الدستور وتطبيقه فهل كانت دعوات الرئيس بري الى جلسات الانتخاب التي وصلت الى 12 من خارج الدستور ام بتطبيقه.

والدستور اعطى صلاحية ادارة الجلسة لرئيس المجلس وهو لا يعقد جلسة من اجل الجلسة بل لتكون منتجة وهذا ما حصل في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية التي تبين ان اي مرشح لن يفوز بالثلثين وحتى بالنصف زائدا واحدا لذلك كانت الدعوة للحوار يقول نائب بيروت الذي يكشف عن نوايا المعارضين للحوار بانهم لا يريدون انتخاب رئيس للجمهورية لا سيما “القوات اللبنانية” وحزب الكتائب اذ اعلن كل من سمير جعجع وسامي الجميل عن تعطيلهما للنصاب اذا كان مرشح “امل” و”حزب الله” وحلفاءهما سيفوز في رئاسة الجمهورية.

من هنا فان رفض الحوار من قبل هذين الطرفين ونواب معهما يؤكد بأنهما لا يرغبان بحصول انتخاب رئيس للجمهورية وهم يسعون الى تأمين عدد من النواب يعطلون النصاب يؤكد النائب خواجة الذي يرى بقبول “التيار الوطني الحر” بالحوار لانه سيؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية في ايلول مؤشرا ايجايبا وهذا ما سيعطي الحوار ميثاقيته التي لم تتوفر سابقا حيث يخشى خواجة ان يكون هدف تعطيل الحوار وعدم الوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية لتحقيق اهداف سياسية ومنها التقسيم الذي يروج له وان احد نواب “الجمهورية القوية” طرح “اللامركزية السياسية” اذا لم يحصل الانتخاب وهذا هو التقسيم الذي سنواجهه.

فالكرة هي في ملعب رافضي الحوار ومعطلي انتخاب رئيس الجمهورية.

Exit mobile version