كمال ذبيان | كاتب وباحث لبناني
لبنان على لائحة الانتظار لما سيسفر عنه لقاء اعضاء “اللجنة الخماسية” في نيويورك، التي تضم اميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، والتي اتفقت على متابعة الملف اللبناني ومن ضمنه انتخابات رئاسة الجمهورية، التي هي الاستحقاق الدستوري الاهم، لينتظم عمل المؤسسات الدستورية، ويبدأ الاصلاح المالي والاقتصادي والاجتماعي والخدماتي والاداري الخ…
وهذه اللجنة كانت ثلاثية قبل عام، والتقى في اثناء اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة وزراء خارجية اميركا وفرنسا والسعودية، واصدروا بيانا وضع مواصفات لرئيس جمهورية يلتزم تطبيق القرارات الصادرة عن مجلس الامن الدولي وهي 1559 و1680 و1701، والتي كلها تسعى الى محاصرة المقاومة ونزع سلاحها، حيث لم يكن هذا البيان الثلاثي حلاً للازمة اللبنانية، فدخلت على اللجنة مصر وقطر، وعقدت اجتماعين لها في باريس والدوحة خلال هذا العام، دون ان يتقدم حل الازمة اللبنانية ،لان بين اعضاء الخماسية تباينا في المواقف، ومصالح لدول اعضاء اللجنة، وقد اتفقوا فقط على انتخاب رئيس للجمهورية واجراء اصلاحات.
من هنا، فان اللجنة الخماسية لن تتمكن لوحدها من حل الازمة في لبنان واختيار رئيس للجمهورية، والذي لكل دولة مرشحها ايضا، ولو ان بعضها يؤكد بانه لا يتدخل في الاسماء، انما يدخل دعم هذا المرشح او ذاك بما يؤمن مصالح دول، وهذا ما اطلق عليه توصيف “صناعة رئيس الجمهورية خارجية”، وهو تاريخ انتخابات رئاسة الجمهورية منذ العام 1943 وآخرها في العام 2016، عندما حصلت تسوية رئاسية على اسم العماد ميشال عون، فكانت بظاهرها داخلية وباطنها خارجية، وفق وصف المصادر لها، لان رئاسة الجمهورية وان كانت باتت مكبلة دستوريا لجهة تسمية رئيس الحكومة، والتوقيع على المراسيم بمهلة محددة، ثم تحوّل مجلس الوزراء الى سلطة تنفيذية مجتمعا، وعندما يحضر رئيس الجمهورية يترأس، لكن القرار لمجلس الوزراء بالتوافق او بالتصويت، لكن يبقى رئيس الجمهورية رمزا لوحدة الوطن وحاميا للدستور ، وله توجهات لعهده يعلنها في خطاب القسم ثم بالممارسة.
لذلك، يحصل هذا الاهتمام الدولي والاقليمي على الانتخابات الرئاسية، ولكون لبنان اصبح رقما في المعادلات الخارجية، ولعبة الامم ومصالحها وصراعاتها، والتي كانت ساخنة ميدانا لمحاور مشاريع رُسمت للعام العربي، خصوصا والشرق الاوسط عموما، ويدخل لبنان في هذه المرحلة، ومنذ العام 2005 في الصراع عليه، بان يكون من ضمن “الشرق الاوسط الكبير” او خارجه، وادى صمود لبنان وبجيشه وشعبه ومقاومته في اثناء العدوان الاسرائيلي عليه صيف 2006، الى تحطيم هذا المشروع الذي لم يتوقف بعد.
وفي هذا الاطار، فان دخول اعضاء جدد على اللجنة الخماسية مطروح، تضيف المصادر، لا سيما تلك التي لها تأثير فيه، اذ لا يمكن تغييب دور ايران التي تتبع سياسة الانفتاح، ووقعت اتفاقا مع السعودية برعاية الصين، واعادت العلاقات مع الامارات المتحدة، وهي صاحبة الدعوة ان يكون الخليج آمنا دون تدخل من الخارج، وهي لاقت السعودية على صفر مشاكل، كما لا تمانع بان تكون ساعي خير لمساعدة اللبنانيين، وسبق لها وقدمت مشاريع اقتصادية للبنان، وفصلتها عن السياسة كبناء معامل كهرباء وارسال الفيول الى لبنان، والمساعدة في بناء ما يهدمه العدو الاسرائيلي، وبهذا المعنى هي تلتقي مع دول من اجل مصلحة لبنان، وهو ما يعبّر عنه دائما المسؤولون الايرانيون من طهران او اثناء زياراتهم الرسمية الى لبنان، اضافة الى ما تعلنه السفارة الايرانية دائما عن دعمها للبنانيين دون تفرقة، وبانفتاح على كل الاديان.
فالاتفاق السعودي – الايراني خفف من التوتر في المنطقة، وفتح بابا لتعاون اقتصادي بين الدول، لا سيما تلك التي هي على طريق الحرير، وهو المشروع الاقتصادي الصيني للعالم، الذي تحاول الولايات المتحدة قطعه، وابتداع طرق اخرى كما فعلت مع الهند، لكن لم تعد واشنطن هي من تقرر سياسة العالم وتقوده بآحادية وفرض مشاريعها، وفق ما تنظر اليها ايران التي تتعاطى معها بملفات محصورة ومحددة، كما في تبادل السجناء، وتحرير الاحوال الايرانية في كوريا الجنوبية ومصارف اجنبية.
واكدت المصادر ان ايران كلاعب اقليمي ودولي، لا تدخل في تفاصيل الشأن اللبناني، وهي لها حلفاء يعرفون ماذا يريدون، وبما يضمن مصلحة لبنان، ولا يهم طهران ان كانت عضواً في اللجنة الخماسية او خارجها، فهي تقف الى جانب ما يقرره لبنان، وليس ما يُقرّر عنه.