كمال ذبيان | كاتب وباحث لبناني
بدأ العرب بالعودة الى سوريا، ما قبل وقوع الزلزال فيها، وقد افتتحتها الامارات العربية المتحدة من بين دول مجلس التعاون الخليجي، بافتتاح السفارة واحياء مناسباتها الوطنية، والاشادة بالرئيس السوري بشار الاسد الذي زارها قبل فترة، واستقبل مؤخراً وزير الخارجية الاماراتية عبدالله بن زايد آل نهيان، الذي سارعت بلاده الى فتح خط طيران لمساعدة متضرري الزلزال.
ومنذ 12 عاماً، والحرب على سوريا مستمرة، وان تراجعت العمليات العسكرية، وكانت اقساها مع توغل المجموعات الارهابية ومشاركتها في القتال، وسيطرتها على مساحات واسعة لعدد من المدن السورية، وهذا ما كشف ان تحرك من يسمون انفسهم “معارضة”، و”ثورة سلمية” انتهت صلاحياتهم مع ظهور تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة”، حيث احرج ذلك اميركا التي تدّعي محاربة الارهاب، وكذلك حلفاء لها في اوروبا، وهو ما اوقع هذه الدول امام شعوبها، التي وصلت اليها يد الارهاب، منذ 11 ايلول 2001، وتفجير البرجين في نيويورك، الى عمليات ارهابية اخرى في عدد من الدول الاوروبية.
كل هذه المعطيات صبّت لمصلحة سوريا، وتراجع الحديث عن اسقاط النظام، ولم يعد التداول بتنحية الرئيس الاسد، وغابت الدعوة الى الاصلاح، الذي فتح الحكم السوري حواراً حوله، بعد شهرين من بدء الازمة، كما اشرك اطرافاً في “المعارضة الوطنية” في الحكومة، واجرى انتخابات لمجلس الشعب واخرى للمجالس المحلية، وفق ما يقول المسؤول السوري، الذي يشير الى ان ما تتعرض له بلاده، هو بسبب موقفها الاستراتيجي بدعم المقاومة في لبنان وفلسطين، حيث رفض الرئيس الاسد طلباً اميركياً، وهو “اسرائيلي”، بوقف وصول السلاح الى حزب الله عبر سوريا، واقفال مكاتب للفصائل الفلسطينية المقاومة في دمشق، وتحديداً حركتي “حماس” و”الجهاد الاسلامي”، وتأييد الاحتلال الاميركي للعراق، كما ابلغ وزير الخارجية الاميركية الاسبق كولن باول، الذي اعترف بارتكابه العار عندما وقف في الامم المتحدة، واعلن عبر وثيقة حملها عن امتلاك العراق لاسلحة دمار شامل، ليبرر غزو بلاده في العام 2003.
وقبلت دمشق ذلك، لكنها رفضت اللقاءات السرية وارادتها علنية، واصبح رئيس مجلس الامن القومي في سوريا اللواء علي المملوك يلتقي علناً مع رئيس جهاز المخابرات السعودي خالد الحميدان، وهو الامر الذي يحصل بين مدير المخابرات السورية اللواء حسام لوقا ونظيره السعودي، وكذلك مع مصر، التي لم تغلق سفارتها في سوريا، وكانت تدعو وزراء ومسؤولين سوريين لحضور اجتماعات في القاهرة.
ويبدو الموقف السعودي لافتاً، للاستجابة الفورية بالمساعدة الانسانية بعد الزلزال، ثم جاء موقف لوزير الخارجية فيصل بن فرحان، الذي يتوقع ان يزور دمشق، والذي اكد على ضرورة اجراء مراجعة للموقف السلبي من سوريا، فاعلن ان “اجماعاً” بدأ يتشكل في العالم العربي على انه لا جدوى من عزل سوريا، وان الحوار مع دمشق مطلوب في وقت ما، حيث ابلغ ابن فرحان مؤتمر ميونيخ للامن “بان اجماعا يتزايد ليس فقط بين دول مجلس التعاون الخليجي بل في العالم العربي، على ان الوضع الراهن غير قابل للاستمرار، وينبغي ان يمر ذلك عبر حوار مع حكومة دمشق في وقت ما”.