كمال ذبيان | كاتب وباحث لبناني
النزوح السوري في لبنان تحوّل الى ازمة، مع مرور 12 عاماً على اندلاع الاحداث في سوريا، وبات مشكلة عربية واقليمية وورقة دولية، وليس من حل لها في المدى القريب، اذ يبلغ عدد النازحين في الدول المجاورة، والاخرى البعيدة بنحو 12 مليون نازح، اضافة الى نصفهم داخل الاراضي السورية.وفي لبنان وصل عدد النازحين نحو مليونين ومئة الف، حسب الاحصاء الرسمي للامن العام منذ اشهر، ويرتفع الى نحو مليونين ونصف مليون وفق ارقام غير رسمية لكنها مؤكدة، اضافة الى ان الولادات بلغت نحو 250 الف طفل، وقد نزح مؤخرا نحو عشرين الفا، بعد الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا قبل نحو ثلاثة اشهر.
فحل ازمة النازحين السوريين هو لبناني اولاً، بان تتخذ حكومة تصريف الاعمال قراراً يلغي قراراً سابقاً بعدم ترحيل اي سوري، حتى ولو كان مرتكباً جرماً او مخالفاً للقوانين، كما ان قوى سياسية وتحديدا من كانوا يسمون قوى «14 آذار» اعلنوا رفضهم ترحيل اي سوريوتقديمه «ذبيحة» للنظام السوري لقتله، اضافة الى ان هذه القوى رفضت العودة الآمنة للنازحين واصرت على العودة الطوعية، وهو ما صرح به وليد جنبلاط قبل ايام، مما يؤكد على ان ازمة عودة النازحين، تتعلق بمواقف سياسية من حكم الرئيس بشار الاسد، الذي وصفه «جثة سياسية» قبل يومين جعجع، الذي غاظه ان تعيد الدول العربية لا سيما السعودية علاقاتها معه، وهو متضرر من ذلك، كما من الاتفاق السعودي – الايراني الذي اربكه، كما اطراف ترفع شعار «السيادة» وتدعو الى طرد الاحتلال الايراني من لبنان، والمقصود حزب الله، وهو مكون اساسي من المكونات اللبنانية.
ويتكئ الخارج على بعض في الداخل اللبناني على رفض عودة النازحين السوريين، اذ رأى «بيئة حاضنة» لهم تحت عنوان بانهم «اعداء النظام السوري»، فلماذا يقبلون بعودتهم؟ حتى مع ظهور فوضى في وجودهم، والموزعين على نحو 3500 مخيم، وآلاف الشقق السكنية، اذ ترى مصادر امنية رسمية، خطراً كبيراً في الانتشار الواسع للنازحين على مدى مساحة لبنان من العبدة شمالاً الى الناقورة جنوبا، مروراً بالعاصمة بيروت وضواحيها ، وجبل لبنان والبقاع الاكثر كثافة سكانية للنازحين مع عكار، والجنوب حيث تكشف التقارير الامنية التي تلقتها مراجع رسمية وسياسية وروحية عن وجود آلاف قطع السلاح، كما عن بدء تنظيم النازحين في مجموعات مسلحة وحملها لاجهزة اتصال، اذ ان اي حادث يقع في بلدة او حي ويكون فردياً احياناً، يجتمع عشرات السوريين المسلحين بالسكاكين ومسدسات، ويهاجمون من يقف ضد الوجود السوري، سواء بالاعتداء او بغيره، حيث كشفت المعلومات الامنية، عن خلايا نائمة لمجموعات ارهابية، ثم كشف بعضها في الجنوب والجبل والضاحية الجنوبية والشمال.فالخطر الامني بات قائماً، كما ان التنافس في سوق العمل وفي التجارة والاسواق، وكل ذلك ليس منظماً بل عشوائياً، بسبب غياب المؤسسات الرسمية، التي هي في شبه انهيار، حيث تزامن تضاعف الوجود السوري، مع تفكك الدولة قبل نحو اربع سنوات، وانهيار القدرة الشرائية لليرة اللبنانية، في وقت يقبض النازح السوري بالعملة الاجنبية (الدولار) من الامم المتحدة ومنظمات انسانية، حيث يصل الدخل الشهري للنازح بنحو 400 دولار، وهو مبلغ يفوق راتب مدير عام من الفئة الاولى في الوظيفة الرسمية، وهذا ما ترك الاحتقان يكبر ضد الوجود السوري واعبائه وبدأ يؤسس لكراهية وعنصرية، كما الى اشتباكات وصدامات ما زالت محدودة، لكنها تنذر من ان تتحول الى انفجار امني واسع، برضى لبناني داخلي من اطراف معادية للنظام السوري، كما من دول في الاتحاد الاوروبي الذي لا يريد عودتهم، كي لا تكون وجهتهم اوروبا، وهذه مؤامرة على لبنان، وفق قراءة سياسية لاحد المتابعين لملف النزوح السوري، الذي بدأ خطره يظهر، مع المواقف المتصاعدة ضد هذا الوجود اللا شرعي، والذي حاولت مؤسسات في الدولة، لا سيما الامن العام، تنظيم عودة آمنة وطوعية للنازحين حيث نجح المدير العام السابق اللواء عباس ابراهيم في حملته، لكنه جوبه برفض دولي، كما من عدم حماس لدى اطراف لبنانية في السلطة او المعارضة، دون ان يتوقف الامن العام عن مهمته عندما تسمح له الظروف، وهو ما بدأته مخابرات الجيش كما امن الدولة وقوى الامن الداخلي.ورهن وجود النازحين السوريين بقرار اميركي – اوروبي، سيبقيهم في لبنان لسنوات، اضافة الى استرهان قوى سياسية في السلطة وخارجها قرارها للخارج، وبذلك يكون ما ينتظر لبنان، هو الانفجار الديموغرافي للنزوح السوري اولاً، اذ ما ذُكر عن الولادات السنوية يقلق اللبنانيين، وقد يصل عدد السوريين بعد عشر سنوات عدد اللبنانيين اذا لم تبدأ عودة النازحين الفورية، وقد بوشر باعمار سوريا، وستعيد دولة الامارات المتحدة بناء خمسة آلاف منزل في ريف دمشق، وهذا مؤشر ايجابي، اضافة الى ان السعودية اوردت عودة النازحين السوريين في محادثاتها مع القيادة السورية.