كمال ذبيان | كاتب وباحث لبناني
الاستحقاق الدستوري الثالث هو تشكيل الحكومة بعد اجراء الانتخابات النيابية واعلان النتائج، وانتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه وهيئة المكتب، على ان يتبع ذلك انتخاب اللجان النيابية ورؤسائها ومقرريها.وجرى البحث بعد الانتخابات عمن يملك الاكثرية النيابية، وبأي عدد اصوات سينتخب الرئيس نبيه بري الذي كان المرشح الوحيد لرئاسة مجلس النواب، وتمكن من الدورة الاولى ان يفوز بالنصف زائدا واحدا من عدد مجلس النواب اي 65 صوتا، وهو ما انطبق على نائب الرئيس وفاز بالرقم نفسه.وفي تسمية رئيس الحكومة، فان الفقرة الثانية من المادة 53 من الدستور نصت على الآتي: يسمي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب استنادا الى استشارات نيابية ملزمة يطلعه رسميا على نتائجها.
وبدأت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية بالتنسيق مع الامانة العامة لمجلس النواب، اعداد لائحة باسماء الكتل النيابية والنواب المستقلين، لدعوتهم الى الاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بعد ان تستكمل اللائحة، وهو يلح ألا تطول المدة، ليكون تحديد موعد الاستشارات منتصف الاسبوع المقبل او نهايته، اذ لم يحدد الدستور مهلة لرئيس الجمهورية للبدء بالاستشارات، التي يريدها سريعة، وفق ما نقل عنه، لانه لا يريد ان ينتهي عهده بحكومة تصريف اعمال، والتي باتت بحكم المستقيلة دستوريا بعد الانتخابات النيابية.
وقد يؤخر الدعوة للاستشارات، التوافق السياسي الذي يبدأ من اسم رئيس الحكومة وشكلها وعدد وزرائها، الا ان هذا الامر غير متوافر حاليا بعد ان اعلن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل انه لا يرغب بعودة الرئيس نجيب ميقاتي الى رئاسة الحكومة، وهو يحتفظ باسم او اكثر، لانه يرغب برئيس حكومة يتجاوب مع مطالبه، واولها اقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، وثانيها التعيينات، ليكون له وجود مسؤولين في مؤسسات الدولة يكمل بهم، بعد نهاية ولاية الرئيس ميشال عون، وفق ما تكشف مصادر عليمة بتوجه باسيل للمرحلة القادمة.
فالرئيس المكلف تشكيل الحكومة، لا تنطبق على تسميته ان يحصل على النصف زائدا واحدا او ثلثي اعضاء مجلس النواب، لانه لا يوجد نص دستوري، سوى ان رئيس الجمهورية يستمع الى الكتل والنواب، ويسجل لهم من يسمون لرئاسة الحكومة، ويمتنعون حيث الترشيح لها يمكن ان يحصل قبل الاستشارات او اثناءها، وعندما تنتهي يقوم رئيس الجمهورية بتعداد الاصوات، فمن ينل الرقم الاعلى، يسمَّ في حضور رئيس مجلس النواب، رئيسا للحكومة ووفق العرف يكون في الطائفة السنية كما التوزيع الطائفي المعمول به عند الاستقلال، في وقت لا يوجد نص دستوري يشير الى طائفة الرئيس، ولهذا يجب العمل على الغاء المادة 95 من الدستور.
وبما ان انتخابات رئاسة مجلس النواب، قدمت نموذجا لمن يمكنه ان يملك الاكثرية، التي ما زال التعامل معها ضبابيا، وهي تصبح قائمة وفق عنوان الاستحقاق، اذ انتخبت كتلة “اللقاء الديموقراطي” برئاسة تيمور جنبلاط نبيه بري لرئاسة مجلس النواب وحجبت اصواتها عن نائب الرئيس الياس بوصعب، واعطتها للنائب غسان سكاف، والامثلة عديدة.
فالترشح لرئاسة مجلس النواب لم يظهر نائب شيعي اخر غير بري لان تحالف حركة “أمل” و “حزب الله” فاز بـ 27 نائبا، هو عدد النواب الشيعة، ولا يمكن عُرفا ان يترشح غير شيعي مع استمرار الطائفية السياسية، لذلك فان الترشح لرئاسة الحكومة المحجوزة للطائفة السنية، ليس سهلا، لانه لم يظهر “تكتل نيابي سني” يقدم مرشحا منه كما لا توجد مرجعية نيابية للطائفة السنية لان نوابها موزعون ليس كما في كتلة المستقبل ولا يمكنهم ان يقدموا من هو الاكثر تمثيلا في طائفته، اضافة الى التحالفات التي تحصل بين الكتل والنواب، حيث توجد عقبة امام اختيار شخصية سنية.
ويتقدم اسم الرئيس ميقاتي كاكثر مرشح لرئاسة الحكومة، لانه يلقى دعما فرنسيا هو الذي امّن وصوله اليها في ايلول الماضي، وهذا التأييد مرشح لان يبقى في السراي، لاستكمال ما بدأته حكومته من اتفاق اولي مع صندوق النقد الدولي، وتطبيق ما ورد في خطة التعافي الاقتصادية، حيث كشف مصدر ديبلوماسي، ان القرار الدولي هو الاستعجال في تشكيل الحكومة، كما كانت الدعوة الى اجراء الانتخابات النيابية وحصلت، وان البيان الصادر عن الامم المتحدة واذاعة امينها العام، تأكيد على ان المجتمع الدولي ما زال مهتما بوقف الانهيار في لبنان، اذ تكفيه تداعيات الحرب الروسية – الاوكرانية.
فولادة الحكومة هو مطلب دولي، كما كانت الانتخابات النيابية، لانه من دون حكومة سيكون الوضع اصعب.