قاسم قصير | كاتب وباحث لبناني
على الرغم من كلّ التطوّرات الدولية والإقليمية المهمّة، يولي مسؤولو “حزب الله” الوضع اللبناني اهتماماً كبيراً ومتزايداً، إذ أصبحت تفاصيله الأولويّة التي تشغل قيادته، والتي حسمت بالتزام اتفاق الطائف واستكمال تطبيقه مع “انفتاحها” على مناقشة الاستراتيجية الدفاعية والتأكيد على أن مرشحها لرئاسة الجمهورية هو سليمان فرنجية.أما على مستوى العلاقات الدولية فقد كان تأكيد منها على أنها لم تطرح التوجه إلى الشرق بديلاً من الغرب إنما شأنها في ذلك كما هو حال الدول العربية والخليجية “التي تتمسّك بالعلاقة معها”. لكن كل هذا جاء مُصاحباً للإنشغال بمّا يجري في المنطقة والإقليم وعلى الصعيد الدولي.
يتابع القياديون في الحزب وعلى رأسهم الأمين العامّ السيّد حسن نصر الله ومجلس الشورى والمجالس الأخرى (المجلس التنفيذي والمجلس السياسي ومجلس العمل الحكومي والنيابي)، إضافة إلى مراكز الدراسات والأبحاث، الأوضاع اللبنانية بشكل تفصيلي، فيعقدون الاجتماعات لدراسة كلّ التطوّرات ومواكبة المتغيّرات اليومية، ولا سيّما في ظلّ الفراغ الرئاسي والانشغال بالمعركة الرئاسية واجتماعات مجلس الوزراء والقضايا الخدماتية والإنسانية، إضافة إلى التطوّر المهمّ المتعلّق بالخلاف المستجدّ مع التيار الوطني الحر ومواقف رئيسه النائب جبران باسيل، ومتابعة الحوار مع البطريركية المارونية والقوى السياسية الأخرى.
أبرز الخلاصات لرؤية الحزب المستقبلية تتمثل في الآتي:
– أوّلاً، الموقف من النظام اللبناني وآليّات التغيير والإصلاح: لا بديل لدى الحزب عن الالتزام باتفاق الطائف واستكمال تطبيقه لأنّه المعبر الوحيد للتغيير والإصلاح ومعالجة الأزمات المختلفة، وليس لدى الحزب أيّ مشروع تغييري أو انقلابي على النظام الحالي.
– ثانياً، الاستراتيجية الدفاعية والمقاومة: الحزب منفتح على أيّ حوار داخلي، والمهمّ ضمان أمن لبنان واستقراره وحماية لبنان من العدوّ الصهيوني وحماية ثرواته الوطنية ومتابعة استكمال تطبيق اتفاق الترسيم البحري والبدء بالتنقيب وحماية هذه الثروات.
– ثالثاً، التحالفات والعلاقات السياسيّة: الحزب حريص على تحالفاته وعلاقاته السياسية، وهو غير مستعدّ للتضحية بحلفه الاستراتيجي مع الرئيس نبيه برّي وحركة أمل، وحريص على الوحدة الشيعية والوحدة الإسلامية والوحدة الوطنية، وسيعمل كلّ ما أمكن لحماية هذه الاستراتيجية وعدم الانجرار وراء أيّة فتنة داخلية، وحريص على التفاهم مع التيار الوطني الحر من دون أن يعني ذلك عدم وضع النقاط على الحروف وتوضيح كلّ الإشكالات.
– خامساً، عمل الحكومة ومجلس الوزراء في مرحلة الشغور الرئاسي: الهمّ الأساسي لحزب الله متابعة الوضع المعيشي ومعالجة كلّ المشاكل الطارئة، وإذا تطلّب ذلك عقد اجتماع لمجلس الوزراء فالحزب لا يمانع، مع حصر النقاش في القضايا الأساسية والتفاهم مع كلّ الحلفاء، ولا يعني ذلك استهداف أيّ مكّون سياسي أو طائفي أو فريق سياسي، كما أن العلاقة مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تقوم على أساس التنسيق والتعاون لخدمة الناس ومصالحهم.
– سادساً،علاقات لبنان الخارجية: الحزب حريص على علاقات لبنان الخارجية، ولا سيّما مع الدول العربية، ولم يطرح الانفتاح على الشرق في مواجهة العلاقات مع الغرب، بل هو مع العلاقات التي تخدم لبنان ومصالحه وسيادته الحقيقية، وما تقوم به السعودية ودول الخليج اليوم من الانفتاح على الصين وروسيا والهند يؤكّد مواقف الحزب الداعية إلى الانفتاح على الشرق.
– سابعاً، التطوّرات في إيران والعلاقة معها: الحزب مطمئنّ إلى الوضع في إيران وقدرة القيادة والنظام على مواجهة مختلف التحدّيات والضغوط الخارجية التي تطوّرت كثيراً أخيراً، مُشدداً على أن علاقاته مع القيادة الإيرانية قائمة على الاحترام المتبادل، و على أنّ “القيادة الإيرانية لا تتدخّل في الشؤون اللبنانية الداخلية”.
– ثامناً، محور المقاومة والوضع في فلسطين والوضع في المنطقة: الحزب مطمئنّ إلى قوّة محور المقاومة، ويتابع باهتمام ما يجري في فلسطين، وهو مرتاح للأوضاع في العراق واليمن وسوريا، ويعتبر أنّ “محور المقاومة حقّق إنجازات مهمّة” في السنوات الأخيرة على الرغم من كلّ الضغوط الخارجية والتهديدات الإرهابية، وأنّ المرحلة المقبلة ستحمل مؤشّرات إيجابية.
الحزب مستعد لكل الخيارات
في الخلاصة الحزب مطمئنّ إلى الأوضاع الداخلية والخارجية على الرغم من كلّ الضغوط والأزمات، وسيعزّز دوره المستقبلي لمواجهة الأزمات في لبنان والصعوبات والتحدّيات الكبيرة، وهو منفتح على كلّ الخيارات ومستعدّ لأيّ حوار داخلي أو أيّة تسوية يمكن أن تنقذ لبنان من أزماته وتحفظ سيادته ودوره المقاوم.