غالب قنديل | رئيس مركز الشرق الجديد
ساطعة تتجلّى حقيقة كون السيد نصرالله صمام أمان للوحدة الوطنية وللوفاق الوطني، وهو قائد قوة هادرة وفاعلة إقليميا، باتت في المنطقة والعالم، تنال اعترافات متزايدة بوزنها النوعي، ودورها المحوريّ العابر للحدود والمسافات.
يتلاقى على الإقرار بهذه الحقيقة خصوم لا يجاهرون، ويستثمرون عبر المبالغات المحشوّة في خطب وتصريحات مكرّسة للتحريض والتأليب، الواصلين حدّ بثّ الكراهية والعنصرية، رعبا من جاذبية النموذج الوطني والاجتماعي في تجربة حزب الله الغنية والمميزة.
تلك القوة البعيدة عن الاستعراض والمدركة لاقتدارها ولعوامل تميّزها، ترفض بوعي ونضج وضع أيٍّ من عوامل الاستقواء على الطاولة في العلاقات الوطنية، التي تربطها على السواء بالخصوم والأصدقاء من شركاء الوطن، كما يسميهم السيد نصرالله من ضمن حرصه على تكريس فكرة الوحدة الوطنية وروح الشراكة الندية في العلاقات بين سائر اللبنانيين.
لطالما استخدم الساسة والزعماء سلاح التحريض واستثارة العصبيات في التحشيد الانتخابي، لكنّ السيد يخاطب العقول والضمائر بمسؤولية، وبكامل الرشد والحكمة، التي يجانبها الآخرون في استنفاراتهم الفئوية والعصبية، التي تحول السباق الانتخابي حربا أهلية باردة في حمّى النفير والمنافسات على مقاعد نيابية، ترفع رصيدهم في الاستحواذ على حصة أكبر من “جبنة الحكم ” بما فيها من مزايا ومغانم.
دائما سعى حزب الله في الانتخابات لتجديد ثقة الناس وإيمانهم بالمقاومة كخيار ومشروع وطنيّ وحدويّ وتحرّري، يلامس ويحتوي الانتماء الوطني الواحد، ويجافي العصبيات والانقسامات. وغالبا كان الخطاب مبنيا على الجمع الوطني، نابذا لكلّ عصبية فئوية، رافضا كلّ تناحر واحتراب داخلي بقدر حزمه في التصدي للهيمنة الغربية الصهيونية وخيوطها وخطوطها وأطماعها.
بالتأكيد يثق حزب الله بتصويت قاعدة صلبة معبّأة ومنظمة، وجمهور تغلبه الحماسة ومشاعر العرفان والوفاء اتجاه المقاومة ومآثرها وتضحياتها وإنجازاتها، وليس مجرد الاستجابة “للتكليف الشرعي” الذي يزعم الخصوم أنه اداة الضبط والربط بين قيادة الحزب وجمهوره العريض، الذي بات، واقعيا، متنوعا عابرا للطيف الوطني، كما تكشف تردّدات الصدى الواسع لمواقف نصرالله ومبادراته ونداءاته. وفي ذلك المؤشّر على حالة وطنية عابرة للتخوم المناطقية والفئوية، يعبّر عنها وعن نبضها سيد المقاومة بدون ادعاء أو استعراض.
لا يستلزم ذلك الرصيد من حزب الله، ولا يستدعي التذكير به في الشاردة والواردة، كما يهيأ للبعض، ولا هو ظَهَر يوما أو لحظة، في أي منعطف، كباعث استقواء أو تنمّر. فالقوة القادرة التي يهابها الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي المتغطرس، ويتحاشى استفزازها، تلتزم التواضع منهجا وسلوكا في الحياة الوطنية وفي سائر علاقاتها مع شركاء الوطن.
على نقيض ما يزعم الخصوم والمناوئون، يتحرّك مناخ جامع من التأييد والتجاوب الشعبي مع كل بادرة تصدر عن المقاومة، والأكثر دلالة على جوهر الاستجابة الوطنية، هو اتّساع طيف التجاوب وترددات الصدى العابرة للطوائف والمناطق.
الترددات تتلاحق قوية وعميقة، وتحرّك نقاشات كلّما أطل السيد وأطلق موقفا أو دعوة أو مبادرة في أي شأن وطني أو اجتماعي. وقد تكاثفت الشواهد مؤخرا لمن يعقل ويعترف أو يفهم مغزى ما يعتمل حوله في ظرف غير عادي، يستحقّ كلّ مبادرة وطنية متاحة في سبل الإنقاذ، وكلّ جهد ممكن.
النزاهة والترفّع والحصانة الأخلاقية والوطنية، هي عناصر قوة، تتكامل في رصيد حزب الله، وتضاعف من رصيده ووزنه الشعبي. والأمر سوف يطبع الاستحقاق الانتخابي وما بعده من مسارات انبثاق لمؤسساتنا الدستورية، التي تتجلّى فيها قيمة التضامن الوطني برشاد خيارات وتوجهات، تتخذ قوة قادرة ومتواضعة بعيدة عن المناكفة والاستنزاف العبثي.