عمر معربوني | خبير عسكري – خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية
نشر موقع “ماكور ريشون” العبري بتاريخ 10نيسان/ابريل ، مقالاً تحت عنوان: هجوم مشترك من سوريا والعراق ولبنان واليمن وغزة وداخل “إسرائيل”: سيناريو “يوم القيامة”، للمستشرق الإسرائيلي الدكتور مُردخاي كيدار، الذي حذّر من أنّ إيران تخطط في المدى الزمني المنظور لشن هجومٍ مشترك على إسرائيل يشمل كل القوات المتاحة في (محور المقاومة)، أي حزب الله في لبنان، سورية، العراق، اليمن، غزة، الضفة الغربية.
في المبدأ، وعندما يذكر مردخاي كيدار أنّ لبنان وسورية والعراق وغزّة والضفة الغربية واليمن ستكون الجغرافيا التي ستنطلق حمم الجحيم، فهو يعني من حيث لا يدري الاستراتيجية التي قطعت شوطاً طويلاً في الإعداد والجهوزية ووصلت الى خواتيمها لجهة وحدة الإرادات والساحات والجبهات، وهو الأمر الذي يحاول قادة الكيان المؤقت منعه منذ عقود من خلال استمرار المواجهة في البلدان المذكورة أعلاه .
يقول مردخاي كيدار أن إيران تخطط لإطلاق هجوم مشترك على “إسرائيل” في المستقبل المنظور ستشارك فيه قوات جميع الجهات الموجودة تحت تصرفها في الدول العربية:
في لبنان – حزب الله وحماس سيقومان بإطلاق آلاف الصواريخ والطائرات بدون طيار، بعضها دقيق.
في سوريا: 17 وحدة قتالية “ميليشيا” مسلحة جاهزة تضم الفاطيمين، والزينبيين، والنجباء، وحزب الله، وكتيبة أبو الفضل، وعصائب أهل الحق، ولواء الخرساني، وأكثر من ذلك، إذ نقلت إيران إلى سوريا عدداً كبيراً جداً من الصواريخ والطائرات بدون طيار وهي جاهزة للإطلاق.
في العراق: عشرات المليشيات المسلحة بالصواريخ والطائرات بدون طيار.
في اليمن: الحوثيون الذين يمتلكون صواريخ وطائرات بدون طيار بعيدة المدى تصل إلى “إسرائيل”.
في غزة: حماس والجهاد الإسلامي مع صواريخ قادرة على تعطيل قواعد الجيش الإسرائيلي والقوات الجوية.
ومن المرجح أن إيران لن ترسل أي شيء من أراضيها إلى “إسرائيل” حتى لا تعرض نفسها للانتقام.
الكلام الخطير في كلام مردخاي كيدار هو تطابق السيناريو الذي طرحه الى حدّ كبير مع السيناريو المفترض الذي تُعَدّ له العدّة وان كان هناك بعض المبالغات او النقائص ممّا ذكره كيدار .
استند مردخاي كيدار في السيناريو الذي كتبه الى معلومات استخباراتية والى مقالات حلّلت خطابات السيد حسن نصرالله وجمعت أهّم ما جاء فيها من معادلات وكذلك التنامي الكبير لقوى محور المقاومة والتجارب العديدة التي نتجت عن المشاركات الكثيفة لقوى المحور في لبنان وغزة وسورية والعراق واليمن .
وكذلك من المنطقي القول ان كل ما انتجته ايران بات الجزء الضروري منه متاحاً لدى قوى المحور وبشكل خاص حزب الله الذي تصنفه قيادة العدو انه العدو الأخطر والأصعب .
في العرض الذي قدّمه مردخاي كيدار يبدو السيناريو كزلزلة يوم القيامة حيث يقول ان المرحلة الأولى ستكون عبارة عن وابل من الصواريخ والطائرات بدون طيار من جميع الساحات المذكورة أعلاه معاً، والتقدير الإيراني هو أن مخزون صواريخ “القبة الحديدية” سينفد خلال ساعتين إلى ثلاث ساعات من بدء الهجوم الجوي، وبعد ذلك تنفتح سماء “إسرائيل” ويتضرر سلاح الجو ويتوقف عن العمل.
ان المرحلة الأولى من الهجوم، ستكون جوية، مصحوبة بهجوم إلكتروني على أنظمة البنية التحتية الإسرائيلية، وبعد يوم كامل من الهجوم السيبراني وأمطار الصواريخ والطائرات بدون طيار التي ستضرب قواعد القوات الجوية والقواعد البحرية وقواعد الجيش والكهرباء والحوسبة والاتصالات والبنية التحتية للطرق والمياه، ستبدأ المرحلة الثانية: هجوم بري منسق من لبنان وسورية وغزة بواسطة المشاة وقوات تستخدم الدراجات والمركبات ذات الدفع الرباعي المزودة بأسلحة مضادة للدبابات، ستعبر هذه القوات الحواجز وتهاجم القوات البرية الإسرائيلية للوصول إلى المستوطنات اليهودية في أسرع وقت ممكن.
وللتفصيل فيما ذكره كيدار يمكننا أيضاً وبالإستناد الى المعطيات وما رافق مراحل الإشتباك مع كيان العدو منذ العام 2006 في لبنان وصولاً الى الوقت الحالي بما حصل من اشتباكات مع الفصائل الفلسطينية ان نؤكد ان ما ورد من سرد في سيناريو كيدار هو قريب الى الواقع .
فببساطة يمكن التأكيد ان باستطاعة قوى محور المقاومة في لبنان وسورية وغزة فقط وبالنظر الى حجم القوة الصاروخية التي تتجاوز ال 200 الف صاروخ بينها حوالي 6 الآف صاروخ دقيق بمدى يصل الى 100 كلم وحوالي 2000 صاروخ بمدى يتراوح بين 250 و400 كلم وبرؤوس متفجرة تصل الى 800 كلغ ان تفعل ما ذكره كيدار في سيناريو يوم القيامة حيث يمكن استخدام من 10 الى 20 الف صاروخ من طرازات ” غراد ” المختلفة مداها بين 21 و40 كلم وحوالي الف صاروخ من طراز فجر المختلف مداها بين 45 و100 كلم لتُخرج منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية من الخدمة عبر استنزاف مخزونها من الصواريخ حيث من المؤكد ان مخزون كيان العدو من صواريخ الدفاع الجوي المختلفة لا يتجاوز 8 الآف صاروخ .
وفي الحالتين سواء استخدم العدو صواريخ الدفاع الجوي او اعتمد نمط الإستخدام المنظم سيكون امام كارثة محققة، فإما اطلاق صواريخ الدفاع الجوي بكثافة وإما سقوط غالبية الصواريخ القادمة بغالبيتها على أهدافها بما فيها منصات صواريخ الدفاع الجوي .
بما يرتبط بالبنى التحتية من المؤكد ان مطارات العدو العسكرية والمدنية ستكون على رأس قائمة الأولويات وهي عبارة عن 3 مطارات دولية في تل ابيب وحيفا وايلات و9 مطارات عسكرية إضافة الى 9 مطارات داخلية متاحة للإستخدام العسكري و 3 مطارات متوقفة عن العمل يمكن إعادة تشغيلها ومطار فضائي واحد .
عدد هذه المطارات هو 25 مطارًا بحجم مدارج يصل الى 48 مدرج اقلاع وهبوط وهذا يعني ان 300 صاروخ من طرازات فجر وفاتح يمكنها إخراج هذه المطارات من الخدمة لفترة تصل الى ثلاثة أيام في الحد الأدنى ولا يبقى قيد العمل سوى 30 طائرة من طراز اف – 35 قادرة على الإقلاع والهبوط عامودياً سيكون من السهل استطلاع أماكن إقلاعها وهبوطها وصيانتها وتزويدها بالذخائر وبالتالي استهدافها واعاقة مهامها في الحد الأدنى .
وبحسب ما هو متاح فإن وسائط الدفاع الجوي لقوى المقاومة ستكون قادرة على التعامل مع طائرات الهليكوبتر المعادية ومنعها من تنفيذ مهامها وكذلك سيكون الأمر مع الوحدات المدرعة المعادية التي ستكون فريسة للأسلحة المضادة للدروع المحمولة على عربات رباعية الدفع مع مجموعات حماية صغيرة ولصيقة .
لكن يبقى ان السيناريو الأسوأ بحسب كيدار هو إمكانية السيطرة على عشرات المستوطنات بسبب موجة هجوم المشاة الأولى والتي ستلي مرحلة التمهيد الناري وإخراج منظومات الدفاع الجوي والطيران من الخدمة .
في الجانب المعنوي يمكنني القول اني اتبنى سيناريو مردخاي كيدار لأنه وبمعزل عن صحة ما ورد فيه في الجانب العسكري فإن مجرد تداوله وانتشاره سيكون بمثابة قنبلة كبيرة ستصيب معنويات المستوطنين بالصميم .
ختاماً : ممّا لا شكّ فيه انه كلما تأخرت ساعة الصفر كلما كان ذلك لمصلحة قوى المقاومة خصوصاً ان متغيرات جيوسياسية كبيرة تحصل وأخرى على وشك الحصول سيكون لها تداعيات سلبية على كيان العدو خصوصاً بما يتعلق بتراجع النفوذ الأميركي في المنطقة والذي قد يصل في لحظة ما الى الخروج النهائي من المنطقة وهذا يعني عدم استمرار أهمية كيان العدو كشرطي أميركي في المنطقة إضافة الى ان تصاعد عوامل الصدام الداخلي في كيان العدو ستساهم في رفع مستوى الصدام وستساعد في تعجيل زواله .
وأختم بجملة دعا فيها السيد حسن نصرالله اليهود للعودة الى البلدان التي أتوا منها قبل فوات الآوان والا فإنهم لن يتمكنوا من الحصول على مكان في سفينة تأتي على عجالة لتبتعد بهم قبل ان تقع ” الفأس في الراس ” .