تحليلات و ابحاثكتاب الموقع

كتب عمر معربوني | ماذا بعد سيطرة الجيش الروسي على مدينة سوليدار؟

عمر معربوني | خبير عسكري خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية – رئيس تحرير موقع المراقب 

لن تكون مدينة سوليدار نهاية المطاف في مسيرة هجوم الجيش الروسي، لكنها بعد سقوطها بيد الوحدات الروسية ستصبح بداية تأريخ المرحلة القادمة لإنجاز مجموعة من عمليات الهجوم التكتية والتي ستُتوج بكسر خط الدفاع الأول والأكثر تحصيناً للقوات الأوكرانية، والذي يبدأ من سيفرسك شمالاً حتى اوغليدار جنوباً مروراً بالمدينة الأكثر تحصيناً وهي مدينة ارتيومفسك (باخموت).

بداية لا بدّ من الإشارة الى أن خط الدفاع الأول للقوات الأوكرانية هو كناية عن 7 خطوط تتضمن خنادق وحقول الغام وملاجيء افراد وذخيرة مقاومة حتى لضربات الطيران، وبذلك يصح اطلاق لقب القلاع على المدن والبلدات الواقعة على خط الدفاع الأول من سيفرسك الى أوغليدار.

بالنسبة لمدينة سوليدار فقد أنجزت الوحدات الروسية وخصوصاً وحدات فاغنر والوحدات المحمولة جواً السيطرة على المدينة التي باتت ساقطة في قسميها الجنوبي الشرقي والغربي والمحاصرة من الإتجاهين الشمالي والغربي، وتتم فيها عمليات تطهير سريعة خصوصاً ان عدداً كبيراً من الأسرى وقع بيد الوحدات الروسية ولا يزال هناك قسمُ يقاوم في بعض احياء المدينة.

قبل الإندفاع الى سوليدار سيطرت الوحدات الروسية على بلدات باخموتسكوييه وبيدغورودنييه واحكمت السيطرة على بلدة كراسنا غارا .

كراسناغارا هي البلدة الأكثر أهمية ما بعد سوليدار والتي تُعتبر بمثابة الضاحية الشمالية لـ “أرتيوموفسك” وكذلك بلدة “سيفرسك” شمال شرق سوليدار.
بالنسبة لكراسناغارا فإن السيطرة عليها تعني توجه الوحدات الروسية نحو تقاطع ياغديني من كراسناغارا جنوباً ومن بيدغورودنييه غرباً.

بعد السيطرة على ياغديني وهي عقدة مواصلات مهمة جداً للطريق السريع وسكك الحديد سيصبح الإمداد لمدينة ارتيوموفسك مقطوعاً بالكامل، وستنخفض فاعلية العمليات القتالية للقوات الأوكرانية بسبب شح الذخائر والوقود والذخائر، وستدخل المدينة في حالة الحصار، باستثناء ما يمكن ان يتسرب اليها من امدادات من اتجاه الغرب والإتجاه الشمالي، والذي سيكون تحت النار بسبب سيطرة الوحدات الروسية على مجموعة من الهضاب المشرفة على مساحات كبيرة .

ام بالنسبة لسوليدار فمن المفيد التذكير بأنها مع محيطها إضافة الى كونها نقطة اشراف وسيطرة تحتوي على اكبر مناجم الملح الصخري في العالم والتي تحتوي على احتياطي مقدّر بـ 13 مليار طن من الملح.

إضافة الى ذلك فسوليدار فيها منجم “سولوتفينو”، حيث يعد هذا المنجم أكبر منجم ملح في العالم وعمره أكثر من 100 عام، كما يعد الأعمق تحت الأرض مقارنة مع المناجم الأخرى. ويوجد خلف هذا المنجم العديد من الأنفاق الكبيرة، مما أتاح افتتاح كنيسة ومستشفى في داخله إضافة إلى عدد المقاهي والصالات، فيما زينت جدران المنجم بمنحوتات رائعة. ويتم استخدام هذا المنجم للعلاج والنقاهة، بحيث أنّ أيّ مواطن يعاني من مشاكل في الشعب الهوائية أو الرّبو يعمل على الذهاب إلى مستشفى “سولوتفينو” المتخصص بأمراض الحساسية حتى يتنفس الهواء الذي تتخلله الأملاح، هذا ويؤكد الأطباء أنّ الأملاح المتواجدة في هواء هذا المنجم تقضي على البلغم والكائنات المهجرية.
وما الإشارة الى مناجم الملح سوى للقول بأن ثروة كبيرة باتت خارج قبضة الدولة الأوكرانية تضاف الى مجموعة كبيرة من مناجم الفحم والمعادن خرجت سابقاً عن سيطرة الجيش الأوكراني .

بالعودة الى العمليات العسكرية، إن السيطرة على سوليدار ستسهل الإندفاع نحو سيفرسك وهي شمال سوليدار ما يعني البدء بتثبيت نقطة ارتكاز هامة للإندفاع غرباً نحو ليمان وكراسني ليمان بوضعية افضل مما كانت عليه سابقاً قبل الانسحاب الروسي منها، حيث ستكون منطقة الغابات والمستنقعات على يمين الوحدات الروسية خلال اندفاعها وستكون القوات الأوكرانية مجبرة على تثبيت قوات كبيرة في المنطقة للدفاع عن مدينتي سلافيانسك وكراماتورسك
وفي كل الأحوال ستبدأ الوحدات الروسية بالإندفاع نحو كراماتورسك وسلافيانسك من ثلاث اتجاهات :
1- اتجاه سيفرسك – سلافيانسك
2- اتجاه سوليدار – سلافيانسك
3- اتجاه كراسناغارا – كراماتورسك
في التفاصيل تبعد مدينتي سلافيانسك وكراماتورسك مسافة 30 كلم عن كل من سيفرسك وسوليدار وكراسناغارا.

على الرغم من أهمية الإندفاع نحو سلافيانسك وكراماتورسك الا انني اعتقد ان تطويق ارتيومفسك (باخموت) والسيطرة عليها يُعتبر أولوية من الناحيتين العسكرية والمعنوية حيث ان سقوط ارتيوموفسك سيساعد في تثبيت نقطة ارتكاز رابعة للإندفاع نحو مدينتي سلافيانسك وكراماتورسك.

ختاماً لا بدّ من الإشارة الى ان تعيين رئيس هيئة الأركان قائداً للقوات المشتركة في منطقة العملية الخاصة فيه إشارة كبيرة الى تطور العمليات وهو ما لم يعلن ولكن يمكن فهمه في عناوينه العامة من خلال هذا التعيين الذي سأخصه بمقال منفصل لشرح المؤشرات والأبعاد المرتبطة بالقرار.

المصدر | موقع العهد الإخباري

https://www.alahednews.com.lb/article.php?id=49631&cid=175

عمر معربوني

رئيس تحرير موقع المراقب - باحث في الشؤون السياسية والعسكرية - خبير بالملف اللبناني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى