عمر معربوني | رئيس تحرير موقع المراقب
من بعلبك مدينة الشمس بزغت شمس البعث من جديد .
في اللغة تحمل كلمة البعث مجموعة من المعاني فهي البعث من النوم ( الإستيقاظ ) وهي بعثُ احدٍ في مهمّة ، وهي البعث يوم القيامة .
وحتى لايُؤخذ عليّ تشبيه البعث العربي الإشتراكي بيوم البعث من الموت ، سأستعير لقيامة البعث معنى الإستيقاظ ومعنى المهمّة درءاً للشبهات وقطعاً لألسنة السوء .
وبعيداً عن الغرق في الوجدانيات والإيحاءات العاطفية سأحصر البحث حول قيامة البعث في الأبعاد السياسية والتنظيمية وما يترتب على ذلك من مهام تنتظر البعثيين القدامى منهم الذين جدّدوا القسم بالإنتماء ، والمئات من البعثيين الجُدد الذين اقسموا اليمين على ارض مدينة الشمس عند الغروب ليعلنوا مع رفاق لهم سبقوهم في الانتماء والنضال بزوغ شمس البعث اكثر سطوعاً واشعاعاً
البعث قام ؟
سؤال يحتاج الى احاطة هادئة ومقاربة موضوعية بعيدة عن التضخيم والإحساس بنشوة الإنجاز ، فالتجذُّر في المواقع النضالية المتقدمة يحتاج الى الرعاية والإحتضان من القيادة والى الإيمان والعقيدة والثبات من البعثيين المنتمين وليس من البعثيين المصلحيين الذين التحفوا لحاف البعث في مراحل سابقة وهو ما تراعيه القيادة الجديدة منذ توليها مهامها .
ان يقوم البعث في لبنان من جديد ففي ذلك دلالات ترتبط بعمق الصراع القائم في لبنان والمنطقة حيث الإنقسام عامودي وحادّ ، وحيث الحقائق التي لا ترحم .
– في البعد السياسي جدّدت القيادة الجديدة للبعث العربي الإشتراكي في لبنان صلابة وثبات انتسابها للعروبة بقلبها النابض سورية ، بخصوصية لبنانية تنطلق من فهم التركيبة اللبنانية ، حيث أعلنت ولا تزال ان بوصلتها فلسطين وانها جزء لا يتجزأ من معركة التحرير الكبرى وفي ذلك تماهياً بين القول والشعار حيث يتخذ البعث راية فلسطين منذ نشأته راية له ، وبين الفعل حيث التموضع الثابت في قلب محور المقاومة وهو تموضع رسم حدود الإنتساب بالدم والنار في مواجهة الصهيونية والتكفير وكل اشكال الاحتلال والهيمنة وعلى رأسه افعى الشر اميركا وربيبتها الكيان المؤقت الزائل لا محال .
في السياسة ايضاً وبما يرتبط بلبنان يطرح البعث ممثلاً بأمينه العام الأستاذ علي حجازي تساؤلات لا لبس فيها حول شناعة ما فعلته الطبقة السياسية من هدم لأسس ومرتكزات الوطن وما اقترفته يداها من آثام تجاوزت الخطيئة في مجالات النهب واغراق الناس في مشاكل لا سبق لها بها حيث الكارثة بكل معانيها ، مقابل اعلان واضح بوقوف البعث الى جانب الكادحين وهم في قلب قاموسه والتزامه فكراً وقولاً وعملاً .
في الصراع لا يخجل البعث من اعلان ثوابته في مواجهة أصحاب مشاريع الفدرلة والأسرلة والتقسيم زبانية السفارة الأميركية وكر عوكر حيث تفوح رائحة الشر بكل معانيه .
وبين ما كان عليه البعث سابقاً من حال المقاومة وتصدره ركب السائرين بالمواجهة ، وما سيكون عليه من الآن وصاعداً يجدّد البعث انتماءه للمقاومة والمقاومين ليس دعماً لمن يحمل راية المقاومة فقط لا بل من خلال الإنخراط مجدّدا في الفعل المقاوم من خلال اعداد الحزبيين عقائدياً وفي كل الأبعاد التي تقتضي انخراطهم في المقاومة بكل اشكالها .
في بعلبك اصطف الألآف من البعثيين ومناصريهم ليحجزوا لهم من جديد موقعاً ريادياً بين الأحزاب اللبنانية ، فبعد مهرجان بعلبك الأخير ما عاد ممكناً تغييب البعث عن الصدراة .
وفي حين انّ انبعاث البعث يسّر قلوب الوطنيين والمقاومين فمّما لا شكّ فيه ان انبعاثهم يُؤلم أصحاب الفكر الأسود و الفعل الأسود ويزيد في وجوههم الحالكة اسوداداً على اسوداد .
وفي مقاربة سريعة للمئات من المنتسبين الجدد من مناطق عكار والبقاعين الأوسط والغربي ذات الأغلبية السنية مؤشر على سقوط كل محاولات مذهبة الصراع والأصح ان نقول ان هؤلاء المئات اسقطوا وسيسقطون كلما زادوا عدداً وهمّة مشاريع وُضعت في خدمتها عشرات لا بل مئات مليارات الدولارات والألآف من أصحاب الأقلام الصفراء والسوداء ممّن باعوا انفسهم بثمن بخث ليكسر مئات المنتسبين الجدد للبعث اقلامهم ويعرّي وجوههم ويُسقط اقنعتهم ، وهنا يكمن التحدي الكبير حيث المهمّة الأكبر على عاتق البعث في استعادة وهجه التاريخي العقائدي والمسلكي كحزب عبر وضع التأطير والتنظيم على رأس جدوله لإعداد ما يلزم من الكادر الواعي والملتزم وزجّه في المعركة الأقسى وهي معركة الوعي .
ختاماً : بين العواطف الجياشة والإلتزام العفوي وبين التأطير والتنظيم على البعثيين ان يبتعدوا عن سلوك سابق حيث برزت الصراعات على السلطة والتموضع اكثر في أوسع حالة من الإنضباط والمناقبية ونكران الذات فالمعركة تحتاجهم مناضلين اشداء في ساحات الميدان السياسية والعسكرية وليس مجرد صدّاحي شعارات في المهرجانات والإحتفالات وهو ما وضعت القيادة الجديدة لأجله خطة ذات طابع متوسط وبعيد المدى ينقل البعث من حالة النضال المنبري الى حالة النضال الميداني .