كتب عمر معربوني | جبهات العملية العسكرية الروسية الخاصة: الوضعية الحالية والمسار المقبل

عمر معربوني | خبير عسكري – خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية

خاص | موقع العهد الإخباري

تتطور الأحداث في المواجهة المفتوحة بين روسيا والغرب الجماعي إلى مستويات غير مسبوقة تعقّد مشهد الصراع وتدفعه بشكل متسارع إلى نقطة اللاعودة، وهو مسار يؤشر إلى ابتعاد المسارات عن أي تسوية ممكنة.

في المرحلة الأولى من العملية العسكرية الروسية الخاصة، ساد اعتقاد لدى الكثيرين أن العملية ستكون سريعة ومحدودة، وهي برأيي كانت قراءة سريعة منفصلة عن فهم تطورات 20 سنة إلى الوراء عملت فيها اميركا مع كافة دول الغرب الجماعي على تثبيت مفهوم القطب الواحد، كانت روسيا خلالها مستهدفة بشكل دائم من خلال رفع مستوى اللوبي اليهودي في الداخل الروسي، ومن خلال العبث بدول الجوار الروسي التي كانت جزءًا من الإتحاد السوفياتي.

النقلة الأخطر في الصراع بدأت سنة 2014 حيث سيطرت مجموعات النازية الجديدة على الحكم في أوكرانيا وبدأ المشهد ينقلب ببروز أوكرانيا معادية مدعومة بشكل مباشر من الغرب الجماعي.

من هنا أعتقد أن القيادة الروسية كانت تُدرك أنها ستكون أمام مواجهة طويلة ولهذا أطلقت في شباط 2022 عملية عسكرية ولم تعلن الحرب وهو ما يتطلب فهمًا دقيقًا لكل من المصطلحين.

أهم مكامن الفهم الروسي الذي بدأنا نتلمسه بعد شهور من بدء العملية، إدراكنا أن هدف الغرب الجماعي هو تحقيق الهزيمة بروسيا عبر استنزافها اقتصاديًا وعسكريًا وصولًا لإخضاعها عبر فرض أمر واقع لم ولن يستطيع الغرب الجماعي فرضه، لأن روسيا التي انتقلت مع مطلع السنة الحالية إلى الدفاع النشط بدأت باستنزاف الغرب عبر طحن الجيش الأوكراني بشكل يومي وتجفيف قدراته البشرية والتسليحية وهو ما يمكن رؤيته على الجبهات في منطقة العملية العسكرية الروسية الخاصة.

إليكم باختصار مشهد الجبهات الحالي:

تشهد جبهات ومحاور القتال في منطقة العملية العسكرية الروسية الخاصة دينامية مختلفة على جبهات:

1- كوبيانسك – كريمينيا
2- رابوتني – فيربوفا (قطاع جنوب زاباروجيا)
3- افدييفكا – مارينكا (قطاع دونيتسك)
4- شمال غرب ارتيومفسك (باخموت)

– بالنسبة للجبهة الأولى تحافظ الوحدات الروسية على ثباتها في مواقعها الدفاعية والتحرك البطيء نحو الغرب باتجاه مدينة كوبيانسك بعد أن أنجزت عبورًا ناجحًا لنهري جربتس وأوسكال على اتجاهات محددة لبناء رؤوس جسور.
الهدف من هذه العمليات دفع القوات الأوكرانية إلى غرب نهر اوسكال والتمهيد للعودة الى ليمان وكراسني ليمان بهدف تحقيق الإقتراب من مدينتي كراماتورسك وسلافيانسك.

 بالنسبة للجبهة الثانية، تستمر العمليات الهجومية الأوكرانية على هذه الجبهة التي تُعتبر الإتجاه الرئيسي للهجوم الأوكراني المضاد والهدف الرئيسي الأولي هو الوصول إلى مدينة توكماك.
حتى اللحظة لم تستطع القوات الأوكرانية خرق خط الدفاع الأول الروسي، وتتركز الهجمات بالقرب من بلدتي رابوتني وفيربوفا، حيث تتموضع 6 ألوية أوكرانية بينها لواءي مدرعات وأربعة ألوية مشاة ميكانيك.
بالنظر إلى خرائط الميدان يتبين أن الجيش الروسي على وشك وضع هذه الألوية داخل الطوق حيث تم الإبقاء على الفرقة 42 مشاة ميكانيك في مواجهة القوة الرئيسية الأوكرانية المكونة من اللواء 46 مدرع واللوائين 47 و65 مشاة ميكانيك (قوات صدم)، في حين أن الفرقتين السابعة والـ 76 من القوات المحمولة جوًا تتموضع على ميمنة وميسرة القوات الأوكرانية لوضع قوة الصدم الأوكرانية وقوات الدعم الأوكرانية المكونة من الألوية الـ 3 والـ 82 والـ 116 والـ 118 داخل الطوق وهو أمر حتمي إذا لم تتراجع القوات الأوكرانية إلى الخلف.

– على جبهة افدييفكا – مارينكا تنفذ الوحدات الروسية عمليات هجوم مضاد باتجاه سيفرنا جنوب غرب افدييفكا بعد أن حاولت القوات الأوكرانية السيطرة على بلدتي اوبتني وفودياني.
هدف الوحدات الروسية هو الوصول إلى اورليفا شمالًا لقطع طريق الإمداد على القوات الأوكرانية إلى افدييفكا.

– على جبهة ارتيوموفسك مقابل فشل القوات الأوكرانية في السيطرة على تلال كليشيفكا غرب مدينة ارتيوموفسك، تنفذ الوحدات الروسية هجومًا نحو شمال غرب المدينة لتخفيف الضغط عن المحور الغربي وبهدف منع القوات الأوكرانية من بناء خط دفاع قوي في تشاسوف يار.

انطلاقًا من هذه الوضعية، أعتقد أن روسيا التي تلحق خسائر كبيرة بالجيش الأوكراني تتراوح بين 15 الى 20 ألف إصابة في الشهر، ستستمر في اعتماد النمط نفسه أقلّه لربيع سنة 2024 بحيث يمكن القول حينها إن تفعيلًا للهجمات الروسية سيبدأ وبشكل متسارع على أغلب الجبهات مع الأخذ بعين الإعتبار إمكانية تفعيل الهجوم الروسي المضاد قبل حلول ربيع سنة 2024، مع اعتقادي أن أولويات روسيا ستكون باتجاه التقدم نحو الضفة الغربية لنهر الدنيبر على اتجاه خيرسون وصولًا إلى نيكولاييف لتحقيق مسافة آمنة تمنع الصواريخ الأوكرانية من الوصول إلى شبه جزيرة القرم.

المصدر | العهد الإخباري

https://www.alahednews.com.lb/article.php?id=59497&cid=124

Exit mobile version