عمر معربوني | باحث في الشؤون العسكرية – رئيس تحرير موقع المراقب
مواضيع العرض: (المفاوضات – نصب صواريخ باتريوت في بولندا – الوضع الميداني على جبهات أوكرانيا).
أوّلًا: المفاوضات
لم تصل المفاوضات التي حصلت بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأوكراني دميتري كوليبا في انطاليا بجنوب تركيا إلى نتيجة إيجابية بل على العكس يمكن القول أنّ فشل المفاوضات سيشكّل مدخلاً لمرحلة عسكرية أكثر صعوبة بالنسبة لأوكرانيا، حيث قال وزير الخارجية الأوكراني بعد انتهاء المفاوضات إنّه “يبدو أنّ روسيا ستواصل هجومها، وتسعى لاستسلام كييف، لكن ذلك لن يحدث”.
وذكر كوليبا في مؤتمر صحفي، أنّ انطباعه من الاجتماع هو أنّ “روسيا ليست في وضع يسمح لها في الوقت الحالي بإقرار وقف لإطلاق النار”.
بدوره، وزير الخارجية الروسي قال إنّ “موسكو مستعدّة للمحادثات مع أوكرانيا، لكن يجب تلبية جميع مطالب روسيا لإنهاء الهجوم، والتي تشمل:
– أن تتبنّى كييف الحياد.
– أن تتخلّى كييف عن مساعي الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
وأضاف أنّ “بلاده مستعدّة لمواصلة المفاوضات مع أوكرانيا في إطار الصيغة الحاليّة في بيلاروس”، قائلًا: “اجتماع اليوم أكّد أنّ الصيغة الروسية الأوكرانية في بيلاروس لا بديل عنها”.
ثانيًا: نصب صواريخ باتريوت في بولندا
بتاريخ 8 آذار، وبدعم من الولايات المتحدة الأميركية، يبدو أنّ القيادة الأوكرانية أنهت نقل أغلب إداراتها الرسميّة إلى مدينة ( لفيف – leviv غرب أوكرانيا والتي تبعد عن الحدود البولندية حوالي 70 كلم ما يعني أنّها ستكون تحت حماية منظومة “الباتريوت” الأميركية التي تمّ وضعها بالقرب من قاعدة “ريدزيكوفو” البولندية، مع الإشارة إلى أن الأمريكيين كانوا قد أنهوا في حزيران/يونيو 2021 نصب أحدث منظومات الدرع الصاروخية الأمريكية فيها والمعروفة باسم إبجيس آشور (Aegis Ashore).
تبعد هذه القاعدة عن الحدود الأوكرانية 80 كلم ما يعني أنّ مدينة لفيف وجوارها ستكون ضمن نطاق تغطية صواريخ الباتريوت باك 3 (Patriot PAC-3)، لكن نصب منظومات الباتريوت لا يعني أنّ القيادة العسكرية الأميركية تخطط لإسقاط الطائرات الروسية في الأجواء الأوكرانية، وهذا التخمين يأتي ربطًا بتصريحات القيادة الأميركية أنّ حظرًا جويًّا في الأجواء الأوكرانية “أمر غير وارد” وأنّ منظومات الباتريوت تم وضعها لحماية القاعدة الأميركية في بولندا.
في جانب آخر، لا يمكن استبعاد حصول احتكاك أميركي – روسي خصوصًا أنّ العلاقات الروسية – الأميركية وصلت إلى أسوأ أوضاعها، وبما يتجاوز السوء الذي كان بين البلدين أيّام الحرب الباردة.
على هذا الأساس، يبقى احتمال الإحتكاك قائمًا خصوصًا إذا ما كان لدى الأميركيين نيّة تأمين الحماية للقيادة الأوكرانية السياسيّة والعسكريّة المنتقلة إلى مدينة لفيف.
ثالثًا: الوضع الميداني على جبهات أوكرانيا
منذ يوم 8 آذار، لا تزال القوات الروسيّة تُجري عمليّات تثبيت لقواتها وتقوم بإنهاء التحضيرات للمرحلة الثانية من العمليّة؛ فنحن نتكلم عن دولة مساحتها حوالي 700 ألف كلم مربع، وما حققته القوات الروسية حتى اللحظة يُعتبر نقلة نوعيّة في العمليّات العسكريّة الحديثة لجهة إخراج أغلب البنى التحتيّة العسكريّة من الخدمة، وأيضًا بما يتعلّق بعمق الإختراقات الروسيّة حيث بلغت في مقاطعة خيرسون والمنطقة الشمالية الشرقية للعاصمة كييف مستوى متقدمًا.
على المستوى العام، نستطيع القول أنّ المُدافعة الأوكرانية باتت محصورة في النطاق التكتيكي وأنّ إدارة المواجهة في بعدها الإستراتيجي لم تعد قائمة بنسبة عالية وهو أمر تبني عليه القيادة الروسية الكثير.
– في الجبهة الجنوبيّة، لا تزال القوات الروسيّة في أماكنها منذ يوم الثلاثاء 9 آذار/مارس 2022، وهي أنهت تقريبًا عمليّات التحضير للإنطلاق باتجاه الشمال من أربعة محاور تقدّم، ونحو الغرب والجنوب الغربي وبالتحديد نحو مدينة اوديسا من محورين.
– من الواضح أنّ القوات الروسيّة لا تخطط خلال اليومين القادمين لدخول بعض المدن الأوكرانية المنهكة كماريوبول المحاصرة في الجنوب، وخاركوف وسومي في الشرق اللتين باتتا بحكم الساقطتين عسكريًّا وفقدت حامياتها القدرة على المُدافعة لفترة طويلة.
– في الشمال، وتحديداً في قطاع تشيرنيغيف، نفّذت القوات الروسيّة مناورة التفاف على فرقة عسكرية أوكرانية تمّ تجميع قوّاتها من القوات المنسحبة من قطاعات في الشرق والوسط وأنهت قدرتها على القتال، وهو ما يعني أنّ العاصمة كييف فقدت قوّة عسكريّة كانت تشاغل القوات الروسية في الشمال الشرقي ما يعني تسهيل تقدّم القوات الروسية بعد إتمام مهمّة تنظيف الشمال الشرقي لأوكرانيا وهي منطقة تقارب مساحتها 15 ألف كلم مربع وتحويلها إلى قاعدة ارتكاز خلفيّة عند استكمال التقدّم نحو كييف غرباً ونحو وسط وشرق أوكرانيا وهي مسألة أيام لا أكثر.
https://www.alahednews.com.lb/article.php?id=40293&cid=175