عمر معربوني ـ كاتب وباحث في الشؤون العسكرية
تشغل هذه المسألة وسائل الإعلام الغربية وتبني عليها الكثير من الروايات المدعومة باراء لمحللين وخبراء عسكريين غربيين وبيانات صادرة عن مراجع عسكرية غربية ورسمية وصل بعضها الى حد القول انّ ما خسرته روسيا من جنود ومعدات عسكرية مختلفة سيجعلها عاجزة عن استكمال تقدمها وسيضطرها الى تقديم تنازلات كبيرة في المفاوضات الى حد الوصول الى مرحلة تفكك روسيا من الداخل بسبب الإخفاق الذي يعانيه جيشها في أوكرانيا .
بموازاة هذه المنشورات التي وصلت الى رقم قياسي بما يرتبط بساعات البث المخصصة لتغطية العملية العسكرية الروسية يتم ضخ مزيد من الأسلحة الغربية وآخرها ما اعلنه وزير الخارجية الأميركي حول تأكيد وصول ما يوازي عشرة صواريخ مضادة للدبابات مقابل كل دبابة روسية في أوكرانيا دون ان يتم تحديد الرقم الدقيق لعدد الصواريخ .
معلومات غربية تقول ان القوات الروسية فقدت نحو 3 أمثال كمية المعدات التي فقدتها القوات الأوكرانية، حتى الآن، وليس من الواضح كيف سيؤثر ذلك على ىسير المعارك في شرقي البلاد، ولا كيف سيتمكن الجيش الروسي، من تعويض هذه المعدات.
موقع اوريكس المتخصص بالشؤون العسكرية يقول أن روسيا خسرت أكثر من 400 دبابة، و20 طائرة، و32 مروحية، علاوة على مئات السيارات المدرعة، والمعدات الأخرى.
وقد تعكس الخسائر الأوكرانية الأقل نجاحا تكتيكيا، على المستوى الدفاعي، للقوات الأوكرانية.
كما تمكنت القوات الأوكرانية من الاستيلاء على كميات من المعدات الروسية، وليس من الواضح حتى الآن كيف ستتمكن من الاستفادة منها.
ويقول مايكل كوفمان، من مركز التحليلات البحرية، الأمريكي، “سيمضي بعض الوقت قبل استخدام هذه المعدات، وبالتالي إحداثها فارقاً واضحاً على الأرض، فقليل من المركبات القتالية المدرعة، لا يمكنها تشكيل فيلق مدرع”.
عملياً من الواضح ان الأرقام الغربية تناقض الواقع حيث يمكن دحض هذه المعلومات بمقاربة بسيطة لا تحتاج الى الجهد ، فلو ان خسائر القوات الأوكرانية بحسب تقرير موقع اوريكس نسبته ثلث ما خسرته القوات الروسية ، فهذا يعني ان خسائر القوات الأوكرانية لا تتجاوز ال 100 دبابة و 7 طائرات حربية و10 مروحيات فقط ما يعني تفوقاً أوكرانيا لا يحتاج الى تزويد أوكرانيا بالآف الصواريخ المضادة للدبابات والتفتيش عن وسائل لتزويد أوكرانيا بالطائرات الحربية والدبابات ومنظومات الدفاع الجوي .
اذن نحن امام بروباغندا لا تعكس الواقع سوى بما يرتبط بالصواريخ المضادة للدبابات وصواريخ ستينغر وغيرها من الصواريخ المضادة للطائرات التي يمكنها ان تؤثر في البعد التكتيكي للمعركة وليس في البعد الإستراتيجي لها .
اما لماذا تأخر الهجوم في إقليم الدونباس فهذا السؤال يمكن الإجابة عليه بسهولة
– بالنظر الى وجود حوالي 65 الى 75 الف جندي اوكراني على هذه الجبهة يتموضعون ضمن شبكة هائلة من التحصينات والخنادق مضى على تنفيذها من خمس الى ثمان سنوات يبدو ضرورياً بالنسبة للجيش الروسي عدم المغامرة بدفع وحداته الا بعد التأكد من انهاء فاعلية التحصينات من خلال دكّها بالمدفعية لفترة تضمن للوحدات المندفعة اعلى مستوى من السرعة والمرونة في عمليات الإختراق وقد كنا منذ يومين امام نموذج لإختراق هذه التحصينات في منطقة كاميانكي جنوب مدينة ايزيوم حيث تمّ تجاوزها بـ ب 9 كلم وبناء خط جبهوي عرضه 20 كلم ما جعل الوحدات الروسية على مشارف مدينة سلوفيانسك وهي تعتبر المعركة الفاصلة ما قبل التقدم الى مدينة كراماتورسك .
نموذج اخر لما حصل في كاميانكي نفّذته الوحدات الروسية في منطقة بوباسنا ليبدو واضحاً ان الهدف هو تنفيذ احاطة واسعة يمكن من خلالها تحرير منطقة واسعة تصل الى حدود 3500 كلم مربع وتجنب الكثير من المعارك المباشرة مع مناطق محصنة بشكل ممتاز عبر مناورة الإلتفاف التي تنفذها الوحدات الروسية حالياً بتحقيق التماس مع مدينتي سلوفيانسك وكراماتورسك انطلاقاً من جنوب كاميانكي في الشمال وبوباسنا في الجنوب ما يحسم ايضاً معركة مدينة سيفرودونييتسك ويؤسس لإندفاعات اكثر سهولة .
– على المستوى التقني تحتاج الوحدات الروسية لردم الفارق بعدد القوات الى اعتماد المناورة بالحركة والنار وانهاء فاعلية التحصينات من خلال استخدام قدرات نارية كثيفة ستؤمنها المدفعية والراجمات وطائرات الدعم القريب إضافة الى إمكانية انزال جنود خلف الخطوط للمشاغلة وقطع خطوط الإمداد على القوات الأوكرانية .
– ويبقى الإنتهاء من معركة مدينة ماريوبول شرطاً اساسياً لبدء المعارك بوتيرة اعلى بسبب الحاجة الى زج قوات إضافية تقاتل الآن في ماريوبول الاّ اذا قررت القيادة الروسية زج قوات من الوحدات الموجودة في روسيا حيث لا تزال الوحدات الروسية التي انسحبت من جبهتي كييف وسومي قريبة من الحدود الروسية – الأوكرانية ولم تلتحق بالجبهتين الشرقية والجنوبية وهو ما يعني إمكانية اندفاعها مرة أخرى الى المناطق التي انسحبت منها في وقت لاحق .
خاص موقع العهد الإخباري