عمر معربوني | باحث في الشؤون العسكرية
مواضيع العرض: جبهة كييف – الجبهتين الشرقية والجنوبية
أولًا: جبهة كييف
بالتزامن مع إعلان كبير المفاوضين الروسي تسلّم الوفد لورقة خطيّة من الوفد الأوكراني تحتوي موافقة مبدئيّة على شروط روسيّة أساسيّة ومنها حياديّة أوكرانيا وصرفها النظر عن انتسابها لحلف “الناتو” وعدم تصنيع أسلحة نوويّة، أوقفت وحدات الجيش الروسي عمليّاتها على محوري كييف وتشيرنيغوف وانسحبت من محطة تشيرنوبيل.
الجيش الروسي أطلق على حركة وحداته في محيط كييف إعادة تموضع وهو المصطلح الأصح الذي يخالف كل ما تروّج له وسائل الإعلام المعادية لروسيا بأنّ ما حصل كان بسبب الضغط العسكري الذي قامت به القوات الأوكرانية، وهو أمر مخالف لأبسط قواعد العلوم العسكرية، حيث تمّ التأكد من جانبنا بمقاربة المعطيات المتوفرة عن سير العمليات القتالية أنّ القوات الأوكرانية على كلّ الجبهات فقدت القدرة على تنفيذ مناورات واسعة بالقوات بسبب ما تعرّضت له من ضربات من قبل الجيش الروسي، إضافة إلى ما توفّر من معلومات أنّ الإقتراب الروسي من كييف وخاركوف وسومي بشكل أساسي كان هدفه جذب القوات الأوكرانية المتجحفلة أساساً على محاور إقليم لوغانس والهدف هو تشتيتها وتعريضها للضربات من سلاحي الجو والمدفعية وهي في حالة الحركة، علمًا بأنّ ما وصل من هذه القوات إلى جبهات المدن الثلاث قارب نصف القوات وهي في حالة الإنهاك.
في الأساس، لم يكن في الخطة الروسية ما يمكن الحديث عنه حول السيطرة على المدن الرئيسية والإكتفاء بفرض حصار حولها وفي ضواحيها بالتحديد دون تحقيق التماس مع القوات الأوكرانية المتمركزة في المدن.
أمّا وقد حقّق الجيش الروسي ما أراده من حصار المدن من خلال الورقة الأوكرانيّة فكان لا بدّ من إجراء يُبرز حسن النيّة الروسية الذي تمثّل بإعادة التموضع حول مدينة كييف ومدينة تشيرنيغوف، وباتت الوحدات الروسية على مسافة 40 كلم من الإتجاه الشرقي وحوالي 15 كلم من الإتجاه الغربي في مدينة اربين.
ومن المقرّر التراجع نحو مطار غوستوميل خلال الـ 48 ساعة القادمة لمنح القيادة الأوكرانية مزيدًا من مساحات الثقة لترجمتها في القرارات التي يمكن أن تعجّل في إنهاء العمليّة الروسية.
ثانيًا: الجبهة الشرقية (خاركوف – سومي – إقليم الدونباس)
لم تسجّل الـ 24 ساعة الفائتة أيّ عمليات عسكريّة كبيرة على جبهتي خاركوف وسومي في حين أنّ تصاعدًا في العمليّات على محاور إقليم الدونباس وتحديدًا على محاور جمهورية الدونيتسك حيث تقدّمت قوات من الجمهورية والوحدات الروسية غربًا انطلاقًا من مارينكا ووصلت إلى كوراخوف في حين تقدّمت قوات أخرى على نفس الإتجاه وتقدّمت من فولوديميريفكا ووصلت إلى فوغليدار ومن ثم تابعت سيرها وسيطرت على فيليكانوفوسيلكا.
في اتجاه مارينكا كوراخوف، تقدّمت الوحدات الروسيّة ووحدات جمهورية دونييتسك مسافة 16 كلم في حين أنّ القوات التي تقدّمت من فولوديميريفكا ووصلت إلى فيليكانوفوسيلكا قطعت مسافة 40 كلم.
وفي إشارة إلى الوضعيّة الميدانيّة، ما كان يمكن للوحدات الروسيّة ووحدات جمهورية دونييتسك قطع هذه المسافة لولا ثبات خط الجبهة المرتبط بالجبهة الجنوبيّة والتي تنفّذ فيه الوحدات الروسية عمليات تعزيز على جبهة خيرسون – نيكولاييف منذ 24 ساعة دون معرفة أسباب تعزيز القوات على هذا المحور ما إذا كانت بهدف التقدّم مجددًا إلى نيكولاييف أو هي عمليات مناورة وإلهاء لمنع القوات الأوكرانية من التحرّك شرقًا لتعزيز وضع جبهة الدونباس.
على العموم، من المؤكد أنّ تصاعدًا متوقعًا للعمليات العسكرية حاصل لا محالة بسبب عدم توقّف الجيش الروسي من استهداف منشآت البنية التحتية العسكرية الأوكرانية على الجبهات كافة أو بما يرتبط بالعمق الأوكراني وسط وغرب أوكرانيا والذي لم تتدنّ وتيرته طيلة 36 يوماً من العمليات.
خاص موقع العهد الإخباري