عمر معربوني | باحث في الشؤون العسكرية
مواضيع العرض | معارك الدونباس.
“موقفنا المبدئي من شبه جزيرة القرم وإقليم الدونباس لن يتغير “، هذا ما قاله اليوم كبير المفاوضين في الوفد الروسي فلاديمير ميدنسكي، في حين أن مستشار الرئيس الأوكراني اليكسي اريستوفيتش قال بوضوح: “ستشهد منطقة العمليات العسكرية في الدونباس خلال الأسبوع المقبل معارك عنيفة ستقرر مسار العملية التفاوضية”.
انطلاقاً من التصريحين المقتضبين واستناداً الى الإحاطة التي قدمناها في تقدير الموقف لليوم ال 34 بما يرتبط بالمفاوضات وتأثيرها على العمليات يبدو واضحاً ان وقف العمليات في محوري تشيرنيغوف وكييف لن يسري على باقي المحاور والجبهات. وعلى الرغم من ان تقديم أوكرانيا مقترحات مكتوبة هو أمر غير مسبوق الاّ انّ الأمور لا تزال في بداياتها مع الإشارة الى ان ما انتزعته روسيا من مواقف جديدة للقيادة الأوكرانية جاء تحت الضغط العسكري وليس في أجواء مفاوضات مريحة كما كان الحال منذ ثماني سنوات من الصراع اتجهت خلالها أوكرانيا الى مزيد من التصعيد والتحدي لروسيا.
ولأن الجانب الأوكراني لم يظهر أي تراجع في مسألتي شبه جزيرة القرم وإقليم الدونباس واعتبارهما خارج أي ضمانات فمن المتوقع ان تبدأ وحدات الجيش الروسي ووحدات قوات جمهوريتي لوغانسك ودونييتسك مرحلة تنشيط العمليات وتصعيدها بشكل كبير لإنهاء السيطرة على كامل أراضي الجمهوريتين والتعاطي بشأنهما خلال المفاوضات كأمر واقع لا يمكن تجاوزه من قبل أوكرانيا.
على المستوى الميداني من المتوقع بانتهاء السيطرة على مدينة ماريوبول التي تم حصر المعارك فيها في بقعة محدودة داخل المنطقة الصناعية والى حين إتمام الوحدات الروسية عمليات التطهير فإن معارك محوري لوغانسك ودونييتسك سيبقيان ضمن دائرة معارك الخنادق وخطوط الدفاع لأن حجم الوحدات الروسية ووحدات إقليم الدونباس ليست كافية لتنفيذ اندفاعات واسعة وهو ما ينتظر انتهاء الوحدات العاملة في مدينة ماريوبول لزجها في معارك تحرير ما تبقى من أراضي الإقليم.
واستناداً الى مسرح العمليات العسكرية وخرائط السيطرة فإن جمهورية لوغانسك استعادت اكثر من 90% من أراضي الجمهورية في حين ان جمهورية دونييتسك استعادت حوالي 60% من أراضي الجمهورية. اهم المعارك التي يجب حسمها والمتوقع ان تنطلق خلال وقت لا يتجاوز أيام قليلة هي السيطرة على مدينتي سيفرودونييتسك وكراماتورسك.
التركيز الأساسي للعمليات سيكون باتجاه مدينة كراماتورسك التي ستتجه اليها الوحدات الروسية من ايزيوم شمالاً ووحدات إقليم لوغانسك من الجنوب على محور كوستانتيفكا لتنفيذ عملية اطباق وبذلك تصبح مدينة سيفرودونييتسك وعشرات البلدات داخل الطوق تمهيداً لتحريرها واعلانها محررة.
في الوقت الذي ستبدأ فيه عمليات الإطباق على مدينة كراماتورسك سنشهد عمليات انسحاب للقوات الأوكرانية على مساحة تقارب ال 2000 كلم مربع بنتيجة فقدان القوات الأوكرانية القدرة على تلقي الإمدادات حتى من الخطوط القريبة مع التوقع بأن تبدأ عمليات ضغط روسية من الجنوب الى الشمال باتجاه المحور الممتد من زابوروجيا غرباً حتى حدود إقليم الدونباس شرقاً لمنع القوات الأوكرانية من إجراء عمليات مؤازرة ومشاغلتها على خطوط التموضع الحالية.
وفي إشارة لا بد منها تؤكد توجه العمليات للنحو الذي ذكرناه أعلاه هو بدء الجيش الروسي بعمليات استهداف واسعة لمستودعات الوقود والذخائر التي تغذي القوات الأوكرانية على محاور لوغانسك ودونييتسك والهدف معروف وواضح يرتبط بمنع القوات الأوكرانية من الإستمرار في القتال وإخراجها من المواجهة بشكل سريع.