كتب عمر معربوني | تقدير موقف لعمليات الجيش الروسي – اليوم 24
خاص موقع العهد الإخباري
عمر معربوني | باحث في الشؤون العسكرية
مواضيع العرض : إعادة تموضع روسية غرب كييف – الجبهة الجنوبية – معركة ماريوبول –
إعادة تموضع روسية غرب كييف
بشكل مفاجيء وبعد ان اندفعت الوحدات الروسية جنوب منطقة مكاريف بحدود 18 كلم ووصلت الى بوشيف وبحدود 13 كلم نحو الجنوب الغربي الى ماريانيفكا ، عادت الوحدات الروسية ادراجها الى حيث كانت باستثناء إبقاء سيطرتها على تقاطع كالينيفكا الواقع على الطريق السريع بين العاصمة كييف ومدينة زيتومير .
ولأنه لم تصدر أي بيانات من الجانبين الروسي والأوكراني حول الأمر يمكن ان نفهم ما حصل انطلاقاً من مسألتين :
- اكتفاء الوحدات الروسية بالسيطرة على تقاطع كالينيفكا كونها أمّنت قطع طريق الإمداد عن كييف على الخط السريع وعدم تعريض الوحدات التي وصلت الى بوشيف وماريا نيفكا للكمائن الأوكرانية بسبب عدم احداث الربط بين الإندفاعتين ، إضافة الى استخدام الوحدات كاحتياط معركة او زجها في اتجاه اندفاع آخر .
- حصول مقاومة اوكرانية ادّت الى تراجع الوحدات الروسية وهو أمر استبعده بسبب عدم صدور أي بيان اوكراني حول الأمر خصوصاً ان وزارة الدفاع الأوكرانية تُصدر ساعة بساعة بيانات عن أي متغيرات ميدانية وهو ما لم يتم لحظه في بيانات وزارة الدفاع الأوكرانية .
من المرجّح بتقديري ان الوحدات الروسية تبدو في هذه المرحلة اكثر ميلاً لتنفيذ الإحاطات الإستراتيجية وعدم الدفع بالوحدات بعمليات قتال رأسي والإعتماد اكثر على القتال العرضي .
وفي إشارة مهمة ان ما حصل غرب كييف من إعادة تموضع حصل ايضاً على جبهة ميكولاييف والهدف برأيي تركيز الجهد وبناء خط جبهوي لتشتيت جهد القوات الأوكرانية اولاً وتأمين خلفية الوحدات الروسية ثانياً وهو ما سنستعرضه في عمليات الجبهة الجنوبية .
الجبهة الجنوبية
حققت الوحدات الروسية يومي 18 و 19 آذار حتى ساعة كتابة المقال إنجازات عسكرية كبيرة عبر السيطرة على ما يقارب 8000 كلم مربع من المنطقة الجنوبية من حدود مدينة خيرسون غرباً مع ضواحيها وحتى حدود إقليم لوغانس شرقاً ومن حدود شبه جزيرة القرم جنوباً حتى مشارف مدينتي زابوروجيا وكريفييه ريه شمالاً ، بحيث يمكن التأكيد انه تم بناء خط جبهة باتجاه الشمال بعرض يقارب 400 كلم 330 كلم منه شرق نهر الدينيبر و70 كلم غرب النهر .
عسكرياً : يمكن اعتبار هذه الإنجازات تغييراً في النمط الذي اتبعته الوحدات الروسية مع بداية العملية وهو نمط يحتاج وقتاً أطول ولكنه اكثر ثباتاً واستدامة وتكلفته في الأرواح والمعدات اقل بكثير من تعريض الوحدات في حالة الإندفاع الرأسي لخطر الكمائن .
في الإندفاع الجبهوي تكون خلفية الوحدات المندفعة محمية بنقاط ارتكاز واحتياطي هجوم بينما في الإندفاع الراسي تصبح مجنبات الوحدات مكشوفة وبطيئة الحركة وفاقدة لقدرة الإنفتاح والمناورة بسبب الأراضي الموحلة وغيرها من الإعاقات .
يبدو ان نمط العمليات الروسية سيتجه في المرحلة القادمة الى ما اشرنا اليه أعلاه .
معركة ماريوبول
خلال ال 48 ساعة الماضية حققت الوحدات الروسية اختراقات كبيرة من الجهات الشمالية والغربية والشرقية في المدينة بحيث قلّصت مساحة ارتكاز القوات الأوكرانية ومجموعة كتيبة آزوف الى نصف مساحة المدينة حيث أصبحت الوحدات الروسية تسيطر على مساحة 80 كلم تقريباً من 160 كلم مربع هي مساحة المدينة الإجمالية .
بالنظر الى جغرافيا المدينة التي يمّر بها نهري كالميوس وكالجيك اللذين يقسمان المدينة الى ثلاثة اقسام شمالية – وشرقية – وغربية وجنوبية غربية بحيث ستضطر القوات الأوكرانية الى تنظيم عمليات دفاع عبر نشر مجموعاتها على ثلاث اتجاهات وهو ما سيعطي القوات الروسية الأفضلية في انتقاء محاور التقدم والمناورة بالنار والقوات .
بالنظر الى انسحاب جزء كبير من القوات الأوكرانية خلال الأيام ال 72 ساعة الماضية من المدينة وتوجهها شمالاً قبل اغلاق مساحات واسعة من الأراضي من قبل الوحدات الروسية فمن المرجّح ان تعمد الوحدات الروسية الى استنزاف القوة المدافعة عن المدينة لفترة قبل بدء عمليات السيطرة عبر القضم وصولاً الى مرحلة الإطباق الكامل .
أهمية السيطرة على ماريوبول تكمن في مسألتين :
- القضاء على اكبر مجموعة متطرفة منظمة في أوكرانيا وهي كتيبة آزوف .
- الربط بين شبه جزيرة القرم وإقليم الدونباس وتالياً الى روسيا عبر شريط واسع من الأراضي وهو ما سيسهل دفع الإمدادات بشكل اسرع الى وحدات الجبهة الجنوبية .
ختاماً : بالسيطرة على مساحات واسعة من الجبهة الجنوبية وبناء خط جبهوي عريض بخلفية ثابتة من المؤكد ان الوحدات الروسية ستتعامل مع باقي الجبهات على هذا الأساس وهو ما سيؤدي الى خسائر اقل في الأرواح والمعدات والى تشتيت جهد القوات الأوكرانية وحرمانها من نمط المفارز الصغيرة الذي استخدمته بمواجهة الأرتال الروسية .