عمر معربوني | كاتب وباحث في الشؤون العسكرية
مواضيع العرض: هل يُعتبر انسحاب روسيا من جبهة كييف نصراً لأوكرانيا؟
ان مقاربة هذا الموضوع تحتاج الى احاطة موضوعية بعيدة عن الإنحياز والعاطفية وتنطلق من مجمل المشهد العام للعملية وليس انطلاقاً من حدث محدد في سياقها ، وهو ما يتطلب ايضاً الأخذ بعين الإعتبار وجهات النظر المخالفة للوصول الى تحديد دقيق لنتائج الانسحاب وأهدافه.
في المعلومات ان اكثر من ثلثي الوحدات الروسية التي انسحبت من جبهتي كييف وتشيرنيغوف لا تزال في أراضي روسيا وبيلاروسيا على الحدود مباشرة مع أوكرانيا بينما يتوجه الثلث الآخر الى الحدود الشرقية مع أوكرانيا.
بما يرتبط بالوحدات التي لا تزال تتموضع في روسيا وبيلاروسيا فهي بالتأكيد ليست قوات دفاعية بل لا تزال قادرة على الإندفاع مجدّداً الى الأراضي الأوكرانية وبسرعة عالية خصوصاً ان القوات الأوكرانية فقدت القدرة على الحركة.
واعتقادي ان الأركان الروسية تنتظر تغير الطقس وبدء الجفاف في الأراضي الموحلة التي شكّلت عائقاً كبيراً امام الوحدات الروسية لتنفيذ المناورات والإنفتاح وهي في حالة الحركة للعودة مجدّداً الى الإندفاع نحو كييف وهو احتمال قائم بنسبة عالية اذا ما وصلت المفاوضات الى طريق مسدود خصوصاً ان تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم كان واضحاً عندما قال ان كييف تتراجع عن التزاماتها التي تعهدت بها في الورقة المقدمة منها خلال جولة المفاوضات في تركيا.
إضافة الى ذلك فإن عودة الوحدات الروسية الى جبهة كييف سيكون بمثابة تأكيد على ان الانسحاب الذي تمّ لإعتبارات سياسية وكبادرة حسن نية سيؤكد ان روسيا لم تكن عاجزة عن استكمال الضغط على العاصمة كييف.
وللوصول الى خلاصة ما اذا كانت روسيا قد خسرت وان أوكرانيا قد حققت نصراً بعد الانسحاب من كييف لا بأس من مقاربة الإحاطة الأميركية الصادرة عن البنتاغون حول الأمر والتي يمكن إختصارها ” بأن الجيش الروسي يعيد نشر قواته خارج المناطق القريبة من كييف، ومناطق أخرى في المنطقة الشمالية الوسطى من أوكرانيا، لكنه لم يرسلها بعد إلى شرق البلاد”.
وفي الإحاطة ايضاً ” ما زلنا نعتقد أنه الوحدات الروسية سيتم تجديدها، وإعادة إمدادها، وربما تعزيزها بقوة بشرية إضافية، ثم إعادتها إلى أوكرانيا لمواصلة القتال في مكان آخر”.
كذلك وردت في الإحاطة جملة تقول ” بينما يثلج الانسحاب الروسي من كييف الصدر ، لكن لا أحد يصف هذا بأنه انتصار أوكراني ، كما لا يعني أن كييف خرجت من دائرة الخطر، لا يزال من الممكن أن تتعرض العاصمة لهجمات جوية وحرائق بعيدة المدى”.
انطلاقاً من التوصيف الأميركي يتأكد ان الانسحاب وان جاء تنفيذه لأسباب سياسية فإن الوحدات الروسية لا تزال قادرة على العودة الى كييف اذا ما وصلت الأمور في الجانب المرتبط بالمفاوضات الى طريق مسدود وهي ما يتوقعه اغلب المراقبين والخبراء ، وتزامن ذلك مع تصعيد غربي إضافي بمواجهة روسيا.
ويبقى ان وزير الخارجية الأميركي صرّح البارحة بأنّ اميركا ستزود الجيش الأوكراني ب 10 منظومات جافلين المضادة للدروع مقابل كل دبابة روسية موجودة في أوكرانيا وهو ما يدّل على ان الأمور تتجه الى مستوى غير مسبوق من التصعيد قد يأخذ الأمور الى منحى مختلف وهو ما سنقاربه في الموضوع القادم لما يشكله التصعيد الأميركي من مخاطر على الأمن العالمي برمّته على الصعد كافة.
خاص موقع العهد الإخباري