عمر معربوني | كاتب وباحث في الشؤون العسكرية
مواضيع العرض: نموذج ادلب في مدينة ماريوبول
كان ملفتاً ما قاله رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع، الفريق أول ميخائيل ميزينتسيف بخصوص القوات الأوكرانية والجماعات المتطرفة المطوقة في المنطقة الصناعية لمدينة ماريوبول والتي باتت تعاني صعوبات كبيرة حيث تعمل الوحدات الروسية وبشكل أساسي القوات الشيشانية على تضييق الطوق حولها واستنزافها لإيصالها الى مرحلة الهزيمة إما عبر تصفيتها او اتاحة الفرصة لها بالإنسحاب.
وممّا جاء في تصريح الفريق اول ميزينتسيف: “بالنظر إلى الحالة الإنسانية الأليمة، وكذلك إلى حقيقة أن الجماعات المتباينة من المقاتلين من التشكيلات القومية المتطرفة ليست خاضعة لسيطرة كييف الرسمية، فإن القوات المسلحة الروسية، واستنادا إلى أسباب إنسانية بحتة، تقترح على وحدات القوات المسلحة الأوكرانية، وكتائب الدفاع الإقليمي والمرتزقة الأجانب، وقفا للأعمال العدائية بدءا من الساعة 06:00 صباح الثلاثاء 5 نيسان/ أبريل 2022 بتوقيت موسكو، وإلقاء الأسلحة والمغادرة على طول الطريق المتفق عليه مع الجانب الأوكراني في اتجاه مدينة “زاباروجيا” إلى الأراضي التي تسيطر عليها كييف، وذلك بغرض إنقاذ المدنيين”.
امام هذا التصريح يبدو تكرار ما حصل مع الجماعات الإرهابية في سورية على وشك البدء كنموذج مكرّر في أوكرانيا عبر ترحيل القوات الأوكرانية المحاصرة حالياً في مدينة ماريوبول او في المدن والبلدات التي ستُحاصر في العمليات اللاحقة.
حتى اللحظة لا يمكن الجزم بأن هذا النمط سيتم تنفيذه في ماريوبول لعدم وجود ردّ اوكراني حول الإقتراح الروسي.
وفي المعلومات ان نقاشاً دار في أروقة دوائر القرار في موسكو حول الخروج بقرار يرتبط بالمحاصرين في ماريوبول وكان النقاش يتركز حول امرين:
1ـ وجود فريق في دوائر القرار الروسية يتبنى فكرة القضاء الكامل على القوات الأوكرانية والوحدات المتطرفة لكي تكون عبرة للقوات الأخرى التي يمكن ان تُحاصر مستقبلاً بهدف التأثير في معنوياتها وادخالها في مرحلة الإنهيار وهو ما يسرّع تحقيق الهزيمة في الجيش الأوكراني والوحدات المتطرفة والمرتزقة التي تقاتل الى جانبه.
2ـ فريقٌ آخر في دوائر القرار الروسية تبنى النموذج الذي اتبعته الدولة السورية برعاية روسية في سورية والقاضي بترحيل الجماعات المحاصرة الى ادلب وهو ما يسرّع في انهاء المعارك بشكل اسرع ويحصر القوات الأوكرانية المنهكة في غرب أوكرانيا على الأرجح.
ويبدو ان القرار اتخذ بتبني رأي الفريق الداعي الى ترحيل الجماعات التي ستُحاصر وهو ما سيتحقق او لا في الساعات والأيام القادمة.
وبمقاربة سريعة للإقتراح الروسي الذي لم يتحقق حتى الآن يبدو الهدف الروسي منه هو عدم إطالة فترة الحرب وعدم تدمير البلدات والمدن التي تنوي وحدات الجيش الروسي دخولها وخصوصاً في إقليم الدونباس حيث ستترتب على إعادة البناء تكاليف ضخمة جداً سيحاول الجانب الروسي تجنبها.
بالمقابل يّدرك الجانب الأوكراني ومن وراءه في الغرب الهدف الروسي وهناك احتمال كبير بعدم الموافقة على الإقتراح الروسي لأن احد اهداف اميركا الرئيسية هي إطالة زمن الحرب واستنزاف روسيا كتمهيد طبيعي لإسقاطها فيما بعد عبر تحميلها أعباء هائلة كنفقات للحرب وما بعدها.
بتقديري اذا تمّ رفض الإقتراح الروسي فمن المنطقي والطبيعي ان الجيش الروسي سيضطّر الى استخدام أساليب وانماط أخرى لتسريع العمليات ربما عبر العودة الى نمط الأرض المحروقة وهو ما سيكون له تبعات مغايرة تماماً لتبعات النمط الحالي الذي يعتمد على استخدام الذخيرة عالية الدقّة لجهة زمن ونتيجة الحرب.
خاص موقع العهد الإخباري