كتب عمر معربوني | تقدير موقف | اليوم 55: مرحلة التحطيم الشاملة للبنية التحتية العسكرية الأوكرانية
عمر معربوني | كاتب وباحث في الشؤون العسكرية
مواضيع العرض | 1ـ انهيار المفاوضات ـ 2ـ مرحلة التحطيم الشاملة للبنية التحتية العسكرية الأوكرانية
1ـ انهيار المفاوضات
على مدى 55 يوماً هي مدّة العملية العسكرية الروسية لم تغب المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا عن المشهد العام للصراع ، لكن هذه المفاوضات لم تشهد حتى اللحظة تقدماً يمكن وصفه بالإيجابي سوى الورقة التي تقدّم بها الجانب الأوكراني في تركيا خلال احدى جولات المفاوضات والتي تضمنت بنوداً اعتبرتها روسيا قريبة من مطالبها وتحق لها أهدافها، وعلى رأسها حياد أوكرانيا وعدم انضمامها الى حلف الناتو، والإستجابة لموسكو بما يخص هواجسها ومخاوفها حول أمنها القومي وعدم تحول أوكرانيا الى خاصرة رخوة تهدد الاستقرار وحسن الجوار.
ورغم هذا التقدم الإيجابي الاّ انّه لم يتم تحويله الى واقع بسبب محاولات اوكرانية متعددة للتملص من تنفيذ بنود الورقة التي يبدو انها لا تنال الرضى الأميركي.
وبوجود عقبات كثيرة تمنع نجاح المفاوضات، الاّ ان أهمها يكمن في “محاولة أميركا إدخال روسيا في حرب الحسابات بأوكرانيا لكي تستخدم كل إمكانياتها العسكرية، وفي المقابل دعم أوكرانيا ومن ثم إطالة أمد الحرب وجعلها مستنقعا تقع فيه موسكو”.
كما يوجد سبب آخر وراء فشل كافة جولات المفاوضات هو تمترس كل طرف وراء موقفه، فكلا الجانبين ينتظران معرفة ما إذا كان هناك أي تقدم على الأرض قبل منح تنازلات.
كما ان انسحاب الجيش الروسي من محيط كييف والجبهة الشمالية قد تم تفسيره في أوكرانيا ومن خلفها أميركا على انه نقطة ضعف تمترس وراءها الجانب الأوكراني وبدأ بالتراجع عن التزاماته التي تقدّم بها خلال جولة المفاوضات في اسطمبول.
على هذا الأساس وفي ظل التوتر الكبير بين روسيا والغرب وعمليات الطرد المتبادلة للديبلوماسيين، والتي تعكس صورة العلاقات التي انحدرت الى أدنى مستوياتها منذ مرحلة الحرب الباردة، وفي ظل التدفق الهائل للأسلحة الغربية الى أوكرانيا لا يبدو ان المفاوضات ستستمر الا بما يتعلق بالجوانب ذات الطابع الإنساني، وعليه فإن انهيار المفاوضات بات مسألة واردة بنسب عالية، وهو ما يأخذ الأمور الى مشهد اكثر قتامة وقد يوسّع نطاق الضربات الروسية ليشمل كل المناطق الأوكرانية بما فيها منشأت البنية التحتية المدنية الرئيسية، وخصوصاً محطات سكك الحديد والمطارات المدنية للتأثير في القدرات الأوكرانية بشكل أوسع .
2ـ مرحلة التحطيم الشاملة للبنية التحتية العسكرية الأوكرانية.
اليوم بتاريخ 19 نيسان/ ابريل 2022 وللمرّة الأولى منذ بدء العملية الروسية ظهر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو على الإعلام وقدّم احاطة كاملة حول العملية واكّد ان انها تسير وفقاً للخطة الموضوعة وممّا قاله: “يقوم الجيش الروسي بتنفيذ المهام التي حددها القائد الأعلى في سياق العملية العسكرية الخاصة. ويجري تنفيذ خطة تحرير جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين بشكل متتابع، وتتخذ التدابير للعودة إلى الحياة السلمية وإعادة الأمن في الأماكن المحررة”.
وتابع قائلا: “إن الولايات المتحدة والدول الغربية الخاضعة لسيطرتها تفعل كل شيء لتأخير العملية العسكرية الخاصة قدر الإمكان. إن الكميات المتزايدة من إمدادات الأسلحة الأجنبية لأوكرانيا تظهر بوضوح نواياها لدفع نظام كييف للقتال حتى آخر أوكراني”.
كما كان ملفتاً خلال الـ 24 ساعة الفائتة عدد المواقع الأوكرانية المستهدفة في يوم واحد والتي جاءت بحسب الناطق باسم الجيش الروسي على الشكل التالي:
استهداف القوات الصاروخية والمدفعية التابعة للقوات الروسية 1260 هدفا عسكريا أوكرانيا، بما في ذلك 25 موقعا للقيادة، وقاذفتا صواريخ من طراز Buk-M1، و 1214 مكانا لتجمعات عسكرية.
ومن بين هذه الأهداف تم قصف وتدمير مواقع لتجميع الأسلحة القادمة من الغرب في لفوف ومحيطها المباشر غرب أوكرانيا، علماً بان مدينة لفوف باتت تجمعاً للناتو وتدار منها العمليات العسكرية والإستخباراتية .
ان العدد الكبير للمواقع الأوكرانية المستهدفة والذي يشمل اهدافاً تكتيكية وعملياتية يؤشر باتجاه بدء مرحلة جديدة يتم فيها استخدام مكثّف للقدرات النارية الروسية، من الواضح ان الهدف منها هو تحطيم شامل لمنشآت البنية التحتية العسكرية الأوكرانية الأولوية فيها للأهداف العسكرية، الاّ ان هذا لا يمنع بدء روسيا باستهداف شامل للبنى التحتية المدنية لشّل قدرة الجيش الأوكراني على التحرك بمرونة، مع الإشارة الى انّ التركيز الآن يحصل في إقليم الدونباس بأولوية واضحة وهي تدمير تحصينات خطي الدفاع الأول والثاني.
هذا الإستهداف يتزامن مع بدء الوحدات الروسية عمليات لتحقيق التماس مع القوات الأوكرانية في العديد من المحاور في الجبهتين الشرقية والجنوبية.
خاص موقع العهد الإخباري