كتب عمر معربوني | تقدير موقف | اليوم 50 : معركة ماريوبول ـ معمل آزوف واسرى الجيش الأوكراني
عمر معربوني | كاتب وباحث في الشؤون العسكرية
مواضيع العرض | معركة ماريوبول ـ معمل آزوف واسرى الجيش الأوكراني
تدرك القيادة الأوكرانية كما القيادة الروسية أهمية معركة ماريوبول في الجانبين العسكري والجغرافي وانعكاس نتائج المعركة على الجانب السياسي بحيث يمكن البدء بالقول اذا ما سقطت المدينة بيد الجيش ما قبل ماريوبول وما بعدها.
من المؤكد ان القوات الأوكرانية على الرغم من الإندفاعة القوية للجيش الروسي تمكنت حتى اللحظة من الصمود والقتال في محاولة لتثبيت نموذج اوكراني تحتذي به باقي القوات الأوكرانية متى تحقق التماس بينها وبين الوحدات الروسية، والهدف طبعاً إرساء وتثبيت قاعدة أساسها الكلفة العالية على الجيش الروسي كلما تقدم الى بلدة او مدينة أخرى.
البارحة استسلم لواء كامل من مشاة البحرية الأوكرانية قوامه 1160 جندي بينهم حوالي 162 ضابط كانوا يقاتلون على جبهة معمل ايليتش، وفي منطقة ميناء ماريوبول بعد ان تم حصارهم لفترة ليست بالقصيرة، علماً ان الإستسلام تم عبر مفاوضات بين قادة اللواء الأوكراني والمخابرات العسكرية الروسية التي أنجزت المهمة ضمن ظروف مشابهة لما حصل في سورية مع الجماعات الإرهابية، وهو الأمر الذي يمكن ان يصبح نمطاً في المعارك اللاحقة حين تتمكن الوحدات الروسية من تطويق أي بلدة او مدينة او قاعدة اوكرانية.
لا شك ان استسلام اللواء الأوكراني سيؤثر على معنويات القوات الأوكرانية، وسيُضعف موقف كييف في المفاوضات ربطاً بما قاله الرئيس الأوكراني منذ أيام عن المصاعب التي ستحدث على المستوى العسكري، وفي المفاوضات عندما تصبح ماريوبول تحت سيطرة الوحدات الروسية بالكامل.
على المستوى العسكري
لا يزال حوالي الفين من “كتيبة آزوف” يقاتلون في منطقة آزوف التي تبلغ مساحتها حوالي 10 كلم مربع وتضم منشآت ومصانع من بينها معمل آزوف ستال الذي تُسمى المعركة باسمه.
وعلى الرغم من تطويق المنطقة بالكامل الاّ انّ الإندفاع الروسي يتم فقط من الإتجاه الشرقي حيث تشكل الواجهة البحرية لمصبّي نهر كالجيك ونهر كلميوس عائقاً امام تقدم مرن للوحدات الروسية، في حين يشكل مجرى النهرين من الجهة الشمالية لمنطقة آزوف عائقاً أمام عبور القوات الروسية وتقدمها نحو منطقة آزوف.
اذن تشكل العوائق الطبيعية حواجز دفاعية يمكن حراستها والدفاع عنها بعدد قليل من قوات “كتيبة آزوف”، ويتم تركيز المدافعة على الجبهة الشرقية بعرض لا يتجاوز 3 كلم وبقوات محصنة بشكل جيد، وبعدد مناسب لتشكيل مُدافعة صلبة إضافة الى نوعية المقاتلين الذين يمتازون بالتعصب القومي والشراسة.
انطلاقاً من معطيات الواقع الميداني وبعد استسلام كامل عديد اللواء الأوكراني بمن فيهم الجرحى سيصبح موقف مقاتلي “كتيبة آزوف” اضعف بسبب ازدياد الضغط الناري والبشري من الوحدات الروسية حيث من المتوقع حسم المعركة بوقت اسرع مما كان عليه قبل الإنتهاء من تحرير منطقة ميناء ماريوبول ومنطقة معمل ايليتش.
وللتذكير تكتسب ماريوبول أهمية جغرافية وستكون بمثابة نقطة الربط بين شبه جزيرة القرم وروسيا عبر أراضي جمهوريتي لوغانسك ودونييتسك إضافة الى إتمام السيطرة على كامل شواطيء بحر آزوف.
وربطاً بما يمكن ان نتوقعه بموضوع السيطرة على الشواطىء فمن المفيد الإشارة الى ان الجيش الروسي يسيطر حالياً على حوالي 70% من شواطىء أوكرانيا على البحر الأسود وسيعمل بتقديري على السيطرة الكاملة على ما تبقى منها وصولاً الى اوديسا، حتى لو تم الأمر عبر الحصار البحريـ وليس بالضرورة عبر العمليات البرية المباشرةـ ما سيخلق وضعاً مختلفاً لمصلحة روسيا على المستويين الاقتصادي والسياسي وسيكون بمثابة نقطة الإنطلاق الى متغيرات جيوسياسية كبيرة تبدو الخشية من حدوثها واضحة في الهستيريا الأميركية والبريطانيةـ والقلقين الفرنسي والألماني الذي بات يعترف بعالم متعدد الأقطاب، وهذا لا شك لم يأتِ من فراغ بل بنتيجة التحولات الميدانية الكبيرة في أوكرانيا.
خاص موقع العهد الإخباري