تحليلات و ابحاثكتاب الموقع

كتب عمر معربوني | تقدير موقف | اليوم 45: احاطة لنتائج العملية الروسية ـ الأبعاد السياسية (1)

عمر معربوني | كاتب وباحث في الشؤون العسكرية

انهت العملية الروسية اليوم النصف الأول من الشهر الثاني، وهو ما يستوجب تقييماً موضوعياً لما حققته من نتائج في الأبعاد السياسية والعسكرية والإقتصادية، وما اذا كانت وجهة النظر الغربية فعلاً صحيحة بما يرتبط بنفي ما تحقق من إنجازات، وان الدليل على إخفاقات العملية عزل قائدها وتعيين قائد جديد للعملية هو الجنرال الكسندر دفورنيكوف الذي تولى قيادة القوات الروسية في سورية.
وبمعزل عن دلالات تعيين قائد جديد للعملية والذي لم تؤكد القيادة الروسية خبر تعيينه بعد، فإن هكذا إجراءات هي امر روتيني وعادي لا يُستدل منه على ان عزل القائد الأساسي وتعيين بديل له ان اهداف العملية قد فشلت.

في أي قضية صراعية سواء كانت سياسية او عسكرية او اقتصادية يتم الإعتماد على النتائج الإجمالية وليس على البروباغندا، وتحليل الجزئيات كما يحصل في وسائل الإعلام الغربية التي تتلقى اوامرها من غرف العمليات التي تُدير الصراع.

وحتى لا أُطيل في تحديد الأطر النظرية التي تُعتمد في اجراء الإحاطة سأدخل في الموضوع بشكل مباشر.

نتائج العملية في البعد السياسي 

من الواضح انّ مرحلة المجاملات السياسية والديبلوماسية المرنة قد أصبحت وراءنا منذ اللحظة الأولى لإنطلاق العملية، ولم يطل الوقت حتى تصاعدت حدّة المواقف التي تحولت الى إجراءات عقابية لروسيا هي اشبه بالهستيريا منها بالسلوك المتوازن الذي يحفظ خط الرجعة وبذلك فإن العملية أحدثت متغيرات يمكن ايجازها على الشكل التالي:

ـ وصول الإنقسام بين روسيا والغرب الى الإنكشاف الكامل ما ادّى الى زوال المنطقة الرمادية، ويهدد العلاقات بالوصول الى القطيعة الكاملة وهو ما لم يحصل حتى في زمن الحرب الباردة لأن المرحلة الحالية في الواقع هي حرب حامية تدور رحاها على الأرض الأوكرانية بين روسيا والغرب وعلى رأسه أميركا.

ـ احباط الخطة الأميركية في تحويل أوكرانيا الى خاصرة رخوة بمواجهة روسيا في لحظة اتخاذ القرار، ومن ثم بدء الوحدات الروسية بالإندفاع داخل الأراضي الأوكرانية عبر عمل عسكري استباقي عنوانه الأساسي حفظ الأمن القومي لروسيا بمواجهة التهديدات الخطرة التي مثّلها السلوك الغربي في السيطرة على القرار الأوكراني وعبر انشاء وتدريب الوحدات القومية المتطرفة.

ـ بدء تحركات جدية ومتسارعة لتشكيل حلف في مواجهة اميركا على رأسه روسيا والصين ودول أخرى متضررة من الهيمنة الأميركية، وهو امر كان مطروحاً سابقاً ولكنه بدأ يسير بوتيرة سريعة بعد انطلاق العملية الروسية، حلف قائم على المشاركة والعدالة بمواجهة النيوليبرالية الجديدة القائمة على الهيمنة ونهب مقدرات الدول والشعوب.

وهنا لا بد من الإشارة الى ان المواجهة في الجانب السياسي تبدلت بشكل جذري، ولم يعد هناك محظورات يمكن تجميدها حيث نشهد كباشاً غير مسبوق في أروقة المنظمات الدولية، وانكشافاً لمدى هيمنة اميركا على قرار الدول والمنظمات، ما يهدد إمكانية انتظام عمل هذه المنظمات لا بل إمكانية تشظيها وانتهائها، وهو ما سيكون بمثابة تحول خطير سيكون بمثابة اعلان بدء تثبيت المتغيرات الجيوسياسية لعالم جديد متعدد الأقطاب، وهو ما يفسّر الهيستيريا الأميركية والأوروبية التي تدرك ان ما يحصل ليس مجرد عمل عسكري موضعي، بل هو مقدمة طبيعية لحدوث تحولات كبرى في بنية العالم بمختلف المجالات.

امر آخر لا بد من الإشارة اليه وهو انّ رهان روسيا على المفاوضات بدأ ينخفض بشكل متسارع، وهو ما تمّ التعبير عنه عبر تصريحات الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف ووزير الخارجية سيرغي لافروف ونائب رئيس مجلس الأمن القومي ديمتري ميدفيديف، وهذا يعني ان وتيرة العمل العسكري المقتصرة حالياً على عمليات قضم بطيئة في إقليم الدونباس، واستمرار عمليات الإستهداف للبنية التحتية العسكرية الأوكرانية لن تبقى على ما هي عليه، وسنشهد بالتأكيد عودة الى العمليات الكبيرة وبشكل خاص في الجبهتين الشرقية والجنوبية.

خاص موقع العهد الإخباري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى