تحليلات و ابحاثكتاب الموقع

كتب عمر معربوني | بدايات الهجوم الأوكراني المضاد: ما إمكانية نجاحه؟

عمر معربوني | خبير عسكري خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية.

نفذ اكثر من 2000 جندي اوكراني منذ يومين حتى لحظة كتابة هذه الإحاطة 25 هجوماً على محاور الجبهة المختلفة، غالبية هذه الهجمات كناية عن استطلاع بالنار بهدف استكشاف القدرات القتالية الروسية وكشف الثغرات ونقاط الضعف في خط الدفاع الروسي.

وحتى اللحظة لا يمكن تحديد النطاق الواضح لاتجاه الهجوم الأوكراني الرئيسي كون العمليات مجرد هجمات صغيرة بحجم سرية ولم تصل الى المناورة بكتيبة وما فوق.
على جبهتي زاباروجيا وخيرسون أنشأ الجيش الروسي خط دفاع متين يتضمن خنادق عميقة لولبية وموانع من أنواع مختلفة، واستنادا لمعلومات جهاز المخابرات البريطاني، لم يشهد العالم مثل تلك التحصينات منذ عقود، فبعد تحليل الآلاف من صور الأقمار الصناعية الجديدة، تأكد وجود آلاف التحصينات الجديدة من خنادق وحواجز مضادة للمركبات على امتداد مئات الكيلومترات في المناطق الحدودية الروسية وفي جنوب وشرق أوكرانيا.

تعلمت روسيا من الهجوم المضاد الأوكراني الناجح العام الماضي، فبعد هجوم خاركوف أدركت روسيا أن الهزيمة ممكنة وأن الأراضي يمكن أن تُفقد مرة أخرى، لذا يركز الروس قبل كل شيء على حفر خنادق عميقة تمكن المقاتل من الوقوف فيها، وجرى دعمها من الأمام بأكياس الرمل والحجارة. والهدف من تلك الخنادق حماية المشاة الروس من الرصاص والشظايا ونيران المدفعية. ويوجد العديد من هذه المواقع الآن على طول الطرق المهمة وبالقرب من المدن الإستراتيجية.

تظهر صور الأقمار الصناعية الغربية أن الروس يريدون قطع الطريق أمام المعدات الأوكرانية الثقيلة باستخدام موانع مختلفة كالخنادق والكتل الخرسانية، على سبيل المثال ما يطلق عليها “أسنان التنين” العائدة لأيام الحرب العالمية الثانية، ويقول مراقبون إن الروس يزرعون حقول ألغام.

وتتركز التحصينات الروسية في الجزء الجنوبي الشرقي من منطقة زاباروجيا، في شرق منطقة العملية العسكرية وفي المنطقة الضيقة التي تربط  شبه جزيرة القرم  باراضي مسرح العمليات.

المشكلة أن تلك التحصينات “انتقائية”، فهي لم تعطل شبكة الطرق شرق ميليتوبول وهذه ثغرة يمكن ان تكون بمثابة مقتل اذا استطاعت القوات الأوكرانية خرق الجبهة في نقطة ضعيفة حيث يمكن للآليات ان تندفع بقوة وتنفذ مناورة احاطة واسعة اعتقد ان الجيش الروسي يأخذها بعين الاعتبار.

عوامل الخطر الأكبر على القوات الأوكرانية ان صور الأقمار الصناعية لا تُظهر أماكن التحشيد الأساسية للجيش الروسي، ولا تبين أماكن تمركز كتائب المدفعية والصواريخ وقوات الدبابات، حيث تتخوف القيادة الأوكرانية من دفع هذه القوات الى نقاط المواجهة في توقيت تختاره القيادة الروسية بالتزامن مع تدخل واسع للطيران العملياتي والإستراتيجي الروسي.

بوجود عمليات تحشيد اوكرانية على اتجاه مدينة بيلغورود يبقى احتمال الاندفاع نحوها قائماً ويبقى ان الهجمات الأوكرانية على باقي الاتجاهات هي مجرد مناورات علماً ان الكثير من المؤشرات يشير الى أن تركيز القوات الأوكرانية على قطاع معين يمكن أن يمنح الأوكرانيين ميزة ويسمح لهم بالتوغل في عمق الأراضي التي تسيطر عليها الوحدات الروسية، وهذا بدوره يمكن أن يضعف التحصينات الروسية في قطاعات الجبهة الأخرى ويربكها ويؤدي بالتالي إلى إحداث اختراق كبير.

لضمان نجاح الهجوم الأوكراني المضاد من المهم أن تمتلك القوات الأوكرانية المهاجمة أنظمة دفاع جوي تكتيكية كافية لحماية القوات المهاجمة بشكل مباشر، مع ضرورة أخذ هذا العامل في الحسبان.

ان الحرب الحديثة تعتمد على هجمات مجموعات صغيرة قادرة على المناورة بشكل كبير، ومعركة خاركوف تؤكد الأمر، فقد اخترقت مجموعات سريعة الحركة الثغرات بين التحصينات والخنادق ولم تتدخل في القتال، بل كانت مهمتها إحداث حالة من الفوضى والذعر بين القوات الروسية، ومن ثم تولت مجموعة الهجوم الرئيسية مهمة الاندفاع والسيطرة.

في الهجوم او الدفاع ان توفر إرادة القتال لدى المقاتل تبقى العامل الأساسي الى جانب التسليح والتدريب، وهنا يبرز السؤال المركزي: من يمتلك إرادة القتال اكثر: الجيش الروسي او الأوكراني؟

المصدر | العهد الإخباري

https://www.alahednews.com.lb/article.php?id=53872&cid=175

عمر معربوني

رئيس تحرير موقع المراقب - باحث في الشؤون السياسية والعسكرية - خبير بالملف اللبناني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى