كتب عمر معربوني | الحريري في زيارة وداعية وتيار المستقبل اكبر الخاسرين .. ماذا بعد ؟

عمر معربوني | رئيس تحرير موقع المراقب

عندما نتكلم عن لبنان لا نستطيع تجاوز ما يحصل في الإقليم فالمواجهة واحدة وطرفيها مأطرين في محورين واضحين :

يقاتل محور الهجمة في هذه المرحلة تحت عنوان الإبراهيمية ( الدين الجديد ) كحاضن لمشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني ضمن آليات جديدة عامودها الفقري الاقتصاد والإعلام عبر الحصار المعلن ( في سورية واليمن وغزة ) والمبطّن في لبنان في محاولة لفرض ميزان قوى يتعارض مع طبيعة التحولات التي انتجها الميدان العسكري .

في حين ان محور المقاومة يواجه في هذه المرحلة تحت عنوان وحدة الإرادات والجبهات وبات يمتلك فائضاً في معادلات الردع العسكري استطاعت حتى اللحظة ان تُنتج خطاً بيانيا صاعداً لمصلحتها بما يرتبط بمجمل الصراع .

من مأرب الى بيروت مروراً ببغداد يزداد لهيب المواجهة وتتصاعد حدّة الفوضى وتبدو الأمور في العراق اكثر تسارعاً للهرولة نحو الفوضى بينما تجري المحاولات يوماً بعد يوم لإغراق لبنان في الفوضى المتنقلة تحت ضغط ازمة ثلاثية الأبعاد : سياسية واقتصادية وامنية تشارك في انتاجها الناهب الدولي ممثلاً برأس الشر اميركا وغالبية الطبقة السياسية اللبنانية والأساليب متنوعة والطرقات كلها تؤدي الى طاحونة واحدة هدفها نزع سلاح حزب الله .

إزاء هذا الوضع شديد الحساسية نبشت السعودية تصريح الوزير جورج قرداحي واستخدمته ذريعة للضغط على لبنان وأطلقت حملة استنفرت لها كامل جوقتها السياسية والإعلامية والشعبية مهددة بالويل والثبور وعظائم الأمور ان لم يستقل القرداحي ومن ثم الحكومة كلها ضاربة بعرض الحائط كل الأعراف الدولية وحقوق الإنسان وحرية التعبير ومارست بحق لبنان كل أنواع الفجور السياسي والإعلامي والأخلاقي لدرجة ان الإعلام السعودي وصف السياسيين في لبنان بورق التواليت .

واستقال الوزير قرداحي ولم يتغير شيء لا في الشكل ولا في المضمون فالعارفون بدقائق الأمور يعرفون ان القصة ليست قصة رمانة بل ” قلوب مليانة ” تعكس في مكان ما الإحراج الذي تعيشه السعودية بسبب اقتراب ” الحوثيين ” من بوابات مأرب وما يمثله تحرير المدينة من نقلة نوعية ستؤسس لمتغيرات جيوسياسية من مأرب الى بيروت لا بل الى قلب فلسطين لاحقاً .

 في الوضع اللبناني : نصّبت السعودية رئيس حزب القوات اللبنانية وكيلاً لها في إدارة الشأن اللبناني وادارت الظهر لكل ادواتها السابقين وهمشتهم بدءاً من اعتقال رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وصولاً الى الإستقبال البارد لمفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان خلال موسم الحج ، وحصرت كل ما يتعلق بالسعودية من مصالح في لبنان بسمير جعجع من اكبر الأمور الى اصغرها بما فيها الحصول على سمات الحج التي كانت حصراً بيد الرئيس سعد الحريري ودار الفتوى .

وحتى تتحكم السعودية بقرارات الرئيس سعد الحريري فقد فرضت عليه إضافة الى تدميرها الكامل لأمبراطوريته المالية ( سعودي اوجيه ) وكل ما يرتبط بها من شركات .

وانطلاقاً ممّا تقدّم وربطاً بما تم تسريبه حول نية الرئيس سعد الحريري عدم الترشح للإنتخابات وعدم تشكيل لوائح وان الحريري سيزور لبنان قريباً ويعلن مواقف صارخة ضمن شعارات صاخبة يعلن فيها مقاطعته للإنتخابات اللبنانية وهو ما سيشكل له مخرجاً لعدم رغبته في خوض الانتخابات  باتت كلها وراء ظهرنا ، فالحريري العائد الى بيروت تبدو زياراته لضريح والده وللسرايا الحكومي وللمفتي دريان واجتماعه بقيادة تيار المستقبل بما يشبه الزيارة الوداعية ليترك كل شيء ويعود الى حضن مستضيفيه الإماراتيين ويكمل ما بدأه  كرجل اعمال لجمع ما يجب من أموال لتسديدها للسعوديين والإماراتيين .

في الأسبوعين القادمين سيكون مستوى اللهيب في المنطقة ولبنان متصاعداً وستبدو الأمور اقرب الى الجحيم فالسعودية المهزومة في اليمن لن تتوانى عن حرق الأخضر واليابس وهو ما يمكن ان يؤدي الى تطورات كبيرة وخطيرة سيكون لها تداعيات ستفضي الى البدء بأنهاء النفوذ الأميركي والخليجي وهو ما تخشاه بعض دوائر القرار الأميركية وحذرت منه مراراً من خطورة الدفع بلبنان والمنطقة الى الفوضى الشاملة والتي سيكون ثمنها رأس الأميركيين والخليجيين وهو احد الإجراءات الحتمية التي سيعتمدها حزب الله اذا ما دفعت السعودية الأمور نحو الفوضى والتفجير .

ختاماً لا بدّ من التأكيد انّ الانتخابات الموعودة في لبنان ان حصلت ستكون على حساب تيار المستقبل اكبر الخاسرين وستؤدي نتائجها الى مزيد من الإنقسام والإحباط في البيئة السنية فالواضح ان السعودية حسمت امرها وثبتت مرجعيتها الجعجعية والثمن تصفية الحريرية السياسية وهو امر لا يقل وحشية عن قتل الخاشقجي فكلا الأمرين قتل احدها بالمنشار والثاني بالتصفية السياسية . وللحديث تتمة

 

 

Exit mobile version