عمر معربوني | باحث في الشؤون العسكرية والسياسية – رئيس تحرير موقع المراقب
تعريف: محطة زابوروجيا الواقعة في جنوب أوكرانيا هي أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، وواحدة من أكبر 10 محطات للطاقة النووية في العالم، تحتوي على 6 مفاعلات نووية، وقعت تحت سيطرة القوات الروسية في آذار/مارس 2022.
تقع محطة زابوروجيا للطاقة النووية في مدينة إنيرغودار بجنوب أوكرانيا على بعد نحو 150 كيلومتر شرقاً من حدود جمهورية دونيتسك في إقليم الدونباس.
في العام 1977 أُتخذ القرار ببناء المحطة لتبدأ أولى عمليات البناء في العام 1980 ويتم تسليم مفاعل الوحدة الأولى في العام 1985 وتنتهي مرحلة بناء المفاعلات الستة التي تضمها المحطة في العام 1996 مؤمنة 20% من حاجة أوكرانيا للكهرباء.
في 4 اذار/ مارس 2022 وخلال تنفيذ الجيش الروسي للعملية العسكرية الخاصة، استطاعت وحدات خاصة روسية ان تسيطر على المحطة، وان تؤمّنها أمنياً وتقنياً باستثناء حادثة واحدة في بداية عملية السيطرة بنتيجة قصف اوكراني ادّت الى حريق في المنشآت الخارجية للمحطة تمت السيطرة عليه بشكل سريع.
في الآونة الأخيرة تتكرر عمليات قصف المحطة من قبل القوات الأوكرانية، وبشكل شبه يومي، ما يشكّل مخاطر كبيرة، علماً بأن الصواريخ التي استخدمت في عمليات القصف بالمرحلة الأولى كانت من طراز “اوراغان” في حين ان عمليات القصف الأخيرة تُستخدم فيها صواريخ “هيمارس” الأميركية.
ابتزاز لاستدعاء قوات دولية
حتى اللحظة يبدو الإستهداف بالقصف الصاروخي نوع من الإبتزاز لروسيا، فقد ترافقت عمليات القصف مع تصريحات لرئيس مؤسسة الطاقة النووية الأوكرانية بترو كوتين طالب فيها بضرورة نشر فريق من قوات حفظ السلام وخبراء من مختلف الوكالات الدولية، وإخراج القوات الروسية من المحطة النووية.
وزعم كوتين إن وجود عناصر لحفظ السلام في المنطقة ونقل السيطرة عليها إليهم، ثم نقل السيطرة على المحطة إلى الجانب الأوكراني بعد ذلك، سيحلّ هذه المشكلة.
تبدو الأهداف الأوكرانية بهذه التصريحات ومن ورائها الغربية واضحة، وهي تسجيل نصر على روسيا، ولكن هذا مجرد حلم افتراضي لن يتحقق، لأن موسكو تعلم علم اليقين ان تسليم المحطة لأي جهة غير الجيش الروسي سيكون بمثابة هزيمة ووقف للعملية العسكرية الخاصة برمتها عند الحدود التي وصلت اليها.
أوكرانيا من جهتها تحاول طرح الموضوع كمسألة سيادية فاذا ما تحققت عودة المحطة للسيادة الأوكرانية سيكون بمثابة نصر كبير يقوّض اهداف العملية الروسية الخاصة.
تقنياً : من المؤكد ان حدوث انفجار في احد مفاعلات المحطة سيؤدي الى كارثة كبيرة، أكبر وبأضعاف مما حصل في تشيرنوبيل، وستلحق اضرار كارثية بما لا يقل عن 6000 كلم مربع من محيط المحطة، إضافة الى تمدد السحابة الإشعاعية لمسافة بين 400 الى 700 كلم في كل الإتجاهات، ما يعني ان جنوب أوكرانيا الذي تسيطر الوحدات الروسية على مساحات واسعة منه، إضافة الى جزيرة القرم، وكامل منطقة الدونباس، وشمالاً حتى منتصف أوكرانيا ستكون مناطق خالية بنسبة كبيرة من الحياة لفترة طويلة نسبياً.
وبالإضافة الى المناطق المذكورة فإن البلدان المطلة على البحر الأسود ستتأثر ايضاً من السحابة الإشعاعية وبذلك يمكن القول ان الجميع في هذه الحالة هو خاسر.
السؤال المطروح بشدّة: هل سترضخ موسكو لهذا الإبتزاز؟
الجواب: لا.. بالتأكيد لن ترضخ موسكو وستحوّل هذا الإبتزاز الى خسارة كبيرة لكل من أوكرانيا والغرب وعلى رأسه اميركا، فمن المعروف ان المحطة تعتمد على الوقود الأميركي منذ سنوات وهذا يعني خسارة الولايات المتحدة لمئات ملايين الدولارات، وخسارة أوكرانيا لـ 20% من قدرة توليد الكهرباء الحالية، وهذا مرتبط طبعاً باتخاذ موسكو القرار الذي لا بدّ منه في النهاية وهو إطفاء المفاعلات، واتخاذ اجرارات قاسية بنقل الوقود النووي الى داخل روسيا وحينها فقط لن يشكل القصف الأوكراني أي مخاطر.
فهل تُقدم موسكو على إطفاء المفاعلات واخمادها؟
بحسب المعلومات يعمل الآن مفاعلين من اصل المفاعلات الستة وتؤمن فقط 6% من قدرة التوليد الكهربائي الكاملة وهي 20% من حاجة أوكرانيا.
وبناء عليه، من المؤكد ان روسيا قد تُقدم على هذا الإجراء، ويمكنها ببساطة خلال فترة قصيرة وصل المناطق التي سيطرت عليها بشبكة الكهرباء الروسية لتحوّل بذلك التهديد الى فرصة، ويتم تقويض كل المحاولات الأميركية والأوكرانية التي تبتّز روسيا، والإستمرار بتنفيذ خطط العملية العسكرية كما هو مخطط، وهي عمليات ستشهد تسارعاً في الفترة القادمة بعد انتهاء فترة الإستراحة التي مُنحت لقوات المشاة بعد تحرير كامل جمهورية لوغانسك، والتي لم تتوقف خلالها عمليات تحطيم القدرات العسكرية الأوكرانية بواسطة الطيران والمدفعية والصواريخ، والتي تؤدي يومياً الى خسائر ضخمة في العديد البشري والوسائط القتالية للجيش الأوكراني وخصوصاً في مناطق خطوط القتال ضمن جمهورية دونيتسك .
العهد الإخباري