عمر معربوني | باحث في الشؤون السياسية والعسكرية
بحلول الـ 24 من حزيران/ يونيو 2022 يُنهي الجيش الروسي شهره الرابع على بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا والمستمرة بوتيرة يصفها ساسة وخبراء الإعلام الغربي بالبطيئة، بينما تؤكد مصادر القيادة الروسية وعلى رأسها وزارة الدفاع انها تسير وفق ما هو مخطط لها من الألف الى الياء.
في هذه المقالة سيقتصر العرض على احاطة عامة على ان يليها بالتتابع مقالات تفصيلية للوضعية العسكرية والسياسية والإقتصادية.
في بداية العملية العسكرية اعتقد الكثير من الخبراء انّ العملية ستكون خاطفة وسريعة وستؤدي الى انهيار مؤسسات أوكرانيا وعلى رأسها الجيش ووحدات الدفاع الإقليمي وكتائب النازيين الجدد والتي تحمل أسماء مختلفة.
في حين انّ عدداً قليلاً من الخبراء كان مدركاً ان العملية ستأخذ وقتاً ليس بالقصير بالنظر الى مجموعة من العوامل أهمها:
ـ عدد القوات الروسية المحدود والذي لم يتجاوز الـ 130 الف ضابط وجندي.
ـ عدم رغبة الرئيس بوتين برفع وتيرة العمليات عبر استدعاء الإحتياط واقتصارها على الوضعية الحالية لأسباب سياسية داخلية.
ـ ترك الجزء الأكبر من وحدات الجيش الروسي في أماكن تموضعها الأساسية.
بالنسبة لإتجاهات الإندفاع انطلقت الوحدات الروسية على ثلاثة اتجاهات:
ـ اتجاه الشمال على محوري كييف وتشيرنيغوف
ـ اتجاه الشرق على محاور خاركوف وسومي وإقليم الدونباس
ـ اتجاه الجنوب على محوري خيرسون وزابوروجيا
1ـ على اتجاه الشمال كان واضحاً للقليل من الخبراء ان الجيش الروسي ينفذ مناورة جذب وتثبيت للقوات الأوكرانية من خلال الإيحاء لجميع المعنيين بالوضع في أوكرانيا وفي الغرب ان التهديد الرئيسي لتقدم وحدات الجيش الروسي يرتبط بالسيطرة على العاصمة كييف، خصوصاً ان عملية التموضع الأولى حصلت في تشيرنوبيل وضواحي تشيرنيغوف شمال شرق وغرب العاصمة، ومن ثم كان البدء بدفع القوات نحو غوستوميل واربين وصولاً حتى ماكاريف شمال غرب كييف، ووصول الوحدات الروسية الى ضاحية بروفاري شرق كييف، ما اجبر القيادة الأوكرانية على سحب عشرات الوحدات العسكرية من جبهتي الشرق والجنوب لتعزيز الدفاع عن العاصمة ومن بين هذه الوحدات اكثر من نصف وحدات النخبة التي كانت تتمركز في جبهة إقليم الدونباس.
وبتحقق عملية الجذب وتثبيت القوات الأوكرانية كان الجيش الروسي يعمل على خطة منع القوات التي تمركزت في محاور الشمال من القدرة على تنفيذ الحركة مجدداً، وهو ما لا يزال مستمراً حتى اللحظة بسبب السيطرة شبه الكاملة لسلاح الجو الروسي والرقابة العالية لقوات الإستطلاع الروسية والإستهداف الدائم للوسائط القتالية لهذه الوحدات، لمنعها من إعادة تنظيم تشكيلاتها وابقائها في أماكن تموضعها والحد من قدرتها على تقديم الدعم على الجبهة الرئيسية التي انتقل اليها جهد الجيش الروسي بعد الانسحاب من كامل مواضع السيطرة في الشمال والشمال الشرقي.
2ـ على الجبهة الشرقية نفذّت وحدات الجيش الروسي إعادة تموضع وابقت على بعض وحداتها قريبة من شمال مدينة خاركوف، وعززت الإندفاع نحو الجنوب على جبهتي “روبيجنايا” و”ايزيوم” بشكل أساسي وهو ما ادّى الى تطوير العمليات نحو “سيفيرودونيتسك” وهي العمليات المستمرة بالتزامن مع عمليات بدأت من الجنوب كانت السيطرة خلالها على “ماريوبول” و”فولنافاخا” نقاط الإرتكاز الرئيسية.
3ـ على اتجاه الجنوب حققت وحدات الجيش الروسي القسم الأكبر والأهم من العملية الذي تمثل بالسيطرة الكاملة على شواطيء بحر آزوف ومساحات واسعة من مقاطعتي خيرسون وزابوروجيا، إضافة الى السيطرة على مينائي ماريوبول وبرديانسك على شواطيء بحر آزوف والسيطرة على اكثر من 50% من شواطيء أوكرانيا على البحر الأسود، إضافة الى تأمين شبه جزيرة القرم وربطها برياً عبر إقليم الدونباس بعمق آمن وكبير.
ختاماً: يمكن القول انّ ما تقدّم يشكل عناوين أساسية لإحاطات واسعة سيتم استعراضها في الأيام القادمة من جوانبها المختلفة علماً بأنّه لا بدّ من الإشارة الى ان الزخم الأساسي للمعركة يحصل في منطقة قوس الدونباس، والتي سنستعرضها لاحقاً بالتفصيل لتقديم توقعات حول مسار العملية والنتائج التي ستحققها على المستوى العملياتي والإستراتيجي على الرغم من ان اغلب العمليات الحالية ذات طابع تكتيكي ما يعني ان القيادة الروسية اعتمدت نمط النصر بالنقاط وليس بالضربة القاضية وهو ما سنقاربه ايضاً بتوسع ودقة.
خاص العهد الإخباري