كتب علي كوثراني | عن هذه الجولة وما بعدها إعادة الاعتبار لجوهر الصراع ضرورةٌ لفهم الحاضر واستشراف المستقبل

علي كوثراني | كاتب وباحث لبناني

إنَّ إعادة الاعتبار لجوهر الصراع وطبيعته وحدها الطريقة العلميَّة المؤدِّية إلى فهمٍ صحيحٍ للحاضر وما نشهده فيه مِن مجريات هذا الصراع وخصائص المرحلة التي بلغها ووتيرة تطوُّره ووجهتها، وهذا الفهم الصحيح هو ما يُبنى عليه استشراف المستقبل لاستنتاج المدَّة الباقية مِن عمر هذا الصراع وطبيعة خاتمته وتداعيتها.

لا بدَّ مِن الإشارة بدايةً إلى أنَّ مصطلح “الصراع العربيِّ-الإسرائيليِّ” هو أحد المصطلحات الخدَّاعة التي صيغت بعنايةٍ وخبثٍ منذ عقودٍ، قد سقط الآن نهائيًّا بعد هذه الجولة المفصليَّة مِن تاريخ أمَّتنا، والتي عرَّت كلَّ الحقائق على الملأ، بشكلٍ صار فيه طمسها أو الالتفاف حولها منقصةً وشبهةً. كما سبق وأن سقطت عنوانينُ كثيرةٌ لهذا الصراع تعدَّدت وتنوَّعت بتعدُّد وتنوُّع مشاريع الهيمنة التي استهدفت بلادنا، ففرض هذا التطوُّر الأخير أيضًا استبعاد كلَّ نقاشٍ أو تداولٍ لها.

إذ ليس الصراع مع إسرائيل بذاتها أو لذاتها، ولا معها وحدها، بل مع كلِّ الوجود الغربيِّ في بلادنا بكافَّة أشكاله، ومع معظم دول الغرب كما ظهر جليًّا، سواء كان لهذه الدول في بلادنا قواعدَ عسكريَّةً لها أم لم يكُن. ولا تُغيِّر مِن هذا الأمر شيئًا، في رأيي، حالات الاعتراض الشعبيَّة التي ظهرت في هذه الدول طالما لم تقُم هذه الحالات بتأطير نفسها لفرض تموضعٍ جديدٍ على دولها في هذا الصراع العالميِّ يتعدَّى الجُمَل الإنشائيَّة والمواقف الاحتوائيَّة المتأخَّرة، وهو ما استبعد حدوثه قبل انهيار الإمبراطوريَّة المركز على أيِّ حالٍ.

وليس العرب عربًا واحدةً، ولا هم على قلبٍ واحدٍ، ولا هم واقفين على ضفَّةٍ واحدةٍ مِن ضفَّتي الصراع، بل هم عربان: (١) عرب التقدُّم والمقاومة والتحرُّر، وهم رجال وحدة الساحات وحواضنهم ومَن وقف معهم على وجه الخصوص ولو ولو بكلمةٍ أو دعاء، ولا أقصد هنا جمع المتباكين على غزَّة وأهلها غير الداعمين لرجالها. (٢) وعرب الرجعيَّة والتبعيَّة الذين واكبنا تطوَّر عمالتهم وسفالتهم مِن إصدار بيانات الشجب الكاذبة، إلى محاصرة حركات المقاومة والعمل العمل الأمنيِّ ضدَّها وشيطنتها، إلى إصدار بيانات الإدانة ضدَّ حركات المقاومة علنًا، إلى الترويج للتطبيع والدخول فيه أفواجًا، وصولًا إلى المشاركة العسكرية العلنيَّة مع الكيان الغاصب وصدِّ ضربات المقاومين عنه أمام أعين الأمَّة جمعاء في هذه الجولة.

وليس الرجعيُّون العرب، أتباع الغرب ومنظومة هيمنته، محصورين في تشكيلات الأنظمة العربيَّة فقط، بل منهم السواد الأعظم مِن النخب العربيَّة، وجزءٌ وازنٌ مِن الشعوب العربيَّة أيضًا. (١) منهم أولئك الذين لا يستجيبون لنداءات النصرة ولا يضغطون على أنظمتهم ليس لضعفٍ في أسماعهم بل لأنهم يؤيِّدون أنظمتهم في تموضعها المعادي، وأخصُّ منهم بالذكر مَن أغرِقوا بالريوع النفطيَّة دون باقي العرب واستطابوا الترف والبطر وفهموا أن نمط معاشهم هذا يعتمد على بقاء الهيمنة ومنظومتها. (٢) ومنهم أولئك الذين فقدوا الإحساس بعد أن خدَّرتهم أمواج الضعف والعوز والضياع واليأس والجبريَّة التي تلاطمهم، فاستسلموا (إلى حين)، ولكنَّهم لم يموتوا بدليل خروج بطلٍ منهم مِن حينٍ إلى آخر، ومع ذلك لن يقوموا إلَّا بعد أن تبرز منهم نخبةٌ تحرُّريَّةٌ تقودهم وتوجِّههم.

وليس العرب بشقَّيهم، ولا الصهاينة ومعهم مجمل الغرب وحدهم أطراف الصراع في منطقتنا، فإيران وتركيا غير العربيَّتين وغير الغربيَّتين – على سبيل المثال – طرفان أساسيَّان في هذا الصراع، وكلُّ منهما على ضفَّة مِن ضفَّتي الصراع مقابلةٌ للأخرى.

وليس الصراع بين المسلمين وغير المسلمين أيضًا، فتركيا الحديثة بنسختها الاخوانيَّة، التي امتهنت النطق باسم المسلمين وأمَّتهم وتوظيف قضاياهم للابتزاز والمزاودة، والرجعيُّون العرب معها، بالرغم مِن حساسيَّة بعضهم من تركيا الناتجة عن تنافسهم معها على قيادة منظومة الهيمنة في الإقليم لصالح الإمبراطوريَّة، هم مِن المسلمين أيضًا، وهم جميعًا مِن أركان منظومة هيمنة الإمبراطوريَّة في بلادنا.

ولا الصراع طبعًا بين السنَّة والشيعة، ففي إيران نفسها تيَّاران شيعيَّان متصارعان، واحدٌ ثوريٌّ يؤسِّس لتقويض منظومة الهيمنة في المنطقة والعالم، وصل لأن يُنظِّر ويُحضِّر لعالم “ما بعد أمريكا”، وأخرٌ “براغماتيٌّ” يسعى لوضع مكتسبات الثورة على طاولة التفاوض مع قوى الهيمنة مِن أجل الاستحصال على أدوارٍ كيانيَّةٍ إيرانيَّةٍ في الإقليم ضمن منظومة الهيمنة فيه وعلى حصَّةٍ أكبر مِن ريوع النفط. وفي العراق حدِّث ولا حرج، وفي لبنان كذلك.

وليس التقدميُّون العرب ومعهم إيران وحيدين على الضفَّة المقابلة للهيمنة في الصراع على منطقتنا، بل معهم الصين وروسيا وغيرها مِن الدول الصاعدة. كما أنَّهم ليسوا حصرًا أطرافًا في الصراع على منطقتنا، بل أطرافٌ بالضرورة في الصراع على العالم كلِّه بين الإمبراطوريَّة الناهبة المهيمنة والقوى الصاعدة بوجهها.

واستطرادًا، ليس الصراع طبقيًّا، إذ لا تنقسم مجتمعاتنا العربيَّة أفقيَّا إلى طبقاتٍ تتصارع فيما بينها على فائض القيمة وملكيَّة وسائل الإنتاج، بل تنقسم عاموديًّا إلى قبائلَ وعشائرَ وعائلاتٍ موسَّعةٍ وطوائفَ وإثنيَّاتٍ تتنافس فيما بينها على لعب دور ناطور المصالح الغربيَّة في كلِّ كيانٍ مِن أجل الفوز بامتيازاتٍ مِن قوى الهيمنة بحصريَّة توزيع فتات الريوع المّتأتِّيةٍ مِن بيع الموارد الخامِّ بأقلِّ مِن قيمتها الفعليَّة بكثير… وهذا هو الشكل العصريُّ للنهب الخارجيِّ الذي أوجِدت الهيمنة لأجل القيام به عبر التحكُّم بإمكانيَّة وكيفيَّة استخراج ثراوتنا وتعيين مَن سيستخرجها ومتى، والسماح لنا بأن “نبيع” ثرواتنا فقط دون استثمارها، والسهر لضمان ألَّا يتمُّ “البيع” إلَّا إذا شاءت ومتى شاءت ولِمَن شاءت وبالكميَّة التي تحدِّدها وبعملتها وبالسعر البخس الذي يناسبها، ثمَّ تحديد ما يمكن أن نقبضه مِن الريع وما سيبقى في مصارفها، وتعيين ما سنستورده بما قبضناه وممَّن وبأيِّ سعرٍ باهظٍ، وكيفيَّة ووجهة استثمار ما بقي عندها وإلى متى. فلا رأسماليَّةٌ في بلادنا ولا طبقاتٌ ولا وسائلُ إنتاجٍ ولا إنتاجٌ ولا مَن يُنتجون.

فالصراع صراعٌ مع الإمبراطوريَّة الناهبة إذًا، مع منظومة هيمنتها العالميَّة عمومًا، ومع منظومتة هيمنتها الفرعيَّة في منطقتنا بشكلٍ مباشرٍ. وليست إسرائيل إلَّا ركنًا مِن أركان هذه المنظومة الإقليميَّةذ الفرعيَّة، بالتوزاي مع ركن تركيا الحديثة، وركن تجزئة بلاد العرب وسوقهم وثرواتهم، وركن اقتصاد الريع العربيِّ، وركن الرجعيَّة العربيَّة، وركن النخب العربيَّة المتغربنة، ودعائمَ أخرى لا مجال لتعدادها الآن.

وهو مِن جهتنا صراع تحرُّر شعوبٍ مضطهدةٍ منهوبةٍ مخنوقةٍ تريد الانعتاق مِن الهيمنة والنهب لكي تحيا وتنهض: صراع تحرُّرٍ وطنيٍّ. ومِن جهتهم هو صراعٌ للحفاظ على استمرار النهب، القائم على السيطرة والقتل والتشريد والتجويع والخنق، والذي يموِّل أنماط عيشٍ قامت على هذه استغلال هذه الثروات المنهوبة: صراعٌ إمبرياليٌّ.

هو صراع حياةٍ أو موتٍ بالنسبة لكلٍّ مِن طرفيه، فلا شعوب المنطقة بغالبيَّتها قادرةً على البقاء على قيد الحياة بشروط الإمبراطوريَّة وهيمنتها التي لم تعُد تلحظ حاجتها النباتيَّة حتَّى، ولا عاد استسلامها خيارًا “واقعيًّا” بعد كلِّ ما راكمته بنضالها الشاقِّ مِن أسباب القوَّة. فنظرةٌ واحدةٌ إلى أحوال معظم سكَّان لبنان وسورية وفلسطين واليمن تكفي لفهم أنَّ العيش في هذه الكيانات أصبح شبه مستحيلٍ بهذه الشروط ولا أفق له. وإذا كانت حُجَّة البعض أنَّ معاداة الإمبراطوريَّة تجلب الفقر والموت، فمَن قال أنَّ حكومة لبنان وسوريا والضفَّة وبعض اليمن يعادونها؟ وإذا كان الإذعان الكامل هو الضمانة، فما مبرِّر حال سكَّان الأردن ومصر والسودان وليبيا وغيرهم؟

ولا الإمبراطوريَّة التي ضعفت تملك الآن مِن القوَّة ما يجعلها قادرةً على فرض شروطها. ولكنَّ الأخطر هو تداعيات ظروفٍ ضاغطةٍ لا فكاك منها تواجه هذه الإمبراطوريَّة، سواء كانت ظروفًا “داخليَّةً” متعلِّقةً بازدياد حاجاتها معذ الانفجار الاستهلاكي التي سعت إليه بنفسها، أو بتصدير صناعاتها إلى الخارج تماشيًا مع توجُّهات الرأسماليَّة الماليَّة، أم كانت ظروفًا عالميَّةً متعلِّقةً بنهوض منافسين أقوياء يتحرَّرون يومًا بعد يومٍ مِن هيمنتها ونهبها نتيجةً لاستفادتهم مِن فرصة نقل صناعاتها إلى بلادهم (كمثل الصين)، أو ببساطةٍ لأنَّهم وعوا ولو متأخِّرًا أن لا معاش ولا دور ولا مكان لبلادهم في ظلِّ هيمنة الإمبراطوريَّة (كمثل روسيا).

وجه الخطورة فيما أسلفت، هو أنَّ الإمبراطوريَّة مع هذه الظروف الضاغطة، بالإضافة إلى عجزها عن فرض شروط هيمنتها على منطقتنا بالقوَّة، صارت أيضًا عاجزةً عن تعديل تلك الشروط إن أرادت التسوية، الأمر الذي سيودي بمنظومتها الإقليميَّة طحنًا تحت وطأة أدوارٍ ثقيلةٍ تشتدُّ حاجة الإمبراطوريَّة إليها في وقتٍ لم تعُد تلك الأدوات تقوى على القيام بها، الأمر الذي سيؤدِّي إلى اختلالٍ يعطب منظومة هيمنتها العالميَّة ويقوِّض الإمبراطوريَّة على رؤوس أصحابها وأتباعها في العالم.

ذلك في رأيي هو الركيزة التي انطلق منها لاستشراف مستقبل منطقتنا. وإنِّي لذلك أرى أنَّ هذا الصراع تناحريٌّ وذاهبٌ بالضرورة إلى أقصاه، وأنَّنا في مراحلَ متطوِّرةٍ جدَّا منه، إن لم نقُل في مراحله الأخيرة. ولا أظنُّ أنَّ الرغبة بحدِّ ذاتها، سواء توفَّرت عند كلِّ الأطراف أو عند أحدهم فقط، كافيةٌ لتُشكِّل أرضيَّةً صلبةً لأيِّ تسويةٍ في ضوء ما أسلفته، فما قد تطلبه القوى الصاعدة ثمنًا للتسوية يزداد يومًا بعد يوم نتيجة قوَّتها، وما يمكن أن تعطيه الإمبراطوريَّة قد تقلَّص ووصل إلى حدِّ الصفر نتيجة ضعفها.

لقد اشتدَّ عود الشعوب المضطهدة والقوى الصاعدة وتكاثرت وتكاتفت على الإمبراطوريَّة الهرمة وأدواتها المتهالكة، وزرعت لها في كلِّ أقاليم العالم تقريبًا ما يكفي مِن الشوك لاستنزافها بشكلٍ دائمٍ ومتزايدٍ بالتزامن مع تضييق رقعة نهبها يومًا بعد يومٍ، إلى حدٍّ صار فيه نزيفها يفوق نهبها، وصار مِن المنطق أن نقول أنَّذ شمس هذه الإمبراطوريَّة قد أفلت وأنَّ التاريخ قد أشاح بوجهه عنها، ومِن هنا أصبحنا نجد القوى الصاعدة تعبِّر بوضوحٍ عن اقتناعها بأنَّ التحضير لعالم “ما بعد أمريكا” أجدى مِن التسوية معها.

ومع ذلك، فإنَّ الصراع لم ينتهِ بعد، وإن بلغ مراحلَ متقدِّمةً جدًّا، وقد تكون الهدن وحدها الممكنة في هذه المرحلة نظرًا لحاجة كلِّ الأطراف إليها مِن وقتٍ إلى آخر لإحصاء الأضرار واستجماع القوى وإعادة ترتيب الصفوف والتحضير للهجمة التالية، ونظرًا لأنَّ الهدن لا تمسُّ بأساس الصراع، بل تتعلَّق فقط بمجرايته؛ ومع ذلك، فلا يأملنَّ أحدٌ بطول مدَّتها.

وإنَّ الصراع في هذه المراحل وما يليها ستتسارع وتيرته وسيكون ضاريًا ومكلفًا للغاية، وانطلاقًا مِن هذا الوعي بالذات، ومِن ثقةٍ تامَّة بالنصر، عبَّر سيِّد المقاومة تصريحًا عن تفضيل المحور إستراتيجيَّة الفوز بالنقاط من دون إسقاط الجهوزيَّة للتصدِّي إذا ما فرضت الإمبراطوريَّة عكس ذلك، وهو أيضًا ما عبَّر المحور عنه تلميحًا عبر أدائه في الميدان، ومبرِّر ذلك هو السعي لحسم الصراع بأقلِّ خسائرَ ممكنةٍ، وهي إستراتيجيَّة الصين على كلِّ حالٍ.

ولكن مع حرص السيِّد والمحور الذي نثمِّنه عاليًا، وهو حرصٌ علينا على أيِّ حالٍ، ومعه حرص روسيا في أوروبَّا، وحرص الصين مِن قَبلهما، وهي التي أنجبت رجلًا يدعى صان تزو، قال قبل ٢٥٠٠ سنة: “إنَّ فنَّ الحرب الأسمى هو إخضاع العدوِّ دون قتالٍ”، ولأنَّ الشعوب المضطهدة والدول الصاعدة تُشكِّل أغلب سكَّان الكوكب، أي أنَّهم مالكو الكوكب الأصليُّون عمليًّا، وهم مِن سيرثونه عن الإمبراطوريَّة الناهبة، فيمكننا أن نتنبَّأ بشيءٍ مِن الثقة أنَّهم لن يبادروا إلى ما مِن شأنه إحراق كوكبهم.

ويبقى مع ذلك شيءٌ وحيدٌ يصعب التنبُّؤ به، وإن أمكن إلى حدٍّ ما لمحور الصعود تقييده وتدجينه، وهو ردَّة فعل تلك الإمبراطوريَّة التي لا يتعدَّى سكَّانها ٥٪ من أهل الكوكب واعتادت على نهبه كلِّه، والتي أصبح كلُّ وجودها على المحكِّ، وهي تلك الإمبراطوريَّة ذاتها التي صاغت في زمنها نظام هيمنةٍ عالميٍّ مرعبٍ هو الأقوى في التاريخ، نجح في عصر السرعة في حكم العالم لما يزيد عن نصف قرنٍ بدون أكلافٍ تذكر.

ولعلَّ أفضل ما قد أختم به مقالتي هو الأمل الذي ينمو ويزداد يومًا بعد يومٍ بأن لا نذهب بالإرث مِن إمبراطوريَّةٍ إلى أخرى، بل نخرج مِن هذا الصراع المضني بدولةٍ عظمى تقوم لعزَّة ورغد أبنائها بعد مئة عامٍ مِن العيش في كياناتٍ كسيحةٍ خاويةٍ مفصَّلةٍ على مقاس لحية عميلٍ مِن هنا وبسطار مستعمرٍ من هناك. ولا غرابة ولا عجب، فالعالم الذي ينتهي اليوم قد أقام مجده على أشلاء دولةٍ عظمى كنَّا جزءًا منها. أمَّا عالم الغد فندخله بجغرافيا بلادنا المهمَّة، وبالموارد الهائلة التي ظهرت فيها، وبسوقنا الكبرى التي صارت ضخمةً بكلِّ المقاييس، وبمئات ألوف المقاومين الذين لم يشهد العالم لإيمانهم وإرادتهم وعزمهم وبأسهم مثيلًا، وهؤلاء بالذات هم الصخرة التي أبني عليها أملي.