كتب علي كوثراني | التَّوجُّه شرقًا، كيف ومتى ولماذا؟
علي كوثراني | كاتب وباحث لبناني
لقد كنت وبعض الأصدقاء أوَّل مَن اقترح “التَّوجُّه شرقًا” كخطوةٍ عمليَّةٍ لكسر الحصار، ولذلك أجد نفسي معنيًّا بتوضيح ما يلي، فبالنِّسبة لعربيٍّ يتوق إلى التَّحرُّر، إنَّ أهمِّيَّة “التَّوجُّه شرقًا” تكمن في ثلاثة:
في جدِّيَّته أوَّلًا، كمعركةٍ يُحشَد لها وتُخاض، لا كتَمنٍّ يُعرض على أنصاف الرِّجال مِن الحلفاء والخصوم، ولا كخطابٍ يُلقى مِن باب إقامة الحجَّة على قاصرين لا يملكون مِن أمرهم شيئا.
في توقيته ثانيًا، كأداةٍ لكسر هذا الحصار ومعه الهيمنة الغربيَّة على بلادنا الآن، الآن… بالتَّحالف مع الشَّرق على أساس وحدة المصلحة.
في الغاية منه ثالثًا، أي تحرير الدِّيموغرافيا من الحدود الاستعماريَّة وثقافتها، والجغرافيا من الكيان المخفر والقواعد العسكريَّة والمحطَّات الأمنيَّة، والموارد مِن دائرة الاقتصاد الغربيِّ، والأسواق مِن الاستيراد وثقافته، وكلُّ ذلك مِن أجل توفير شروط بناء الدَّولة الحقيقيَّة في بلادنا العربيَّة.
وبناءً عليه، لا فائدة ترجى إن بقي “التَّوجُّه شرقًا” شعارًا للاستهلاك المحلِّيِّ، ولا معنى له إن لم يُحشد له ويُخاض الآن، أي قبل حسم المعركة بين أمريكا والصِّين، ذلك أنَّه في حال فازت أمريكا، لن يبقى هناك شرقٌ لنتوجَّه إليه، وستصبح معركة تحرُّرنا أصعب.
أمَّا الأنكى، فهو أن تفوز الصِّين ونحن كعربٍ على حالنا هذا، فإنَّ التَّوجُّه شرقًا حينها لن يكون عنوانًا وأداةً للتَّحرُّر ولا بالتَّحالف مع الشَّرق، بل للاستتباع والهيمنة ولانتقالنا بالإرث مِن الغرب الذي شاخت إمبراطوريَّته وهزمت فأفل زمانها إلى الشَّرق وإمبراطوريَّته الفتيَّةٍ القويَّةٍ المنتصرة التي أشرقت شمسها.
عندها سنتوجَّه جميعنا شرقًا، وبالعصا، كما نحن الآن “متوجِّهون” غربًا، وسيكون أمثال فارس سعيد أوَّلنا، وليس في الأمر نكتة.