علي عز الدين | كاتب ومحلل سياسي
تبنى الحرس الثوري الإيراني استهداف مركز استراتيجي للمؤامرات الصهيونية في شمال العراق بالصواريخ النُقْطوية( مجال انحرافها عن الهدف بضع أمتار فقط).مشابهة لما حدث وقت ضرب قاعدة عين الأسد.
استطاع الحرس الثوري الإيراني اختراق كل المنظومات الدفاعية في كلتا العمليتين..
اذا هو نجاح أمني استخباراتي أظهر القدرات التدميرية للقوة العسكرية الإيرانية و أظهر ايضاً هشاشة القدرات الصهيونية والأميركية والتي تستخدم الميديا بشكل يجعل من يريد المحابهة ان يفكر كثيرا و يتراجع خوفاً..
الحرب السيبرانية المشتعلة بين إيران والكيان المؤقت في تدمير السفن البحرية ،السيطرة على محطات تكرير المياه،الولوج بعمق المعلومات العسكرية والأمنية للعديد من الوحدات في جيش الدفاع الكيان المؤقت ،(تسمية هذا الجيش له دلالات كثيرة سوف نتطرق لها في هذا المقال)،إذا هشاشة الجبهة الداخلية الأمنية بعدما تظهّرت هشاشة تجمعات المستوطنات إبان معركة سيف القدس ،وفشل كل منظومات الدفاع التي طالما تغنّى بها هذا الجيش ايضا ً اضافت نقطة بحثية جديدة..
امّا الحدث الأهم في الشمال كان نظرية الدم مقابل الدم ،الأرض مقابل الأرض التي كرستها المقاومة الإسلامية في لبنان،و مخاض ( الإجر و نص)،جعلت الصحافة في الداخل العبري تتندّر بسخرية على قادة الجيش و قادة الالوية الخائفين من الظهور والاقتراب من الحدود لمسافة بلغت ثماني كيلومتر..
كل هذه الأحداث بالإضافة لما حدث من خضّات أمنية داخلية نتيجة حروب المافيات والقتل والقتل المضاد،مع تفجير سيارات العصابات لبعضها ،مما زاد الكيان بِلّة تتالي عمليات المقاومة الفلسطينية في الداخل ،العمليات المستمرة ،إطلاق رصاص ،طعن ودهس للجنود وللمستوطنين…
أمّا هروب الأبطال الفلسطينين من السجن المحصّن بأحدث وسائل الحماية ،وإنشغال الكيان المؤقت بأكمله في هذه القضية وما حملته من أوجه كبيرة جدا ،حطم الصورة المرسومة للجلاد الصهيوني ،بالإضافة للتكلفة البشرية والمادية طيلة فترة البحث والتحري عن الأبطال الذين حفروا عميقاً بالملاعق ،التكلفة المادية التي أضيفت لعدّاد البطالة المرتفع وقت جائحة كورونا..
أُعيدَ طرح نظرية بن غوريون عن الأمن اليهودي،نظراً لقلة مساحة الكيان و محدودية الإنجاب من السكان ،التوسع الديموغرافي للبلاد العربية ذات معدل ولادات مرتفع،ايضاً الداخل الفلسطيني الذي يربح بالتوزع الديموغرافي مع الوقت رغم سعي الكيان بإستمرار بارتكاب المجازر بحق الشعب الفلسطيني،خاصة الأطفال،و اعتقال وسجن آلاف الشبان والشابات ،من ضمن عقلية الأمن اليهودي لمحاربة زيادة عدد المواليد ،ولذلك نرى كل فترة معزوفة بناء مستوطنات جديدة ومحاولة جلب مستوطنين جدد من إفريقيا وبعض مهاجري أوروبا..
السنة هذه كانت بصعوبة بالغة على الكيان المؤقت المُكبّل داخلياً جراء المعادلات التي أفرزتها نتائج معركة سيف القدس،بالإضافة لعدم الاستقرار السياسي بين الأحزاب انعكس سلباً على تشكيل حكومة وحدة،ونفوذ الكتل العربية في الكنيست المؤقت الغاصب..
انطلق الكيان لدعم عمليات التطبيع مع بعض دول الانبطاح بعد الأوامر الأميركية لبعض هذه الدول .ظنّ الكيان أنّه بوضع اللبنة العلنية الأولى التطبيع ،سوف تكر سبحة الدول العربية كلها،لكن رفض الشعب العربي لفكرة ومبدأ التطبيع مع العدو ،جعلت بعض رؤساء وأمراء الدول الهشّة تتراجع عن الفكرة ،رغم كل الدعاية للديانة الإبراهيمية ،والوعود المادية لبعض الدول،والتهديد تارة أخرى،نرى فكرة التطبيع بدأت تتهاوى أمام أعين الكيان العبري ،لتزيد إخفاقات وهزائم الحاضر،ليعرف انّ التاريخ سوف يحكم لإصحاب الأرض في أخر ظلمة نفق الاحتلال..
ما يحدث مع إيران بما يتعلق بالاتفاق النووي في فيينا،ما عاد يؤرق الكيان المؤقت،بعد فشله بكل محاولات عرقلة البرنامج النووي الإيراني: ( إغتيال العلماء النوويين الايرانيين،اختراقات معلوماتية لبعض المواقع ،تجنيد عملاء لإحداث أضرار في محطات المفاعل النووي)،كلها لم تثني الجمهورية الإسلامية الإيرانية على التراجع ،إنما وصل حدّ التخصيب حوالي ستين بالمئة قبل الرجوع إلى طاولة المفاوضات في فيينا…
حاول الكيان المؤقت الاتفاق مع أميركا لضرب المفاعلات النووية الإيرانية عسكرياً،لكن ما حدث في قاعدة عين الأسد الجيش الأميركي ما زال طازجاً وتفوح منه رائحة الهزيمة ،جعلت الأميركي يتجاهل كل طلبات قادة الدولة المتهالكة العبرية لضرب إيران..
ونحن أمام عتبات التوصل للاتفاق النهائي للتوقيع على كل البنود بين إيران والغرب ،بدأت بالمقابل تسارع دقات قلب الكيان المؤقت ،تارة يدعو للعرقلة العلنية،تارة يدعو لقمة ثنائية وثلاثية لمحاولة زعزعة استقرار المنطقة بالتحريض مع بعض أعداء الجمهورية الإسلامية الإيرانية للقيام بأي تحرك يؤثر على القدرات النووية الإيرانية…
سُمّي الجيش العبري المؤقت بجيش الدفاع ،لإظهاره بأنّه شُكّل ليدافع عن أرض وطنه،وليستجر التعاطف الأميركي والغربي لدعمه بإستمرار على صورة انه يتعرض للهجوم وينبغي عليه ان يكون على جهوزية ،بإنقلاب الصورة الأصلية لإنه جيش استعماري،سرق مع كيانه المتهالك اراضٍ عربية مقدسة..
في الحالات الحربية القادمة مع هذا الكيان ،الأمن العسكري ،الأمن الغذائي،أمن مصانع السلاح نظرا لمحدودية الأراضي كلها بخطر الزوال،هذه الدراسات جعلت فكرة بقاء الكيان حتى بالعقل الباطني لأكثر المتفائلين الصهاينة،جعلتها مستحيلة.