عباس ضاهر | كاتب واعلامي لبناني
عاد تنظيم “داعش” ليشنّ هجمات كبيرة على خصومه، خصوصاً الكُرد السوريين (المسنودين أميركياً)، والشيعة بإتجاهين، المسنودين ايرانياً وأميركياً، وسط حديث الصحافة الغربية عن تحضيره لفك أسر الفين من معتقليه.
جاء قتل زعيمه ابو ابراهيم القرشي(امير المولى) ليختم صفحة من كتاب التنظيم، فيفتح بعدها صفحة جديدة قائمة على ولاية قيادة جيل جديد، بعد قتل قياداته المؤسسين، بينما تُعتبر الإطاحة بالقرشي قضاء على الركن الثالث بعد قتل كل من: احمد الزاوي وابراهيم البدري.
السؤال: ماذا بعد؟.
لا توحي المعطيات ان الحدث الأخير يعني نهاية التنظيم، بل هي نكسة، مثل سابقاتها، وسيكون هناك انتقال القيادة الى الجيل الثاني، وسط أسئلة: اذا كانت عمليات الاغتيال التي ينفّذها الأميركيون بحق قادة التنظيم تطيح عملياً بكل الاتهامات التي تكررت حول أمركة داعش، فما علاقة الأتراك بتوظيف التنظيم خدمة لمشاريع أنقره بإتجاهين: ضرب الكُرد، والعرب، في كل من سوريا والعراق؟ يطرح هذا السؤال نفسه بقوة عدم تقديم تركيا معلومات للأميركيين عن مكان القرشي، وهو كان يقطن بالقرب من حدودها، ويقود مجموعاته من هناك، بمعنى ان القيادة كانت على مساحة خاضعة للنفوذ التركي. والمفترض بأنقرة ان تعرف استخباراتياً بشكل سلس وسهل كل ما يجري في تلك المساحات الجغرافية. الاّ اذا كانت تعتمد على مجموعات سورية مسلّحة تشتغل سرّاً لصالح داعش.
يبدو ان الأميركيين دانوا “تقصير” الأتراك، لكنهم يعلمون ان هناك مصلحة تركية، على الأقل، لتوظيف التنظيم في ضرب خصوم واعداء انقره. هي قاعدة التخادم التي كشفت عنها جغرافية ملاذ القرشي. تفرّجت تركيا على مجموعات “أبو ابراهيم القرشي” طوال مدة خلافته يُربك السوريين وحلفاءهم. وعندما اعتقلت مجموعات حليفة لتركيا قيادات داعشية، وخصوصاً أبو عبد الرحمن السقا والي التنظيم في سوريا، تردد الحديث عن مفاوضات تجري بين الاتراك ووالي “داعش”، لفرض مساحات تخادم اوسع ضد الاكراد والسوريين وحلفاء دمشق.
امام تلك المعطيات، سيزداد البحث عن مسارات تواطؤ تركي- داعشي. هذا ما يؤشر إليه تفرّج انقره على انتعاش التنظيم الارهابيرمن جديد. فلننتظر ما ستحمله الفترة المقبلة بعد انتقال الدواعش من سلطة جيل قيادي قضى الى جيل قيادي جديد.