شوقي عواضة | كاتب واعلامي لبناني
مع تصاعد العمليّات العسكريّة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي في الضّفة الغربيّة والقدس، تتصاعد المخاطر التي تحيط بالكيان الصّهيوني المؤقّت، الذي اعترف بتطوّر عمليّات المقاومة الفلسطينيّة، التي اتخذت خطّاً تصاعديّاً ينبئ بتطوّرٍ استراتيجيٍّ كبيرٍ بعد عطلة عيد الفطر المبارك، ما سيؤدّي إلى تغيير قواعد اللّعبة داخل كيان العدوّ الإسرائيلي الذي يستعدّ لمرحلة مواجهاتٍ خطيرة ومعقّدةٍ، وفقاً لما ذكره إعلام العدوّ الذي رأى أنّ تحوّلاً كبيراً قد حصل على مستوى المواجهة التي ستكون ضمن جبهاتٍ متعدّدةٍ.
وبالتالي، فإنّ شعار وحدة السّاحات بات واقعاً ملموساً أكّدته زيارة الأمين العام لحركة “الجهاد الإسلاميّ” زياد نخالة للعراق على رأس وفدٍ من الحركة استقبل رسميّاً وشعبيّاً ومشاركاً في احتفالات العراق بـ”يوم القدس العالمي”. زيارة أكّدت مخاوف العدوّ الإسرائيلي من العراق وقوّته التي تشكّل تهديداً لأمن الكيان الصّهيوني بجيشه وحشده وصواريخه الموجّهة إلى الكيان من شرق العراق، وفقاً لتقديرات العدوّ الاستخباريّة، ما سيزيد من صعوبة وخطورة أيّ معركةٍ أو حرب قادمة سيخوضها الكيان في ظلّ انقسامٍ أمنيٍّ وعسكريٍّ وسياسيٍّ شهده الكيان على خلفيّة تحديد أولويات المواجهة والأهداف والجبهات والذّهاب إليها أو عدمها، سواء على مستوى الجبهة الداخليّة أو الخارجيّة ولمن تكون الأوليّة في ذلك ضمن سيناريوهاتٍ محتملةٍ ومتعدّدة تحاكي ما يلي:
1 – مباغتة إيران بعمليّةٍ عسكريّةٍ تستهدف منشآتها النوويّة للحدّ من تنامي قدراتها النوويّة.
2 – إعطاء الأولويّة في المواجهة لاستهداف حزب الله، وضرب بنيته العسكريّة وشلّ قدرته على الردّ في حال تمّت مهاجمة إيران.
3 – شنّ عمليّاتٍ عسكريّة محدودة في الداخل تستهدف الضّفة وبعض معاقل المقاومين المحيطة بالقدس.
4 – تنفيذ عمليّات اغتيال ضدّ قادة المقاومة في الدّاخل والخارج وتحديد بنك أهدافٍ دسم يتضمّن كبار القادة من المقاومة.
على ما يبدو ثمّة خيار واحد من بين الخيارات الأربعة أجمعت عليه القيادات السياسيّة والعسكريّة وهو اللّجوء إلى تنفيذ عمليّات اغتيالٍ تستهدف قادة المقاومة الفلسطينيّة بالدّرجة الأولى، سواء داخل الأراضي الفلسطينيّة أو خارجها، في ظلّ تركيز الإعلام الصّهيوني بشكلٍ كبيرٍ على عودة سياسة الاغتيالات، وفقاً لتسريبات وسائل الإعلام الإسرائيليّة التي ضجّت مؤخّراً بالحديث عن تسريبات من (الكابينيت) الذي انعقد في مستوطنة “سديروت” قرب قطاع غزّة.
أشارت التسريبات إلى اتخاذ المجلس الوزاري المصغر قراراً يتبنّى سياسة الاغتيالات ضدّ قادة المقاومة الفلسطينيّة، ولو أدّى ذلك إلى وقوع مواجهةٍ أو تصعيدٍ، في ظلّ الحديث عن تحديد قائمةٍ من الشّخصيّات القياديّة في حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، واعتبارها أهدافاً يسعى العدوّ الإسرائيلي لاغتيالها في الدّاخل أو الخارج، وفقاً لما تناقلته بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية التي ركّزت في حديثها على القيادي في حركة “حماس” صالح العاروري، الذي وصفته بالشّخصيّة الأخطر على الكيان الصّهيوني، إذ يعمل العاروري على شنّ هجومٍ متعدّد الجبهات، انطلاقاً من غزّة والقدس ومروراً ببيروت ووصولاً إلى طهران.
إضافةً إلى ذلك، فقد ركّز الإعلام الإسرائيلي على قائد حركة “حماس” في غزّة يحيى السنوار الذي كان له الدّور الأبرز في تغيير قواعد اللعبة وتطوير استراتيجيّة الجبهات المتعدّدة التي باتت تهدّد وجود الكيان الصّهيوني المؤقت.
ورغم إدراك العدوّ أنّ عمليّات الاغتيال التي جرّبها سابقاً لن تجدي نفعاً، ولن تعيد هيبة “الجيش” الذي تهشّمت صورته في فلسطين، ولن تسترجع هيبة الشاباك أو الموساد، ولن تحدّ من تصاعد العمليّات العسكريّة في الضّفة والقدس، ولن تكون درعاً صلبة أكثر من الأسوار التي أقامها الاحتلال لحماية المستوطنين في غلاف غزة وغيرها من مناطق فلسطين.
يصرّ العدوّ على تكرار ارتكاب الحماقات من خلال اغتيال قادة المقاومة، والذي لن يكون إلّا عملاً معجلاً ومتسارعاً في إسقاط الكيان الصهيوني وإضعافه أكثر فأكثر، وبالتالي على العدوّ الإسرائيلي أن يستعدّ لمواجهة نتائج أيّ عمليّة اغتيال تستهدف أي قائد من أي فصيل كان، وفي أي بلد كان مهما كانت النتائج، وأن يدفع ثمن حماقاته كما دفعها سابقاً باغتيال الأمين العام لحركة “الجهاد الإسلامي” الدكتور فتحي الشقاقي ومؤسّس حركة “حماس” الشيخ أحمد ياسين والأمين العام لحزب الله السابق السّيد عباس الموسوي وغيرهم من قادة المقاومة في مختلف السّاحات.
وعلى العدوّ أن يدرك أنّه كما شكّل استشهاد أولئك القادة حافزاً للتمسّك بخيار المقاومة وتطوير قدراتها الصّاروخية والقتاليّة، فإنّ أيّ عمليّة اغتيال لأي قائد من قادة المقاومة ستشكّل حافزاً أكبر لهزيمة ذلك الكيان وسقوطه، كما أعلن الأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصر الله قبل أسابيع إنّ أيّ معركة قادمة مع العدوّ قد يكون ثمنها علينا كبيراً لكنّها ستكون بالنّسبة إلى كيان العدوّ الإسرائيليّ حرباً مصيريّة.