رفعت ابراهيم البدوي | مستشار الرئيس سليم الحص
مواقف لافتة أطلقها الرئيس بشار الأسد خلال استقباله الوفد البرلماني الموريتاني، برئاسة نائب منطقة المذرذرة الموريتانية الداه صُهيب لسورية، برفقة عدد من أعضاء فريق الصداقة البرلماني الموريتاني السوري.
رئيس الوفد الموريتاني خص موقع «لعبة الأمم» الإلكتروني الذي يرأسه الزميل سامي كليب، بمحتوى اللقاء الذي استمر لأكثر من ساعة كاملة، وبالمواقف التي أطلقها الرئيس الأسد، والتي خص بها بعض الدول العربية والإقليمية والدولية، ونبرز أهم النقاط الواردة في حديث الرئيس الأسد وبحسب ما أورده الموقع.
– على صعيد الوضع في سورية، أكد الرئيس الأسد خلال اللقاء، العزمَ على استكمال المعركة حتى إخراج القوات الأميركية والتركية من الأراضي السورية، وصولاً إلى تحرير الجولان المحتل الذي يبقى جوهر الصراع مع العدو الصهيوني كما القضية الفلسطينية، موضحاً أن الحرب الكُبرى على سورية قد انتهت، وأن ورشة الحلول الاقتصادية بدأت بخطى حثيثة، والأهم حاليا هو تأمين الكهرباء لأطول مدة ممكنة لأن الطاقة أحد أهم أعمدة النهضة الاقتصادية، وأضاف، لقد قطعنا شوطاً كبيراً في هذا الاتجاه وسوف يبدأ المواطن السوري بتلمّس التحسن قريبا وعلى أكثر من صعيد.
– عن العلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة، الرئيس الأسد تحدث بانفتاح ايجابي لتطور العلاقات مع دولة الإمارات العربية، لافتاً إلى ضرورة تعزيز العلاقات العربية لما فيها مصلحة للجميع ولتعزيز الأمن القومي العربي، كما أشار الرئيس الأسد إلى أن دولة الإمارات العربية ومنذ بداية الحرب على سورية، اتخذت مواقف متمايزة عن بعض الدول التي دعمت الإرهابيين، فالإمارات لم تستضف أو تدعم المعارضين أو المسلحين أو الإرهابيين، وأضاف إن موقف الإمارات كان حريصاً على عدم تفكك الدولة السورية، والآن بدأت الإمارات ببعض المشاريع في سورية وربما ستتوسع أكثر في المرحلة المُقبلة، ومن بينها حاليا بعض المستشفيات، لكن الرئيس الأسد أوضح بالمقابل، أن مشكلة انفتاح الإمارات على سورية، مرتبط بالرغبة الأميركية والوشاية القطرية، فكلما قررت شركة البدء بتنفيذ مشاريع إنمائية في سورية تتدخل قطر لدى الأميركيين لمنعها من ذلك.
– عن دولة الكويت، الرئيس الأسد نوّه بالمواقف الكويتية رغم بعض التباينات داخل مجلس الأمة بين تيارات عروبية وإسلامية سلفية، مضيفاً إن الكويت الرسمية بشكل عام تعاملت بواقعية وإيجابية مع سورية.
– عن المملكة العربية السعودية، تكلم الرئيس الأسد بارتياح عن التحولات السعودية حيال بلاده مع الأمير محمد بن سلمان، شارحاً أسباب التحولات في المواقف السعودية، والرئيس الأسد تحدث بإيجابية عن مواقف الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، الذي ربطته بسورية علاقات قوية قبل الحرب، موحياً بالأمل حيال ولي العهد الحالي الأمير محمد بن سلمان، مُشيراً إلى سعيه للتخلص من الضغوط الأميركية ومع ترتيب البيت السعودي الداخلي قد يُصبح أكثر وضوحا وتحرراً في اتخاذ مواقف أكثر إيجابية حيال سورية، وأضاف الرئيس الأسد: في جميع الأحوال فإن القرار المركزي السعودي، قضى بوقف كل دعم للمسلحين أو للإرهابيين في سورية ومنذ فترة غير قصيرة. لافتاً إلى أن بعض المواقف السعودية السلبية السابقة أثناء اندلاع الحرب، كانت مرتبطة بالموقف الشخصي العدائي للأمير سعود الفيصل.
– بالنسبة لروسيا، أوضح الرئيس الأسد أنها تتعرض حالياً لضغوط كبيرة في أوكرانيا، لكنها ستحقق أهدافها وستخرج من هذه الحرب بالنتائج التي وضعتها نصب أعينها، وأن الحرب هناك تسبب بها الجنوح الأطلسي والأطماع الغربية، ورغم كل ذلك لم يتأثر الدعم الروسي لسورية، بل العكس تماماً ولقد ثبت أن أطماع الغرب الأطلسي، هي نفسها حيال كل من يناوئ أطماع الغرب.
– تطرّق إلى النظام المالي العالمي قائلا: نحن متفائلون خيراً بالخطوات الروسية وبما يمكن أن تقوم به الصين لاحقا من أجل استبدال التعامل بالدولار الأميركي إلى اليوان الصيني أو بالروبل الروسي في التبادلات التجارية، وهو ما سيؤول إلى إضعاف الدولار الأميركي وفتح المجال أمام اقتصاد مُتعدّد، وذكر أن هذا الموضوع قد يأخذ وقتا نتيجة لجملة محاذير تعترضه لكنه أكد على وجود فرصه قيمة لإنجاحه.
– الرئيس الأسد أماط اللثام عن محاولات قام بها الأميركيون والأوروبيون، للتواصل مع دمشق أكثر من مرة، لعقد صفقات وتقديم طلبات للتعاون الأمني، لكن القيادة السورية لم تتجاوب، لأنها لم تر مصلحة لسورية في ذلك، ولأن هذه الدول لم تساهم فعلياً في معركتنا ضد الإرهاب بل شجّعته وتريد التعامل معنا بالخفاء لا عبر إعادة العلاقات الدبلوماسية.
– الرئيس الأسد شدد على أن المهمة التي تقع على كاهل العرب، تكمن بالتصدي لكل محاولات الغرب المستمرة لنشر ثقافات ومفاهيم لا تتلاءم وتاريخنا العربي المجيد ولا مع ثقافتنا العربية، من شأنها كي الوعي لدى شعبنا العربي، وشدد على أن معركتنا الآن تتركز على تعزيز وعي شبابنا، من أجل الحفاظ على الهوية وعلى اللغة العربية والتوجّه العربي للأجيال عموماً، وهذا ما يؤلّب علينا أعداء سورية وأعداء الهوية العربية، وأعطى مثالا على ذلك حين توجه رئيس الوزراء البريطاني السابق للرئيس بشار الأسد قائلاً: نحن نعوّل عليك يا سيادة الرئيس في تغيير مجرى الرياح هُنا لأنك درست في بريطانيا وتعرف الغرب»، فكان رد الرئيس الأسد: لقد درستُ في سورية وإني فخور ببلادي وبهويتي وبلغتي العربية، ولم أدرس عندكم إلا عامين، مشدداً على أن سورية ستبقى رافعة لواء الدفاع عن الهوية واللغة العربية وداعمة للقضايا العربية المحقة وفي مقدمها القضية الفلسطينية لأن ذلك في جوهر وجود سورية.
– عن العلاقة مع لبنان، اعتبر الرئيس الأسد أن ثمة هجمة واضحة على محور المقاومة في لبنان، لكن المقاومة صمدت وما زالت قوية، وإن التقارب بين حزب القوات اللبنانية والسعودية، كان هدفه إيجاد بديل للرئيس سعد الحريري، وتنصيب جعجع كرأسَ حربة ضد المقاومة، لكن في لُبنان وبين أهله ومن جميع مكوناته، يوجد وطنيون حقيقيون ولا يقبلون بأي مشروع ضد بلدهم يخدم العدو الإسرائيلي، وفي جميع الأحوال فإن سورية ومنذ خروج الجيش السوري من لُبنان 2005 اتخذت قرارها بعدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية مُطلقا، لكن سورية ستبقى حريصة على بقاء لبنان عزيزاً قوياً وآمناً وأن تكون علاقة البلدين الشقيقين عميقة لما فيه مصلحة كل منهما ومصلحة الوطن العربي بشكل عام.
هنا أختم بالقول إن معركة تعزيز الوعي التي ركّز عليها الرئيس الأسد هي من أهم المعارك لأن الوعي يمنع ضباب الرؤية وغسل الأدمغة، ويحصّن فكر الأجيال من التشتت والضياع، ويمنحهم الوضوح بالرؤى المستقبلية، وبإدراك مكامن الخلل ويسلحهم بالإرادة والإيمان على الصمود والتحدي، مهما تبدلت الأحوال كون الوعي يشكل الدرع الواقية لصد أي مقايضة على الثوابت والمبادئ والهوية العربية ويمنع أي مساومة على الحق والقضايا العربية وأولها القضية الفلسطينية مهما اشتد الحصار السياسي والاقتصادي.