تحليلات و ابحاثكتاب الموقع

كتب د هاشم هاشم | تعيين جلعاد أردان وضعف الدبلوماسية الفلسطينية

الدكتور هاشم هاشم | كاتب ومحلل سياسي

مقاربة اهم النظريات التي تحكم العلاقات الدولية والتي سوف تسمح لنا لاحقا في فهم ما يجري اليوم على المستوى الدولي ،في الحقيقة يوجد نظريتين أساسيتين في العلاقات الدولية و هاتين النظريتين تسيران بخطين متوازيين.. النظرية الاولى وهي النظرية الواقعية وهي تصور أنّ العالم هو عبارة عن غابة يأكل القوي فيه حقوق الضعيف معتمداً على قوته الذاتية والهدف هو تحقيق مصالحه الخاصة ولو بالقوة.
اما النظرية الثانية فهي النظرية الليبرالية ويمكن تشبيهها بمدرسة بمعنى أنّ أي إختلاف بين طلابها يتم اللجوء الى ادارة المدرسة لحل هذا الخلاف بحسب القانون الداخلي وبطريقة سلمية لتفادي اي فوضى. بحسب هذه النظرية يمكن القول ان الطلاب هي الدول وان ادارة المدرسة هي الامم المتحدة التي انشئت من اجل هذه المشاكل.
فيما يتعلق بتعيين جلعاد أردان سفيرا لدى الأمم المتحدة وتداعياته على القضية الفلسطينية ،فإننا نجزم
حقيقةً ،أنّ ليس لهذا الانتخاب من الناحية القانونية أي انعكاس سواء إيجابي أو سلبي، لأن هذا المنصب هو منصب إداري فقط والتصويت على أي قرار داخل الجمعية العامة للامم المتحدة ليس بيد نائب الرئيس. والكيان الصهيوني المتهالك سيصوت في الجمعية كعضو واحد فقط بينما القرارات تخضع لتصويت جميع الاعضاء.
بشكل عام هذا التعيين يفسح المجال امم دخول دبلوماسي غير مسبوق للكيان الصهيوني على مستوى الامم المتحدة كما ايضا يفضح وبشدة عدم قدرة الامم المتحدة على تنفيذ قراراتها او حتى مبادئ حقوق الانسان والقانون الدولي. من اهم هذه القرارات نذكر قراري مجلس الامن 181 و194 الصادرين عام 1947 و1948 واللذان ينصان على:
– الاول.. تنفيذ حق الدولتين (والذي نتحفظ عليه)…
– الثاني الإلتزام بعودة اللاجئين،
كان قبول الكيان الصهيوني في الامم المتحدة مشروط بتنفيذ هذين القرارين. هذان القراران ما زالا حتى اليوم حبرا على ورق.
كل هذا يفضح ازدواجية المعايير في الامم المتحدة.

بالنسبة لأسباب هذا التعيين.. انا اعتقد ان ضعف الحضور الدبلوماسي العربي والاسلامي, و ايضا عدم فعالية او حتى تقاعس الدبلوماسية الفلسطينية عن تكثيف تحركاتها الاستباقية كان من نتائجها دخول الكيان الصهيوني من الباب العريض الى الامم المتحدة.
لا شك ان اختيار جلعاد اردان لهذا المنصب هو انجاز دبلوماسي « اسرائيلي » جاء في توقيت مناسب لما كانت تواجه فيه اسرائيل انتقادات واسعة على الساحة الدولية نتيجة اعتداءاتها المتكررة والتي من ابرزها: قتل الصحافية شيرين ابو عاقلة…
علما ان مشاركة هذا الكيان في الامم ليست المرة الاولى فسابقا شاركت في ادوار قيادية في الامم المتحدة… فمثلاً : أُنتخِبَ داني دانون عام 2017 كنائب رئيس للدورة 72 كما ايضا أُنتخب الكيان الصهيوني، سابقا كعضو في المجلس الاقتصادي للأمم المتحدة…
كل هذا لا يسقط عن ان اسرائيل انها كيان محتل عنصري وغاصب للأراضي العربية…
المؤسف هو انتخاب هذا الشخص الذي يكن كل العداء للحقوق الفلسطينية ولا يؤمن إلا بتحقيق مصالح العدو الإسرائيلي ، وهو الذي قام منذ سنتين بتمزيق قرار الامم المتحدة من على منبرها أيضاً،هذا القرار كان يُدين الخرق الاسرائيلي المتواصل لحقوق الإنسان الفلسطيني على أرض فلسطين العربية .
لا شك أن هذا الاختيار هو ايجابي لأعداء الحق ، وهو يعطي قوة معنوية لإسرائيل كي تتمادى بطغيانها، ويؤكد تراجع الأداء الدبلوماسي للسلطة الفلسطينية في السنوات الاخيرة. وهو يعني عدم وجود رؤية واضحة او خطة استراتيجية لتدويل الصراع.
على الصعيد الدولي انتخاب جلعاد يمثل تحولا خطيرا في مواقف المجموعات الدولية (مثل المجموعة الاسيوية, المجموعة الافريقية, دول عدم الانحياز.. )الموجودة في الامم المتحدة من القضية الفلسطينية ولهذا يجب التركيز على تفعيل الدبلوماسية الدولية.
الوضع في فلسطين
لا شك ان هذا التعيين او الانتخاب هو عامل سلبي لجميع الفلسطينين المنقسمين الى فريقين: فريق يؤمن بالمقاومة وهذا الفريق يمثله حماس والجهاد الإسلامي والفصائل الفلسطينية ومن يدعمها… وفريق آخر يؤمن باللجوء الى القانون الدولي والامم المتحدة. هذه الاخيرة هي, نفسها من أوصلت عدوها الى مركز قرار وبالتالي اضفت شرعية على ممارسات الكيان الصهيوني وانتهاكاته.. هذا الفريق ممثلاً بالسلطة الفلسطينية.

الفريق الاول الذي يؤمن بحق المقاومة بالدفاع عن ارضها بكل ما اؤتيت من قوة يرى ان هذا الانتخاب هو إهانة للمنظومة الدولية. وبالنسبة لهم هذا التعيين هو دليل واضح على تأثير اللوبي الصهيوني على مراكز القوة ليست فقط في اميركا بل ايضا في العالم (لما تمثله الامم المتحدة من رمزية عالمية اي مجلس مؤلف من جميع الدول).
اما الفريق الثاني فهو ما زال متمسك بالمفاوضات وبإتفاق اوسلو الضعيف وأوهام المفاوضات لتحصيل الحقوق لجميع الفلسطينيين..فهذا يعني تراجع اكثر فاكثر للدبلوماسية الفلسطينية.
بإختصار, اعتقد ان الشارع الفلسطيني سيظل منقسما لا سيما في ظل غياب اي دور عربي محوري وجامع في هذا الموضوع. يجب العمل على تفعيل العمل الدبلوماسي من اجل السعي لتغيير هذا القرار المشين او في الحد الادنى تجميده من خلال اجراء اتصالات دبلوماسية مع كافة الدول من اجل إظهار حقيقة هؤلاء الصهاينة..
يجب تفعيل و تبني قراراً يقتضي بمقاطعة الإحتلال وفرض عقوبات عليه من خلال الجمعية العامة.
اللجوء الى محكمة الجنايات من اجل فتح التحقيقات اللازمة مع مكتب الإدعاء.
أمّا الطريق الناجع والناجز هو الإعتماد على المقاومة،لا غيرها لتحصيل الحقوق المُغتصَبة وتحرير الأراضي المحتلة عبر تشكيل جبهة مقاومة موحدة للنظر في كيفية استرداد الحق.. لان ما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى