الدكتور نبيل سرور | اكاديمي وباحث متخصص بالشؤون الصينية
في لبنان ، هذا البلد الصغير الجميل، الذي دمرناه او كِدنـا، وأضَعنا مستقبل اجياله بخلافاتنا السياسية .. لا يزال التجاذب السياسي في ظل الفراغين الرئاسي والحكومي ، وفي ظل الخطاب الانفعالي وفي الشارع الطائفي والحزبي ، يحكم ساحة الصراع ، تحت عناوين التخوين والتخوين المضاد ، وفي ظل غياب الثقة بين المكونات اللبنانية ، وفي اتهامات يطلقها فريق ضد فريق ..
والسؤال المطروح دوما : ما هي صورة المستقبل لهذا البلد ؟ واين هي صورة لبنان الجديد السيّد الحُـر المستقـِل؟! ..وهل يمثل الذين يحكمونه خشبة الانقاذ ؟
وهل يبحث القائمون على شؤون التغيير عن الذين عاثوا في البلد فسادا ،ممن كان الناس يحملّـونهم مسؤولية الهدر والفساد ، من المعارضة والموالاة؟!! ..ام ان الصراخ السياسي والعصبيات المستحكمة، والارتهان للخارج ، يحجبون صدى الأصوات الباحثة عن الحقيقة عن المتسببين في خراب البلد، وفي سبب وصوله الى ما وصل اليه!!؟..
برأيي ان لبنان بحاجة الى رجالات دولة حقيقيين.. الى رؤية وطنية صادقة ..الى عقل يدرس القضايا الكبرى والاشكالات الوطنية التي يختلف عليها اللبنانيون ..نحن بحاجة اكثر من اي وقت مضى ، الى حوار جدّي وصريح حول وجهات النظر من دون شروط ، والى بلورة الصورة الحقيقية الواضحة، التي ينطلق بها هذا الفريق او ذاك في تقديم الحلول للمشاكل التي يتخبط فيها البلد ، لا سيما ان الناس الذين هم اصحاب المصلحة في الوطن ، لا يزالون يتخبطون ضمن توترات واصطفافات وعصبيات ، وغبار كثيف يمنح وضوح الرؤية ..
احبتي ،
ان التكاذُب والتخادع لن ينقذ وطنا ، ولن يصل بالناس الى نتيجة حاسمة ..هناك خطر حقيقي يحيط بالبلد من خلال التوتر السياسي، وقد يؤدي الى توتر امني وحوادث في الداخل ، واضطرابا في حياة الناس، تضاف الى الانهيار الاقتصادي وقسوة ظروف المعيشة على الناس ..
وهنا اتوجه بنداء الى كل المسؤولين، كما هي مسؤولية كل الناس ..ان لا تقفوا بموقع المعارضة او الموالاة لتسجيل النقاط على بعضكم ، في حين ان سفينة الوطن تغرق وتهوي ..ليحدّق الجميع بالدولة وبالمواطنين وبظروفهم الصعبة ، وبمستقبل اجيالنا الصاعدة ..انتم تقولون انكم تريدون مصلحة الناس والوطن ..لكن هناك فرق بين الذين يتاجرون باسمه ،وبين الذين يحملون القيـَم الانسانية والاخلاقية في العمل السياسي، ويطبقونه من خلال الممارسة والاداء السياسي ..بصراحة : ان الكثيرين من الناس فقدوا ثقتهم بكل الطبقة السياسية ، ويخافون من نتائج كل الذي يجري بين الافرقاء السياسيين في لعبة التدمير الذاتي والانقسام والتخوين وغياب الثقة … في حين ان الشتاء القادم سيحمل معه البرد القارس وتحديات محلية واقليمية…وفي ظل ارتفاع جنوني لأسعار المحروقات ، واقساط المدارس والجامعات، وغلاء الاسعار يكوي جيوب الناس ويتهدد مستقبلهم وحياتهم ..
ان الناس تتنتظر من القائمين على الواقع، بعد ان حققنا انجازا وطنيا كبيرا من خلال استعادة ثروتنا البحرية في لحظة سياسية مؤاتية … ان على المسؤولين ان يتحركوا بمسؤولية ، بما يحقق الأمن والاستقرار للوطن وللشعب المتعب في انتظار تحقيق الآمال بالمستقبل الواعد، وان نعيد الثقة للوطن وبمسؤوليه، بالأفعال لا بالأقوال ..
هذا واجب الوطن والأجيال علينا ، والا سيأتي اليوم الذي سنندم فيه على كل تفريط او تمزيق لساحتنا ووحدتنا الوطنية، ولاتَ حين مندم ..