كتاب الموقع

كتب د . محمد هزيمة | لبنان بين صناعة الياس وزراعة الامل

الدكتور محمد هزيمة | كاتب وباحث لبناني

منذ ما يقارب السنتين ولبنان يعاني أزمات متتالية أوصلت المواطن لحالة من اليأس لم يسبق أن عرفها من قبل ومرد ذلك يعود لأسباب لا قدرة للسلطة الحاكمة على حلها ولا طاقة للمواطن على تحملها وهي طالت كل نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية وحتى الصحية ولم تكتفي بالحالة السياسية التي أدخلت الوطن بدهاليز التيه والضياع والعجز عن اتخاذ قرار فالرغيف مهدد والسلع في بزار الاستغلال والحاجات الضرورية طالها الاحتكار بدء من الدواء مرورا بالرغيف وصولا الى المحروقات عصب الحياة ، إدارات الدولة أصابها الشلل والأمن اهتز بجرائم لم نسمع فيها من قبل لها من يعمل عليها ومن يسوق لها شاشات واقلام وصفحات صفراء وجيوش الكترونية واضطرابات يدفع الثمن المواطن حرمان وعوز وعجز عن تأمين ابسط مقومات الحياة ولم يقتصر هذا العوز على فئة محددة او شريحة معينة من المواطنين بل أصاب الاغلب الاعم من اللبنانيين الذين لم يعد لهم حول ولا قوة الا الاستسلام لواقع مرير لم يقرروه ولا تأثير لهم فيه الا التسليم لمشيئة بعض من فتات المساعدات او بأفضل الظروف الاعتماد على الأقارب بالخارج لسد الرمق والنجاة من التهلكة باي ثمن ولعل بهذا يكمن الداء والدواء معا فمنذ بداية الأزمة وحتى ما قبلها كنا نسمع البعض يتحسرون على الماضي الذي لطالما اشتكو منه لا بل لعنوه فمنذ قيامة الجمهورية الثانية الدولة الموعودة التي تمخضت عن اتفاق الطائف نتيجة حرب الخليج الأولى بتسوية دولية عملت على صياغة مشروع سياسي بمعايير سياسية وموازين تتناسب مع الواقع الجديد وما أفرزت من توازنات تلك المرحلة والسيطرة ألامريكية بأحادية القطب لغياب روسيا في حينها وانكفاءها عن المشهد الدولي ومعها حلف دول عدم الانجياز ودخلت المنطقة العصر الأمريكي من بابه الواسع وشرعت الأبواب للسلام مع العدو الإسرائيلي من مدريد واسلو واكمل نحو طابا ووادي عربة وصولا للتطبيع الحالي من قبل أنظمة الخليج العربي، والذي كان لبنان قد سبقهم بتوقيع اتفاق مع العدو عرف باتفاق :السابع عشر من أيار والذي سقط بانتفاضة السادس من شباط التي قسمت لبنان مناطقيا ورسمت حدود كيانات منها من لم تخفي ارتباطها بالعدو او سعيها لإقامة السلام معه واستمر هذا الصراع لسنوات قاربت العقدين من الزمن بمراوحة كر فر وكان الجيش جيوش وأجهزة الدولة دورها محدود الا ان هيكل الدولة بقي محافظا إلى حد كبير رغم انقسام الوطن لحكومتين والى ان انتهت الحالة بعملية عسكرية بغطاء دولي خارجي وداخلي انهت حالة حكومة بعبدا وبدأت الحكومة تنفيذ ما عرف باتفاق الطائف وحل المليشيات وانخراطها بالسلطة جزء من الحكومة وهذا ما حصل فعلا مع بدء تنفيذ الطائف دخل لبنان بمشروع جديد بناء الجمهورية الثانية بقياده رجل الأعمال اللبناني السعودي رفيق الحريري وضم اليه زعماء المليشيات الأحزاب بغياب ممثلي اليمين المسيحي بعد مغادرة العماد عون قصر بعبدا قصرا وتسليم قيادة الجيش وكان قد سبقه بسنوات الرئيس السابق امين الجميل ورفض سمير جعجع المشاركة بالحكومة بعد أن تمثلت قواته بالوزير روجية ديب فيما عرف بحكومة المصالحة الوطنية التي سقطت مع ضغط الشارع جراء ارتفاع سعر الدولار وبلوغه عتبة تلاثة آلاف وخمسمائة ليرة اي عشرة اضعاف مما كان علية فخرجت التظاهرات الغاضبة ولم تفلح حكومة رشيد الصلح التي لم تكمل شهرها ليدخل على انقاضها إلرئيس رفيق الحريري عراب اتفاق الطائف في السعودية موطنه الثاني ويدخل معه لبنان عصرا موعودا اعتبره البعض خشبة خلاص وبداية نعيم مشروع الجمهورية بعد عقدين من حروب الشوارع وصراع الاخوة وعشرات آلاف الضحايا والمفقودين والمعوقين والمنازل المدمرة فكانت ثورة بناء الحجر بدء بالوسط التجاري وضم المليشيات إلى الدولة وليدة الواقع السياسي حينها والتي أرست كل معادلاتها على اساس الاتفاق مع العدو الإسرائيلي والوصول إلى السلام الذي أرست أسسه الولايات المتحدة الأمريكية التي اغدقت دعمها السياسي للحكومة بشخص رئيسها الذي طوع الذي النظام الأمني اللبناني السوري كل خدمات بدء من التعيينات وقوانين الانتخاب وصولا الي السيطرة على كل مقدرات الوطن وسلب أملاك المواطنين ضمن معادلة حكم عرفت بالترويكا وأدخلت وليد جنبلاط شريكا رابعا على المعادلة ولم تنفع اعتراضات البطريرك الراعي ومقاطعته فريقة الانتخابات ولا رهان سمير جعجع الذي دخل السجن وسارت عجلة الجمهورية بخطى المغامرة حولت الاقتصاد إلى ربعي دون أن تهيئة الارضية بمقامرة السلام الموعود الذي بدء فعليا التجنيس حوالي ربع مليون مواطن وكرة الدين تكبر مع كل استحقاق إلى أن تعثر السلام وتندرج العدو وتبدلت المعادلات التي لم تستطيع الوصول للسلام ونتيجة ما عرف بتلازم المسارين والتزام القيادة السورية القضية الفلسطيية بأبعادها القومية ودعمها خيار المقاومة حينها دخل لبنان بمرحلة الفوضى بقرار أميريكا بدء باغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري وما تلاها من حرب حاول العدو الصهيوني فرض واقع يتلائم مع أرضية اوجدها الانقسام وعمل لها الغرب بتمويل عربي وتحريض مذهبي ولم تنتهي هذه الحرب التي تخللها جولات و اتفاقات وتسويات كان جمر الفتنة يسعرها الأمريكي إلى أن اتخذت وجها آخر من حرب عسكرية إلى حرب اقتصادية مارسها بأدوات لبنانية من المسؤولين أنفسهم الذين غض النظر عنهم وامسك بخبايهن ويعمل على ابتزازهم بمواقف يريد انتزاعها لخدمة الشرق الأوسط الجديد الذي بشرتنا به كونداليزا رايس في حرب تموز وانتم صبرها الرئيس فؤاد السنيورة هذا الخط الاحمر الذي رسمه مفتي جمهورية لبنان التي لم تستطيع أن تكون دولة فما أقرب اليوم للامس الا ان المعادلات تغيرت التوازنات تبدلت (للموضوع تتمة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى