كتب د . محمد هزيمة | كيف اجهض الحراك ثورة المطالب

الدكتور محمد هزيمة | باحث في الشؤون السياسية

مع انطلاق شرارة 17 تشرين الأول 2019 التي حملت مطالب اجتماعية محقة واستقطبت شريحة واسعة من اللبنانيين لكن سرعان ما بدلت (الثورة) المزعومة مطالبها وتحولت من ثورة اجتماعية لثورة ترفع شعارات لا علاقة لها باسباب اندلاعها ، ما جعلها تنقلب على نفسها وتظهر بوضوح انها أداة خارجية وان وراء انطلاقها دول لها مشاريع تعمل للاستثمار (بالثورة) -المزعومة- وهذا سبب كافي لتراجع شعبيتها من المواطنين الذين تركوا الساحات والشوارع وتحولت بعدها لما يشبه دمية تعمل بتوجيهات السفارات الغربية وخاصة الأميركية،
فلو امعنا التدقيق ب «ثورة سنتات الواتس اب » يتضح لنا بما لا يقبل الشك ان قرارها خارجي وليس محلي اما الهدف منها تنفيذ خطة وزير الخارجية الأميركي -بومبيو- الذي سبق وكان زار لبنان في آذار من العام نفسه ، وهي خطة لها هدفين،: الاول إحداث فراغ سياسي يليه انهيارات متتالية تبدأ أمنية تليها نقدية، اقتصادية للوصول إلى انهيار جماعي يقوض الأمن يوصل الى انهيار كامل مؤسسات الدولة باجهزتها للانقضاض على المقاومة بعدوان «إسرائيلي» واسع مدعوم دوليا بغطاء وتمويل عربي، وتشجيع من بعض الداخل اللبناني وان معالم المشروع اتضحت وكشفت عن تورط بعض الداخل اللبناني به من خلال خطوات اتخذت بهذا الإطار ما يشير لحجم ومدى تغلغل الغرب بمجتمعنا والتحكم به وتحريكه ، ولا يمكن تفسير ما أقدمت عليه المصارف التي سارعت الى الإقفال لمدة أسبوعين فور انطلاق (الثورة) المزعومة- الا بهذا الاطار وهذا الإقفال كان بغير سبب منطقي بل كان جزء من مخطط هدفه تسريع الانهيار النقدي والذي حصل للاسف مترافقا مع حملة إعلامية كبيرة اوصولتنا لتدمير الاقتصاد وهو سلاح أمضى بهذه المعركة ليتزامن مع تحول بتنفيذ انقلاب سياسي سريع وقد بدء باستقالة رئيس الحكومة وتبعها مماطلة في تشكيل حكومة جديدة ولدت ميته وسقطت عند اول امتحان، وحينها دخل الوطن بحالة من الشلل المتعمد، مع التذكير ان حمل شعار حكومة التكنوقراط وإبعاد السياسيين وأحزابهم عن السلطة هدفه الحقيقي إبعاد حزب الله ممثل المقاومة في مجلس النواب عن الحكومة وتحجيمه
اما الامر الثاني الدي كان العمل على استقالات جماعية من مجلس النواب وكان مقدّراً ان يصل عدد المستقيلين ما يزيد عن ثلث عدد اعضاء البرلمان ليبدأ العمل على إسقاط كامل المجلس النيابي بالضربة القاضية والذهاب الى انتخابات نيابية (مبكرة) تحت ضغط الشارع والسعي لنتائج على صورة نتائج عام ٢٠٠٥ التي أعطت الفريق المرتبط بالأميركيين وحلفائهم والمتماهي معهم اكثرية نيابية، الهدف عينه هو تشكيل حكومة لا تضم ممثلين عن المقاومة مباشرة ويترك لحلفاء المقاومة دور محدود وغير مؤثر بادارة الحكم، لكن حساب حقل الطموحات لم يناسب بيدر الوقائع وخالف مشيئة أميركا ومخطط سفارتها التي اعادت مراجعة حساباتها بعدما صدمت بتوقعات النتائج وبينت إحصاءات مؤسسات محايدة وموثوقية انها ليست بصالح الغرب وأدواته من المكشوفين او المنتفعين حملة لواء المجتمع المدني وشعارات الاصلاح
عندها بدء الاميريكي السعي الجدي لتأجيل الانتخابات وإعطاء فرصة لفريقه ومحاولة تامين ظروف المناسبة أكثر وهذا يلزمه انهيارات أكثر وحصار ومزيد من الضغط الاقتصادي والتهويل الإعلامي والامني الاجتماعي وزرع القلق ليتمكن بعدها فريقه المنضوي بمشروع محاصرة المقاومة من كسب هذه المعركة او إيجاد نوع من معادلة تكبح جماح فريق الخصوم اي المقاومة وحلفاؤها التي تظهر الإحصاءات تقدمه وكسبه أكثرية مطلقة وربما مرجحة فبدأت السفارة الاميريكية العمل جديا لهذا الموضوع واوعزت إلى دول الخليج بعودة سفرائهم إلى لبنان وفعلا حضر لهذه الغاية السفير السعودي وبدا رص صفوف فريقه للعمل على انتخابات نيابية تعوّل أميركا وحلفاؤها عليها بهدف الامساك بالقرار اللبناني او بجزء منه ويجرى الإستعداد لهذه الانتخابات بدعم وتمويل من السفارات وتتعمق هذه السفارات مع مراكز استطلاع الرأي بعمليات مسح واحصاء دقيقة لمعرفة الحالة الاجتماعية وتاثيرها بالنتائج الانتخابية والمفاجأة حتى هذه اللحظة النتائج غير مرضية لا بل مربكة بحيث تبيّن انّ حزب الله وحلفاءه يحافظون على اكثرية مرجحة بالمجلس العتيد بأكثرية منوّعه بتركيبها المذهبية ما يمكنها من تشكيل حكومة وطنية تراعي الميثاقية الدستورية
فهذه الانتخابات ذات خصوصية كبرى تتجاوز مسألة انها شأناً داخلياً لبنانياً وتنافسياً بين مرشحين يسعون لتنفيذ برامج محدّدة شعارها بناء الدولة وخدمة الشعب والدفاع عن حقوقه وعدم التفريط بثرواته حتى ولو كانت في أعماق البحار اذا بها تحولت صراع ذات بعد دولي بين محورين أولهم يعمل بالتوجهات الأميركية برنامجه الوحيد استهداف المقاومة بشعار نزع سلاحها مهما كان لهذا من تداعيات على الدولة وحمايتها بقوة ردع العدو والإخلال بالسلم الاهلي بمواجهة فريق يطرح برنامج عمل متوازن لاستنهاض الوضع والتوجه شرقا ،تعزيز المواطنة والبدء بمشروع بناء الدولة وحماية مصالحها ،تأمين حقوق شعبها جماعة أو أفراداً وهذا الواقع انسحب على كامل مفاصل الحياة المنكوبة بألاكثريه الساحقة من المواطنين الذي كبلهم الانهيار الاقتصادي المتعمد والذي ينفذه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مترافقا مع كمية من الضخ الإعلامي والتشويش والتضليل والتنظير لخلق صورة سوداوية ما يحبط النفوس التي فقدت الثقة بالكثير بالمرجعيات وسئمت وعودهم بظل جو ضاغط يعتبر انه يحقق انجازات على حساب الوطن والمواطن

Exit mobile version