كتب د . محمد هزيمة | الحكومة بين الرئيس ووزير داخليته ضاع القانون
الدكتور محمد هزيمة | كاتب وباحث لبناني
ترك كلام الرئيس نجيب ميقاتي أمام مجلس نقابة المحررين علامات استفهام وطرح أسئلة كبيرة لدى المراقبين السياسين الذين اعتبروا كلام رئيس الحكومة بمثابة “ردّ مبطّن” على تصريحات وزير الداخلية بسام المولوي الذي أقحم “حزب الله” بحادثة العاقبية من دون دليل حسي او سند موضوعي او التدقيق بالاسباب الحقيقية للحادثة .
المثير للاستهجان ان وزير الداخلية لم ينتظر نتائج التحقيق محملا المسؤولية بصورة مباشرة إلى:” السلاح المتفلّت في التعدي على الشرعيتين الوطنية والدولية” مشددا على “بسط الدولة سلطتها على كل أراضيها” وعدم القبول “بمنطقين في دولة واحدة” في غمز صريح من حزب الله باعتباره الجهة التي ” تقف وراء الاعتداء على دورية اليونيفل” ولم يخفِ راس الوزارة الامنية موقفه السياسي بتحامل غير مشروع على فريق سياسي مستبقا” التحقيقات متجاهلا الأصول رغم كونه قاض مشهود له وصاحب تاريخ بالنزاهة ،مظهرا عدم اكتراث متعمد بالمعلومات الاولية الموثقة التي تشير الى ان اعتراض الآلية الأمنية التابعة للقوات الإيرلندية بدات جراء حادث سير حصل لحظة خروج جمهور كان يتابع مباراة المونديال ادى الى سقوط جريح من الأهالي وتابعت الآلية الدولية طريقها جنوبا دون أن اكتراث لحال المواطن اللبناني المصاب وهذا على ان الحادثة محض صدفة .
ان استرسال وزير الداخلية باستعراض رسالته الأمنية؟!!! لا شك ينطوي على ارضاء الشاشة ومتابعيها ومرجعيتها السعودية بما يتماهى ويتناغم مع موقفها المعادي لحزب الله.
يبدو ان رئيس الحكومة وجه لوما مبطنا لوزير داخليته وسعى لإرضاء “حزب الله” في محاولة لكسب موقفه وتوظيفه بالاشتباك الحاصل مع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل حول الصلاحيات وتحديد جدول أعمال جلسات مجلس الوزراء التي اعترض باسيل عل انعقادها . فقد كشفت مصادر مواكبة أنّ التوتر عاد إلى المربّع الاول وتجدد الخلاف بين أعضاء اللجنة الوزارية التشاورية التي شكلت لمناقشة المواضيع والبنود المقبول إدراجها على جدول أعمال اي جلسة وزارية وعلى أساسها يصار إلى توجيه الدعوة لعقد جلسة جديدة لمجلس الوزراء وفي السياق عينه نقلت مصادر متابعة “ان النقاش احتدم داخل اللجنة بسبب تمسك التيار الوطني الحر ممثلاً بوزير العدل هنري خوري على رفض فكرة تفرد رئيس حكومة تصريف الاعمال بتحديد جدول الأعمال والدعوة لانعقاد مجلس الوزراء كما يجدد التيار اعتراضه على صيغة المراسيم التي صدرت عن الجلسة الأخيرة وقاطعها وزراؤه مطالبا بإعادة إصدارها عبر صيغة المراسيم الجوّالة تمهيداً لاعتمادها صيغة جديدة لاي قرار تصدره الحكومة من الآن وصاعداً
فهل اختلطت السياسية بالقانون والمصالح بالمواقف وبتنا امام انقسام سياسي حاد وانسداد يبعث على القلق من الانزلاق الى المزيد من احتدام المواقف والانقسام الضدي العميق المهدد للصيغة والكيان على خلفية نقاش دستوري واجتهادات من هنا وهناك أشبه بجدل بيزنطي مشدود الى محاور كالعادة تشكل انعكاسا للخارج الفاعل والداخل المنفعل بينما المطلوب فعل لبناني صميم يترجم تلاق وحوارات مستدامة تنقذ ما تبقى من وطن ومؤسسات على طريق التحلل والزوال..