الدكتور محمد سيد احمد | كاتب وباحث مصري
(البريكس) هو مختصر الأحرف الأولى باللغة الإنجليزية المكونة لأسماء الدول المشاركة في هذا التجمع الاقتصادي وهي حتى اللحظة البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، وكان هذا التجمع يدعى سابقا (بريك) وهو اختصار الأحرف الأولى لأسماء الدول الأربعة قبل انضمام جنوب أفريقيا في عام ٢٠١٠، ومن المحتمل تعديل الاسم ليصبح (بريكس بلس) بعد الإعلان الصادر عن قمة البريكس المنعقدة الأسبوع الماضي في جنوب أفريقيا والتي تم من خلالها قبول عضوية ست دول جديدة وهي السعودية والإمارات ومصر والأرجنتين وإثيوبيا وإيران، وذلك اعتباراً من ١ يناير ٢٠٢٤.
على الرغم من أن بريكس بدأت فعلياً في عام ٢٠٠٩ من خلال أول قمة تجمع رؤساء الدول الأربعة المؤسسة في روسيا حيث تضمنت الإعلان عن تأسيس نظام عالمي ثنائي القطبية وهو ما يشير إلى أن تجمع بريك سيكون في مواجهة قطبية مع تجمع الدول السبع الكبار التي تتكون من كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن الفكرة قد بدأت في عام ٢٠٠١ عندما أطلق هذا المصطلح لأول مرة، الاقتصادي البريطاني جيم أونيل الذي وصف اقتصاديات الدول الأربعة المؤسسة بالاقتصاديات الناشئة كأسرع الاقتصاديات العالمية نمواً، حيث أكد أنه خلال الفترة من ٢٠٠٠ وحتى ٢٠٠٨ ارتفعت حصة هذه البلدان – بريك – في الناتج العالمي بسرعة كبيرة حيث كانت ١٦٪ ثم وصلت إلى ٢٢٪، وحققت هذه الاقتصاديات أداء أفضل من المتوسط أثناء فترة الركود العالمي اللاحقة.
وتمهيداً للإعلان عن (بريك) اجتمع وزراء خارجية الدول الأربعة المؤسسة في مدينة نيويورك في سبتمبر ٢٠٠٦، ثم بدأت سلسلة من الاجتماعات الدبلوماسية رفيعة المستوى، اختتمت بأول لقاء على المستوى الأعلى لزعماء دول (بريك) في يوليو ٢٠٠٨ بجزيرة هوكايدو اليابانية شارك فيها رئيس روسيا فلاديمير بوتين ورئيس الصين هو جين تاو ورئيس وزراء الهند مانموهان سينغ ورئيس البرازيل لولا دي سيلفا، واتفق رؤساء الدول الأربعة على مواصلة التنسيق في القضايا الاقتصادية العالمية، بما فيها التعاون في النظام العالمي المالي وحل قضايا إمدادات الغذاء.
واستطاعت مجموعة البريكس خلال العقد الماضي تحقيق إنجازات كبيرة في مواجهة قطبية مجموعة دول السبع الكبار، فوفقاً لبيانات البنك الدولي يشكل مجموع الناتج المحلي الإجمالي لدول بريكس ٢٥.٩ تريليون دولار خلال عام ٢٠٢٢، وهو ما يعادل ٢٥.٦٪ من الناتج الإجمالي العالمي البالغ ١٠١ تريليون دولار في عام ٢٠٢٢، ونسبة دول بريكس في التجارة العالمية ١٧٪، ونسبتها من سكان العالم ٤٠.٨٪، ونسبة مساهمتها في إنتاج الحبوب في العالم ٣٠٪، ويحتل اقتصاد الصين أحد دول بريكس المركز الثاني الأكبر عالمياً بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وتتصدر الصين دول العالم بحصة تصديرية تبلغ ١٥٪ من إجمالي الصادرات العالمية، وتحتل روسيا أحد دول بريكس المركز الثاني عالمياً في تصدير الوقود، وتعتبر بريكس سوقاً عالمية هائلة من حيث قوة العمل والإنتاج والاستهلاك.
وبالطبع بعد توسيع بريكس لعضويتها فسوف تتغير هذه الأرقام وسوف تصب في صالح بريكس، فمن المتوقع بعد دخول الدول الست في يناير القادم والتي تضم دول ذات ثقل اقتصادي وجيوسياسي كبير، فإن الأحادية القطبية ستكون قد كسرت بالفعل وهو أحد الأهداف المعلنة لمجموعة بريكس التي أكدت عليه في اجتماعها التأسيسي الأول، وهو ما أكدته في قمتها الأخيرة بأنها تسعى لكسر الهيمنة الغربية على الاقتصاد العالمي، وتمكين الدول الساعية للنمو من تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية المتعلقة بالتنمية المستدامة، وتعزيز الأمن والسلام العالمي بمنع الحروب من أجل تحقيق النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي، ولتحقيق بريكس التوازن على المستوى العالمي عبر الثنائية القطبية تسعى بقوة لدعم بنك التنمية الجديد التابع لها، وتسعى لإطلاق عملة موحدة بين أعضائها تنهي بها هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي، وبالطبع لن تقف الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين في مجموعة السبع الكبار متفرجة بل تحاول إشعال النيران حول العالم لمنع ولادة الثنائية القطبية، لذلك سوف يشهد العالم خلال الفترة القادمة أحداث دراماتيكية قبل أن يحسم الصراع على السيادة العالمية، اللهم بلغت اللهم فاشهد.