كتب د . محمد سيد أحمد | حتمية رفع الحصار عن سورية !!
الدكتور محمد سيد أحمد | كاتب وباحث مصري
استيقظ أهالينا بالإقليم الشمالي فجر الاثنين على كارثة إنسانية جديدة، فعلى مدار اثنى عشر عاما اعتاد السوريون على سماع أصوات الانفجارات نتيجة ما تشهده سورية من حرب كونية مع المشروع العدواني الغربي على أراضيها، فأصبح من الطبيعي الاستيقاظ على أصوات المدافع والصواريخ التي يستخدمها الإرهابيين الأدوات الوكيلة لدى العدوان الغربي، وفي أحيان كثيرة كانت صواريخ العدو الصهيوني تتجه صوب السماء السورية فأصبح أبناء الشعب العربي السوري معتادون على سماع دوي الانفجارات، لكن هذه المرة جاء الاستيقاظ للشعب بكامله على أثر هزة أرضية قوية أدت إلى إنهيار العديد من المباني في مناطق متفرقة من الجغرافيا العربية السورية وخلفت وراءها مئات من القتلى والجرحى.
وعلى الفور تناقلت وكالات الأنباء المحلية والإقليمية والدولية الأخبار، ودارت الكاميرات صوب المناطق المنكوبة لتنقل للرأي العام العالمي حجم المأساة التي نتجت عن الكارثة الطبيعية فشاهد العالم أطفال ونساء وشباب ورجال وشيوخ ينزفون الدماء تحت الانقاض، في وقت عجزت فيه المعدات والآليات عن الإنقاذ، وكذلك لم تستوعب المستشفيات المصابين نتيجة عدم توافر الخدمات الطبية، في ظل حصار رهيب وعقوبات اقتصادية تتعرض لها سورية منذ سنوات، ووجهت الحكومة السورية نداء عاجل للدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة والأمانة العامة للمنظمة ووكالاتها واللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الدولية لمد يد العون ودعم الجهود التي تبذلها الحكومة السورية في مواجهة تداعيات الزلزال المدمر.
وفي نفس التوقيت كان الزلزال الذي ضرب سورية قد ضرب تركيا، ومن خلال المتابعات اتضح أن المجتمع الدولي الذي قامت الحكومة السورية بتوجيه النداء إليه يستمع جيدا لنداءات تركيا في حين أن أذانه صماء فيما يتعلق بصوت سورية، ففي الوقت الذي هرولت فيه الحكومات الغربية لتعلن عن دعمها لتركيا وإرسال مساعدات عاجلة تتمثل في مد جسور جوية بين عواصم تلك الدول وتركيا ينقل من خلالها مساعدات غذائية وصحية ولوازم إيواء للمتضررين وفرق للبحث عن الأحياء الموجودين تحت الانقاض وانتشال الجثث، في الوقت الذي لم نسمع عن مساعدات مماثلة لسورية من تلك الدول سواء على مستوى التصريحات أو على مستوى الواقع وهو ما يعني أن المجتمع الدولي يكيل بأكثر من مكيال فيما يتعلق بالكوارث الإنسانية، على الرغم من رفعه لشعارات حقوق الإنسان.
وما يزيد من عمق الجرح أن تسير غالبية الدول العربية على نفس النهج الغربي فالأولوية في تقديم العون والمساعدة لتركيا أولا ثم يأتي ذكر سورية العربية على استحياء على الرغم من أن فقه الأولويات سواء على المستوى الدولي أو العربي كان يجب أن يتجه للأكثر احتياجا، وبالطبع سورية العربية التي تخوض حرب كونية على مدار اثنى عشر عاما مع مئات الآلاف من الإرهابيين الذين انتشروا على كامل الجغرافيا السورية وجاءوا بتحريض غربي من كل أصقاع الأرض ليعيثوا فسادا في الأرض السورية ودمروا الأخضر واليابس كانت هي الأولى بالمساعدة لأن شعبها تعرض لعدوان ظالم، تبعه حصار اقتصادي رهيب وعقوبات اقتصادية حرمت الشعب العربي السوري من كثير من متطلبات الحياة، على عكس الشعب التركي الذي يعيش في ظل ظروف طبيعية.
وفي ظل هذا الوضع الكارثي الرهيب الذي يعيشه أبناء الشعب العربي السوري نطالب الضمير الإنساني العالمي بالتحرك صوب المنظمات الدولية ليصرخ بها لكي تتحرك تجاه دمشق لتقديم العون والمساعدة للشعب المنكوب ورفع الحصار والعقوبات الاقتصادية الظالمة عنه، وإلا سوف نكفر بكل شعاراته التي يرفعها ويتحدث فيها عن حقوق الإنسان، وفي ذات الوقت نطالب الضمير الشعبي العربي بالضغط على الحكومات العربية لتقوم بمسؤولياتها الأخلاقية تجاه سورية العربية وتطالب بفك الحصار واسقاط العقوبات عنها فسورية التي خاضت حربها عبر السنوات الماضية لم تخوضها دفاعا عن شعبها وأرضها فقط بل دفاعا عن شرف وكرامة الأمة العربية من الماء إلى الماء، اللهم بلغت اللهم فاشهد.