كتاب الموقع

مواطن يبحث عن وطن

الدكتور عمران زهوي | كاتب وباحث سياسي لبناني

مرَّ على لبنان أزمات كثيرة، من المجاعة مروراً بالاحتلال العثماني والانتداب الفرنسي، وصولا الى الحرب الأهلية.
لا يختلف اثنان اننا اليوم نمرّ بأبشع الظروف التي ممكن أن تمرّ على وطن أو مواطن، بفضل منظومة المحاصصة الفاسدة والأعراف التي ما زالت تكرّس الانقسامات، وما يسمّى بالديمقراطية التوافقية، وما هي إلا كلمات منمّقة اخترتموها لتبقوا في مراكزكم متربعين على عروش طوائفكم لإدارة القطيع التابع لكم، غير مبالين لا بمقدرات وطن ولا شعب. ما أنتم سوى عصابات مجرّدة من الإنسانية، مافيا غير مسبوقة في تاريخ الشعوب، كارتلات تتحكم برقاب المواطن يعود ريعها الى أمراء الحرب والطوائف، تتقاسمون كل شيء ضاربين بعرض الحائط الدستور والقوانين والمصلحة الوطنية تحت شمّاعة التوازن الطائفي الذي أنهك البلد وقضى عليه. لا احترمتم الطائف ولا طبّقتم ما اتفقتم عليه في مؤتمر أنهى الحرب الأهلية، لا بل من سخرية القدر انكم تقاتلتم ومن ثم جلستم الى طاولة مستديرة ليس للإدارة والنهوض بالوطن بل كي تسرقوا كل مقدراته وأموال مواطنيه.
ad
بالله عليكم ألم تمتلئ خزائنكم بالمال، ألم تعاني أرصدتكم في الخارج التخمة البغيضة من أموال الوطن والمواطن؟!!
شطبتم من قاموسكم كل مفردات الإنسانية فلا ضمير ولا حياء ولا وطنية ولا أخلاق ولا مسؤولية بقيت في هذا القاموس البغيض الذي يدلّ على نفسيتكم المريضة كالوحوش الضارية، تأكلون الأخضر واليابس ولحم المواطن ولا يرفّ لكم جفن.
كان بإمكانكم أن تتنافسوا على النهوض بلبنان الى مصافي الدول المتقدمة بل أنتم أمعنتم بنقل صراع المحاور الى بقعة جغرافية صغيرة وجعلتم من ساكنيها شعوب ومشارب وطوائف ومذاهب تتناحر وتتقاتل للدفاع عنكم، بدل أن تكون لغة المواطنة والحوار هي التي تسود، بدءا من الصروح التعليمية وصولا الى الثقافة الوطنية المجتمعية.
لو خدمتم وطنكم من خلال محاوركم لكان أشرف لكم، ولكنكم كنتم السلاح لقتل بعضكم البعض وتدمير الوطن كرمى لعيون المحاور!!!
كن مع من تريد إلا العدو، واخدم وطنك لا أن تكون عبدا ومنفذاً لأجندات لن تبقي ولن تذر!!!!
اعتمدتم ثقافة القطيع وليس مناعته من الحقد الطائفي. جعلتم التفرقة والعصبية والبغضاء هي الخطاب لدى مكونات هذا الشعب، بدل أن ترسوا لغة المحبة والتعايش والمواطنة والتي تدعو إليها كل الأديان السماوية والقوانين والأعراف الإنسانية.
تجرّدتم من إنسانيتكم ونقلتموها الى هذا القطيع حتى أصبحنا متناحرين ونموت دفاعاً عن هذا الزعيم أو ذاك المسؤول أو تلك الطائفة!!
أصعب ما يمكن أن تبحث عن وطن، ولكن الأصعب من ذلك أن ترى أبناء هذا الوطن هم من يدمّرونه…
يا أبناء لبنان استفيقوا فان تأتي متأخّراً خير من أن لا تأتي، لأن هؤلاء سقطوا بكل المفاهيم والشعب هو مصدر السلطات وطالما أنتم لم تخلعوا ثوب المذهبية والطائفية والآنا والايغو لن تحصلوا على وطن، فانظروا ما أنتم فاعلين، والاستحقاقات القادمة هي الفيصل في أن تكرّسوا مواقعهم وسلطتهم، أو أن تستبدلوها بأشخاص ذات كفاءة وطنية عالية تستطيع أن تخرجنا من فوهة البركان.
أما أن تتوحدوا لنبذهم أم سيكملون مشروعهم بقتلكم وتشريدكم في بقاع الأرض،لانهم لم يتركوا خياراً سوى الهجرة من الوطن، لذلك لا تحبطوا أو تيأسوا المطلوب فقط توحّدكم لتغيير هذه المنظومة الفاسدة. أمامكم اما مستقبل في وطن لأطفالكم يليق بهم، واما اصمتوا للأبد… فالأوطان تُبنى بأيدي الوطنيين الشرفاء وليس بأيدي العملاء… التفاهم والجلوس مع اخوانك بالوطن أفضل من التفاهم مع الخارج الذي لديه أطماع وأجندات يريد تنفيذها من خلالك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى