الدكتور محمد رقيّة | باحث اكاديمي وكاتب سياسي
أشارت الكثير من صفحات التواصل ، وسجلت بعض الكاميرات المتفرقة ظهور أضواء زرقاء ساطعة تشبه البرق وأشار بعضهم الى وجود غيمة ملونة فوق منطقة زلزال تركيا الأخير الذي حدث في 6 شباط 2023 واستدلوا من خلالها على أن الزلزال مصطنع وتحدثوا عن دور مشروع هارب في هذه الظواهر ,ولكن للأسف معظم هؤلاء لا يعلمون بأنه , تاريخيا” في كثير من الحالات قبيل وقوع الزلازل القوية و أثناء حدوثها يشاهد الناس بعض الأضواء الخضراء المائلة للصفرة أو المتدرجة في ألوانها في أماكن مضيئة من الجو فوق المرتفعات العالية أو فوق المآذن و أبراج الكنائس و الأبنية العالية وخاصة في الليل و قد يظهر الضوء على شكل هالة مشعة، كما يشبه وميض البرق أحياناً و قد يشبه الشفق القطبي في إشعاعه, وتمت تسميتها “أضواء الزلازل” (Earthquake Lights).
حيث تم الابلاغ عن أول ضوء زلزالي عند حدوث زلزال سانريكو في عام 869 م، إذ وُصفت الظاهرة على أنها «أضواء غريبة في السماء» كما شاهد سكان مدينة عاشق أباد في جمهورية تركمانستان إشعاعاً وهاجاً فوق جبال كيبيت داغ المطلة على المدينة و ذلك أثناء حدوث زلزال عام 1948م كما شاهد الناس إشعاعات البرق في زلزال ألمانيا عام /1911 م/.
أُبلغ عن هذه الظاهرة أيضاً أثناء حدوث زلزال أموري في نيوزيلندا في 1 أيلول من عام 1888، إذ شوهدت الأضواء في صباح الأول والثامن من سبتمبر في ريفتون. شوهدت الظاهرة نفسها إثر الزلزال الذي ضرب أكابولكو المكسيكية، وإثر زلازل اليابان عام 1973 و1967 و1965.
وتوجد بعض التقارير التي تُفيد بظهور الأضواء قبل الزلازل أو بعدها مثل تقارير زلزال كالابانا في عام 1975. حيث أُبلغ عن ظهور أشكال مشابهة لتلك التي تظهر في الشفق القطبي إذ كان لونها أبيض مع تدرّج أزرق، وأُبلغ أحياناً عن وجود طيف ألوان أوسع. قيل إن هذا الضياء بقي مرئياً لعدّة ثوانٍ، وفي بعض الحالات قيل إنه استمر لعشر دقائق.
وقد شوهدت أضواء ملوّنة في السماء طول فترة حدوث زلزال كوليما في المكسيك في عام 2003. وعن المشاهدات الجديدة لهذه الظاهرة، ما حصل في ولنجتون في نيوزيلندا في 14 تشرين ثاني من عام 2006 حيث شوهدت ومضات زرقاء شبيهة بالبرق ليلاً في السماء كما شوهدت أيضاً أضواء زلزال بيسكو بدولة بيرو على شكل ومضات ساطعة في السماء فوق البحر في عام 2007، إذ صوّر العديد من الناس هذه الظاهرة. وتم التقاطها في فيديو كاميرا المراقبة قبل وقوع الزلزال الذي كانت شدته 8 درجات.
لوحظت هذه الظاهرة أيضا” وصُوّرت خلال زلزالي لاكويلا في ايطاليا عام 2009 وتشيلي في عام 2010. سُجّلت هذه الأضواء أيضاً على أشرطة الفيديو خلال ثوران بركان ساكورا جيما لعام 2011 في اليابان. .
وسُجّل على أشرطة الفيديو ظهور الأضواء في كلّ من مقاطعة سونوما في ولاية كاليفورنيا في 24 آب من عام 2014،. وعندما ضرب زلزال المكسيك عام 2017 بقوة 8.1 درجات ، ظهرت صور مخيفة لأضواء خضراء وزرقاء في السماء.
أُبلغ أيضاً عن ظهور أضواء صفراء على شكل كرات قبل حدوث بعض الزلازل.
تتعدد الروايات المتعلّقة ببعد مسافة الرؤية عن مركز الزلزال، إذ أُبلغ عن رؤية الأضواء على بعد (110 كم) من مركز الزلزال خلال حدوث زلزال إيدو في عام 1930. وأُبلغ أيضاً عن رؤية أضواء الزلزال في تيانشوي في قشانو على بعد ما يقارب 400 كم إلى الشمال الشرقي من مركز الزلزال الذي ضرب سيتشوان في عام 2008.
تبيّن أن ظهور ضوء الزلازل يترافق مع حدوث الزلازل الكبيرة فقط ،( أعلى من 6 درجات على مقياس ريختر.).
يشير علماء الزلازل بأن أضواء الزلازل تُصنّف في مجموعتين بناءً على توقيت ظهورها:
(1) أضواء ما قبل حدوث الزلازل التي تظهر قبل الزلزال بثوانٍ عادة وغالباً ما تظهر قريباً من مركز الزلزال،
(2) أضواء متزامنة مع الزلازل التي تظهر إما بالقرب من مركز الزلزال (الإجهاد الناجم عن الزلزال) أو على مسافات بعيدة عن مركز الزلزال أثناء مرور الرتل الموجي الزلزالي وخصوصاً أثناء مرور موجات S (أي الإجهاد الناجم عن الموجات).
في الواقع، يوجد تفسير علمي لهذه الأضواء التي يمكن اعتبارها ظاهرة طبيعية تصاحب الزلازل العنيفة التي تحدث شقوقا في القشرة الأرضية
ترى بعض النماذج أن ظهور أضواء الزلازل معتمد على تأين الأكسجين إلى أيونات الأكسجين من خلال كسر الروابط في بعض أنواع الصخور (الدولوميت والريوليت الخ) بسبب الضغط العالي قبل حدوث الزلزال وخلاله. تنتقل الأيونات بعد التأين عبر الشقوق في الصخور، لتقوم بتأيين بعض الجيوب الهوائية بمجرد وصولها إلى الغلاف الجوي قبل أن تشكّل بلازما باعثة للضوء.
أثبتت التجارب المخبرية تأين بعض الصخور للأكسجين عند تعرّضها لمستويات عالية من الإجهاد.
تشير الأبحاث إلى ارتباط زاوية التصدّع باحتمالية خلق ضوء الزلازل مع ظهور تصدّعات شبه عمودية في البيئات المتصدّعة التي غالباً ما يظهر فيها ضوء الزلازل.
تتعلّق إحدى الفرضيات بالمجالات الكهربائية المكثّفة المولَّدة من خلال الكهرباء الانضغاطية للحركات التكتونية في الصخور التي تحتوي على صخور المرو (كوارتز).
و يعتقد البعض أن لهذه المظاهر الضوئية ارتباطاً بالحالة التي تعيشها الكهرباء الجوية في ظروف الزلازل. إذ أنه نتيجة لاحتكاك كميات كبيرة من الجزيئات الهوائية مع بعضها ترتفع حرارة الجزيئات كثيراً فتنتشر في الجو على شكل شرارة مخيفة.
في اجتماع الجمعية الفيزيائية الأمريكية في آذار من عام 2014. قُدّمت بعض الأبحاث التفسيرات المحتملة لسبب ظهور الأضواء الساطعة خلال حدوث الزلازل. اقترحت الأبحاث أن توليد الجهد مرتبط بفرك طبقتين من المادة ذاتها مع بعضهما البعض وأكد الباحث والبروفيسور تروي شينبروت من جامعة روتجرز ذلك مخبريا”.
في عام 2014 قام فريدمان فرويند، أستاذ الفيزياء المساعد في جامعة “ولاية سان خوسيه” (San Jose State University) والباحث الأول في مركز أبحاث “أميس” (Ames Research Center) التابع لوكالة الفضاء الأميركة “ناسا” (NASA)، بنشر نتائج بحثية توصل إليها مع زملاؤه في دورية ” (Seismological Research Letters)، تفيد بأنه عند تحليل 65 حادثا ضوئيا للزلازل، تبين أنها ناتجة عن الشحنات الكهربائية التي يتم تنشيطها بسبب الضغوط في أنواع معينة من الصخور في أثناء النشاط الزلزالي. تنتقل صعودا على طول التكسرات شبه العمودية الشائعة في مناطق الفوالق، وعندما تصل هذه الشحنات إلى سطح الأرض وتتفاعل مع الغلاف الجوي، فإنها تعطي توهجا.
وتشير الدراسة أن صخور البازلت والغابرو، على سبيل المثال، تحتوي على شوائب صغيرة في بلوراتها يمكن أن تطلق شحنات كهربائية في الهواء، وقد قدّر العلماء أن الظروف التي أدت لنشوء الأضواء موجودة في حوالي 5% فقط من الزلازل ، كما أشاروا إلى أن أضواء الزلزال تظهر بشكل أكثر شيوعا قبل الزلازل أو أثناءها، وليس بعدها.
ويقول ، عالم الجيولوجيا في وزارة كيبيك للموارد الطبيعية، روبرت تيريولت إن “أضواء الزلازل ظاهرة حقيقية، فهي ليست أجساما غريبة الأطوار، ويمكن شرحها علميا”.
بشكل عام، قد يؤدي هذا الحديث عن أضواء الزلازل إلى زيادة الوعي بها كتحذير محتمل من الزلزال، وربما ستسمح لعلماء الزلازل بالتنبؤ بحدوثها بشكل أفضل.
أما الذبن يفترضون أن هذه الأضواء سببها برنامج “هارب” أو غيره من المشاريع ، فهو افتراض الجاهل ببواطن الأمور وهذا برأيي بعيد عن المنطق وتكذبه الظواهر التي أشرنا إليها والسابقة لمشروع هارب بعشرات السنين وتفسير علماء الزلازل لهذه الظواهر، ولا يمكن أن تكون هكذا مشاريع او برامج مسؤولة عن الزلزال في تركيا أو في أي مكان آخر، وهذا ما أكده أيضا” العديد من مواقع التحقق من المعلومات التابعة لوكالات عالمية.
لذا كفاكم تهريجا ” بهذه المسألة والاستخفاف بعقول الناس .
من كتابي الزلازل ومخاطرها في بلاد الشام مع الاضافات