كتب د . كمال الجفا | ماذا تعني خسارة روسيا للطراد موسكفا ؟..
الدكتور كمال الجفا | كاتب وباحث سوري في الشؤون السياسية والعسكرية
بغض النظر عن كيفية إصابة الطرّاد الروسي موسكوفا، إن كان جراء هجمات أوكرانية بصواريخ /نبتون/، أو جراء انفجار صواريخ على متنه ما أدى إلى إلحاق أضرار بالغة فيه، فإن النتيجة واحدة، أن أسباب غرق الطراد هو استهداف مفاجئ وغير متوقع أدى إلى إخراجه من الخدمة ومن ثم غرقة فيما بعد، مما شكل صدمة كبيرة للبحرية الروسية أولاً وللجيش والقيادة الروسية ثانياً، ومنح جرعة مهمة للقيادة الأوكرانية تحتاجها في هذه الظروف، بأنها حققت انتصاراً عسكرياً في قطاع استراتيجي مهم وهو تحييد هذا الطراد وإغراقة وإخراجه من الخدمة.
كيف استهدف الطراد وما هو السلاح المستخدم ؟..
حتى الآن هناك صمت روسي مطبق فيما يتعلق بتفاصيل العملية التي أدت إلى انفجار الأسلحة على متن الطراد والتي أدى بدوره إلى ضرر كبير في جسد هذه القطعة البحرية الهامة، ما أدى إلى غرقها أثناء قطرها بسبب الظروف الجوية حسب البيانات الروسية الرسمية.
لكن معلوماتٍ متطابقة تسربت من مصادر عدة تقول أن طائرة بيرقدار تركية حلقت فوق الطراد الروسي كانت تحمل أجهزة تشويش إلكتروني عملت على إحداث خلخة واضطرابات في الرادارات على متن الطراد بمساعدة من أقمار صناعية أمريكية متواجدة فوق المنطقة، مما سهل مهمة المجموعات الصاروخية الأوكرانية التي تحمل صواريخ نبتون لاستهداف الطراد، وأصابته إصابة مؤثرة أدت غرقه لاحقاً..
لأول مرة يتم تداول إسم هذا الصاروخ بشكل موسع علماً بأنه صاروخ جوال مضاد للسفن ينتجة مكتب كييف للتصاميم (لوج) الحكومي، يمكن أن يُطلق من ثلاثه أنواع من المنصات: برية، بحرية، جوية.
وقد تم الإعلان عن هذا الصاروخ لأول مرة في عام 2013 ، وبدأت أولى تجارب الإطلاق لهذا الصاروخ في 22 مارس 2016 .
الصاروخ الجوال /نبتون/ مُصمم لتدمير السفن الحربية مثل الطرادات والمدمرات والفرقاطات وسفن الإنزال والنقل، التي تعمل بشكل مستقل أو في مجموعات بحرية ووحدات إنزال، بالإضافة إلى الأهداف الساحلية وسط الظروف الجوية المواتية والسلبية في أي وقت من اليوم والسنة تحت نيران نشطة ورد فعل إلكتروني للعدو.
صاروخ /نبتون/ هو النسخة الأوكرانية لصاروخ (كي إج-35) الجوال الروسي المضاد للسفن، يشبه بشكل عام نسخة (كي إج-35 يو) لكن له جسم أطول، ويحمل وقود أكثر، ومعزز ببعض التعديلات الأخرى.
تشير بعض المصادر إلى أنه قبل انهيار الاتحاد السوفيتي، كان من المخطط إنتاج صواريخ (كي إج-35) في أوكرانيا. لكن تطوير الصواريخ سبقت نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي. نتيجة لذلك لم يدخل (كي إج-35) الخدمة السوفيتية مطلقًا، وقد تم إنتاجه لأول مرة في روسيا فقط في منتصف التسعينيات.
المواصفات ..
من حيث الأداء، يشبه صاروخ نبتون الجوال عمومًا طراز (كي إج-35 يو) الروسي ، يبلغ مداه المخطط له 280 كم ويحمل رأسًا حربيًا عالي الانفجار يبلغ وزنه حوالي 145 كجم.
هذا الصاروخ فعالً ضد السفن التي تصل ازاحتها إلى 5000 طن.
صاروخ نيبتون مزود بنظام ملاحة بالقصور الذاتي مع توجيه بالرادار النشط في المرحلة النهائية من رحلته.
الصاروخ يحلق بأرتفاع 10-15 متر فوق مستوى سطح البحر. وفي المرحلة النهائية من الرحلة ينخفض إلى 3-5 أمتار فوق سطح البحر للتغلب على أنظمة الدفاع المعادية.
كيف سيعوض روسيا خسارة قائد الأسطول الروسي موسكوفا وهل ستؤثر هذه الخسارة على سير العمليات العسكرية أو الآداء البحري للاسطول الروسي …
حتى الأن لايمكن لروسيا إن تعوض وبشكل سريع خسارة هذه القطعة البحرية الهامة بالرغم أن الصناعات العسكرية الروسية والمعامل المتخصصة بهذه الصناعة تعمل وفق خطط وبرامج موضوعة سلفا تؤمن حاجات وأولويات البحرية الروسية ..
لكن خسارة هذا الطراد لن يكون له أي تأثير على العملية العسكرية الحالية في أوكرانيا لأن البحرية الأوكرانية عملياً تم تحييدها كلياً، ولا يوجد معارك بحرية بين الأسطولين الأوكراني والروسي، وبالتالي التفوق كلياً لصالح الروسي في المجال البحري ..
– كيف سيكون الرد الروسي وهل سيكون مباشرا وعنيفا أم بطيئا ومتزنا ومتى …
اعتدنا خلال سنوات الحرب في سورية على ردات فعل متزنة ومدروسة وبطيئة من القيادات الروسية على ضربات تلقتها في شتى قطاعات الجبهات على كامل التراب السوري، وحتى في إدارة صراعاتها خلال السنوات السابقة في ملفات ساخنه متعددة، بحيث يكون هناك تأنٍ وصبر ودراسة لأي ردود أفعال من الجانب الروسي، إن كان في المجال السياسي أو العسكري أو الاستخباراتي، لكن عندما يحدث الرد فيأتي عنيفاً ومدمراً ومؤلماً، وهذا يشير إلى حتمية الرد الروسي على هذه العملية، لكن أين سيكون الرد؟، فقط ضد الجيش الأوكراني أم سيكون هناك ردود على الدول التي قدمت الدعم التقني والفني والأستخباراتي للجيش الأوكراني في تحديد موقع الفرقاطة الروسية والتشويش عليها مما ساعد الأوكراني على استهدافها وعدم قدرتها على تأمين الحماية لها وتعطيل آليات الدفاع الذاتي وصل قدراتها على مجابهة صواريخ نبتون الأوكرانية؟، هذا ما ستكشفه الأيام أو الأسابيع القادمة.
لكن بعد استهداف المدمرة الروسية صدرت مجموعة من التصريحات المتتالية على لسان عددٍ من القيادات العسكرية الروسية بتوسيع نطاق الاهداف الأوكرانية ودخول العاصمة كييف من جديد في برنامج الضربات الجوية والصاروخية والتهديد بضرب مراكز القيادة في كييف وباقي المدن الأوكرانية..
أعتقد أن روسيا تملك كل المعلومات التقنية والأمنية التي توضح كيفية استهداف المدمرة، وسيأتي الوقت المناسب لنشر هذه المعلومات على الإعلام وللرأي العام، وستُحَمِّل المسؤولية بشكل علني للدول التي ساعدت أوكرانيا في تنفيذ هذه العملية.
إذاً الرد قادم .. وحتماً سيكون مؤلماً وواسعاً ومتنوعاً .
موقع الوسط