الدكتور عمران زهوي | كاتب وباحث لبناني
عانى لبنان سنوات طويلة من حرب أهلية وكانت صفحة مريرة في تاريخنا الوطني، إلا انه للمفارقة كان الإقتصاد أفضل وكانت التغذية الكهربائية في كل هذه الحقبة أفضل من الآن.. الى أن كرّس اتفاق الطائف إنهاء الحرب وتنصيب أمراء الطوائف والأحزاب على هرم السياسة والإقتصاد وكل مفاصل الدولة، وتكريس المحاصصة وما يسمّى بالديمقراطية التوافقية..
يرزح المواطن اللبناني تحت تأثير الانهيار الإقتصادي والمالي غير المسبوق، حتى احتلّ لبنان المرتبة الثالثه عالميا من حيث الانهيار..
لن نخوض بالأسباب التي هي معلومة من الجميع بسبب الإقتصاد الريعي، ومنظومة الفساد والتحاصص الطائفي والسياسات التي تقوم على الاستدانة ودور حاكم المصرف والمصارف، لنصل إلى ما وصلنا إليه اليوم والذي وضع المواطن أمام خيارين: إما الهجرة وإما الموت البطيء…
وطالعتنا الحكومة بموازنة سوف تقضي على كل الآمال المتبقية سواء لكيانات اقتصادية وصناعية أو للمواطن على حد سواء، أو تحت مقصلة صندوق النقد الدولي وكل تجارب الدول معه كانت مريرة.
في ظل كل ما تقدّم ولن نتكلم عن الحلول المنطقية التي من الممكن أن تخرج لبنان من أزمته الخانقة، بل سوف نتحدث عما نملكه من ثروات طبيعية وتحديدا الثروة النفطية وهنا سوف نتطرق فقط الى الحدود البحرية والبلوكات فيها، عدا ان هناك عدة آبار نفطية في البر اللبناني تم اكتشافها منذ عام 1970 ولليوم لم تحرّك الدولة ساكنا في هذا الأمر.
إذا كان المبدأ في الترسيم هو نقطة الإنطلاق والتي تُعرف بالنقطة (В1) وهذه النقطة موجودة منذ عام 1950 على رأس الناقورة وتأتي من اتفاقية (النوكامب) واتفاقية الهدنة اللتين تحددان الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة وسوريا بحيث ترث الدول المستقلة حديثاً الحدود عن الدول المستعمرة وبعد اللجنة المشتركة في إتفاقية الهدنة التي حددت المعالم من B1 حتى B38.
وبحسب قانون البحار ان الخطوط رقم 1، وخط هوف هما ساقطان لأنهما لم يبدوا من نقطة الانطلاق (B1) ويأخذان بعين الاعتبار صخرة تيخيليت (هناك 11 حكما دوليا منذ عام 1985) وآخرها الحكم بين كينيا والصومال، كل هذه الأحكام شبيهة بوضعنا وفلسطين المحتلة بالنسبة لصخرة تيخيليت غير القابلة للحياة والسكن لأنها مغمورة بالمياه وهذا وفقا (للمادة 121 من قانون البحار) وهي عبارة عن (50*20) متراً فقط وتخسرنا (1800 كم2). وأما خط هوف فهو بدأ من ثلاثة أميال بحرية ولم يبدأ من (B1)، وأما خط 23 نفس الأسباب إلا انه كان بعيدا عن نقطة الإنطلاق حوالى ( 28-30 متراً) وهذا كان معلوما قبل أن يودع لبنان المرسوم 6433 الأمم المتحدة بـ4 أشهر (دراسة UKHO ودراسة العقيد الطيار مازن بصبوص ومن ثم أتى أيضا د. نجيب مسيحي) وكل الدراسات خلصت الى ان حقنا وخطنا التفاوضي الذي لا لبس فيه هو خط 29 وهو ملفا تقنياً وفنياً وحسب قانون البحار والقوانين الدولية المرعية الإجراء متين جداً. والأهم هو وجود حقل قانا الذي يبدأ ببلوك رقم 9 وينتهي ببلوك 72 الإسرائيلي.
وحسب الدراسات فانه يحتوي على مخزونين وغاز عالي الجودة مسيل والتقديرات المالية تفوق الـ100 مليار.. وخطّنا التفاوضي الـ29 يعطينا ثلث حقل كاريش أيضاً الذي يريد العدو أن يستخرج منه بعد إتمام مرحلتين من التنقيب، وكان من المفترض أن تبدأ شركة انرجين اليونانية الاستخراج في شهر 6 من العام الماضي إلا ان معركة سيف القدس أوقفت العمل تحديدا بعد ضرب حقل تمار من قبل الفلسطينيين، مما أدّى الى تراجع الشركة ليصار الى الإتفاق مع شركة أميركية وهي (الهاليبرتون) لكي تقوم بالاستخراج. هذا بالإضافة إلى ما تحتويه المنطقة من ينابيع مياه حلوة، عدا عن الثروة السمكية التي لم نقطف ثمارها لغاية اليوم.
وكان كل ذلك يحتاج من الرئاسات فقط تعديل المرسوم 6433 وإيداعه الأمم المتحدة لتثبيت حقنا واعتبار ان خطنا التفاوضي هو 29، ولأنه لم يتم ذلك لغاية اليوم فاننا نعتبرهم مقصّرين عمداً في هذا الملف عدا انه من الممكن أن يكون هناك بازار سياسي تفاوضي على العقوبات والتقرّب من الأميركي. لذلك نحمّل جميع من تقاعسوا من وزراء ومعنيين ورؤساء وغيرهم المسؤولية الكاملة عن التفريط في ثروات أجيالنا، وخشبة الخلاص في ظل الانهيار المالي والاقتصادي والأزمة الخانقة التي تهدّد الكيان اللبناني، لذلك نطالب الرئاسات الثلاث بأن يقوم بتعديل المرسوم وإيداعه الأمم المتحدة قبل العودة الى التفاوض مع هوكستاين (المندوب الأميركي للجنة التفاوض والإشراف الأميركي). ارحموا لبنان واللبنانيين وحافظوا على ثرواتهم إذا كان لديكم حس بالمسؤولية الوطنية، انكم مؤتمنون فلا تفرّطوا لا بالأمانة ولا بواجبكم الوطني.