تحليلات و ابحاثكتاب الموقع

كتب د . علي عز الدين | ما قبل 15 أيار،وما بعده

الدكتور علي عز الدين | كاتب ومحلل سياسي

أمام نتائج الانتخابات البرلمانية اللبنانية ،مع كل ما اخذت من حيز ” شعبي ،رسمي،حزبي،وما اعتراها من تجييشات مناطقية تارةً،و مذهبية في أغلب الحالات،نقف أمام تأملات مشهدية ما بعد إعلان النتائج .

أمام الوعود التي أطلقت من كل اللوائح الانتخابية العامة ،الحزبية،المنظمات،المجتمعات،نقف أمام ظاهرتين كبيرتين وهما الأكثر تداولا ً كتصريحات للمرشحين ،بما يتعلق بنزع سلاح المقاومة ومحاولة ربطه بكل مشاكل لبنان ،وبين مقال حماية سلاح المقاومة ومحاولة رفض تحميله أعباء ادّعاءات الفريق الآخر..
ما يهمنا هنا ،دراسة جدوى الإنتخابات وما تفرزه من إصطفافات جديدة داخل أروقة البرلمان اللبناني.

بعد السابع من أيار ،ما تلاه من قمة لبنانية في العاصمة القطرية ،عاد المجتمعون إلى قاعدة الميثاق الوطني،الجامع للجميع،مع انّه كان فريق المقاومة ومن معه من حلفاء بإستطاعته أن يفرض ما يشاء ،لكنه آثر على التعاون والمشاركة ،بِغَض النظر عمّا قاله البعض عن مدى صوابية إعطاء فرصة للفريق الذي يجاهر بالعداء للمقاومة و لحلفائها بالعودة للمشاركة السياسية والبرلمانية..
نداء المقاومة الداخلي كان ولم يزَل بالتشاركية ،ومد اليد للجميع ،بالمقابل شهدنا ما حدث وقت حكومة السنيورة بعد استقالة الوزراء الشيعة …

السؤال الأول والسيناريو الأكبر ،بعد صمود الكتلة النيابية للثنائي الوطني مع احتفاظ التيار الوطني الحر بالكتلة الأكبر مسيحياً رغم كل الحروب الذي أشعلت ضده من الفريق الآخر المدعوم اميركياً ورغم كل مال السعودية الانتخابي ، خصومه على امتداد الوطن ما تركوا فرصة إلا وهاجموه فيها ،الفريق الذي أمعن في صرف المال الانتخابي وشراء الذمم الضعيفة ليصل لهدفين أولهم كسر التيار الوطني الحر و التصويب على السلاح كما أعلن الأب الروحي لفريق حزب القوات ومن معهم الأميركي (شينكر) والذي نعت بعض رموز أدعياء التغيير بألفاظ ليست بجميلة..

معركة الأحجام والأوزان داخل البرلمان ،وينسحب ذلك على إختيار رئيس الحكومة و انتخاب رئيس الجمهورية؟ .

في المجلس النيابي اللبناني وبعد حصد الثنائي الشيعي كل المقاعد الشيعية ،وبالرغم من إعلان الكتل السياسية الفائزة بإنها لن تسمّي الرئيس نبيه بري رئيساً،لكن الواقع مغاير ،اولاً أنهم لا يملكون فائزا شيعياً خارج كتلة الثنائي،ثانياً ان الرئيس بري هو الأكبر سناً،يعني من ينادي بعدم انتخابه رئيساً رغم هذه الأسباب ،فهو يفتح معركة نائب رئيس المجلس وبالتالي ستتم التسويات انطلاقا ً من هذه النقطة وتنسحب على تشكيل كافة اللجان البرلمانية..

أمّا فيما يتعلق بالحكومة اللبنانية ،قد نكون أمام مخاضٍ طويل قبل الوصول لإتفاق على تفاصيل التكليف والتأليف مع ما يرافقها من أصوات تريد تغيير معادلات و بديهيات البيان الحكومي الذي يحدد اهداف كل حكومة أمام الانهيار الإقتصادي الكبير في لبنان..

بالنسبة لتساؤلات الشعب الذي لبّى نداء الواجب الديموقراطي بالرغم من المقاطعات الكبيرة في بعض المناطق ،إمّا اعتراضاً او لا مبالاة ً تصل للإحساس بفقدان الأمل والثقة للإنقاذ.
من يملك برامج إجتماعية تُعنى بأمن المواطن ، الغذائي و الإقتصادي بظل الحصار المفروض أممياً على لبنان بحجج مختلفة والتي فشلت بتحقيق أدنى أهدافها ،ماذا عن خطط إسترداد أموال المودعين والتي استخدمت سابقاً لإضاءة بضع ساعات من الكهرباء للشعب اللبناني،وأستخدمت لشراء السلع الغذائية والقمح ،والآن استخدمت لإنجاح الانتخابات البرلمانية وتمويلها ..

ماذا عن الإتجاه شرقاً، او الإتجاه نحو الأصدقاء الخارجيين ،لوضع برامج إقتصادية،وخطط نمو حديثة ،مع ما يملك لبنان من مقدرات طبيعية و بشرية تجعل منه رائدا ً وفي طليعة الدول على الخارطة العالمية ،إذا وجدت الإرادة الصلبة عند الجميع واذا وجدت الأفكار عند الجميع ايضاً ممن يرفض الإملاءات الخارجية واطماع الكيان الصهيوني بمائنا ،بنفطنا و غازنا ..
معاهد كونفوشيوس الصينية المنتشرة بعشرات الدول في العالم ،التي تُعنى بتعليم اللغة الصينية ،ومشاركة برامج التطوير الإداري والذاتي ،وإرسال بعثات ثقافية مع ما يترافق ذلك من منح دراسية ،ومبادلات تجارية على المديات الطويلةوالقصيرة ،لدرجة أن بعض دول أميركا اللاتينية أصبحت تعتمد ببعض مناهجها تعليم اللغة الصينية ،السؤال هل لبنان أقرب إلى الصين من الاكوادور او البرازيل ؟

إن تحرير عقلية المنهزم والقائل أننا لا نستطيع تحدّي لغة الاستكبار بكل عناوينه أصعب من تحرير الأرض،وإن ثقافة الحياة التي ينادي بها بعض الداخل اللبناني بشكل سطحي لا تُبشّر بقرب الوصول للأفكار النيرة التي من شأنها النهوض والانطلاق بلبنان لإيجاد مكان على الساحة الدولية والنظام العالمي الذي اقترب من نهاية مخاضه .

الأفكار الكبيرة هي التي تُعطي نتائجاً أكبر ،الخروج من لغة الإلغاء ومد اليد والجسور بين جميع الوطنيين اللبنانيين الذين يريدون بناء وطن حر مستقل و محرر من الاحتلالات ( الأرض والعقل والفكر ) هو ما يعطي املاً للأجيال القادمة بدلاً من أن تهاجر إلى الخارج ..

المنطقة مقبلة على أحد أمرين ،تسوية او حرب،مع استبعاد لغة الحرب الكبيرة او نظرية التسوية الصلبة .
فلنكن كلبنانيين متنورين و مستعدين لكل الاحتمالات ونسعى لنكون أصحاب الفعل وليس ردة الفعل..

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى