الدكنور علي حكمت شعيب أستاذ جامعي
يشكل التخطيط الوقائي الركن الأول والأهم من التخطيط للأزمات إذ أنه يركز على منع الأزمة من أن تحصل ما يعني تفادي كل تداعياتها السلبية، فيما الركن الثاني وهو التخطيط العلاجي يركز على الحد من آثار هذه التداعيات السلبية عند حصول الأزمة. أما استشراف الأزمة فيعتمد على قراءة مؤشرات لنُذُر مبكرة فحينها تجب المبادرة فوراً إلى وضع الخطط الوقائية وتنفيذها قبل قدوم الأزمة ووضع الخطط العلاجية وتأمين خطط الجهوزية لها وذلك من أجل تنفيذ تلك الخطط العلاجية في حال لم تستطع عملية تنفيذ الخطط الوقائية من منع الأزمة. واليوم نسمع وزير الخارجية الروسي يقول إن سعر برميل النفط سيقفز إلى ٣٠٠ دولار وقد يصل إلى ٥٠٠ دولار. وبالأمس خاطب الرئيس الروسي السابق ميدفيديف أوروبا في ٢٢ شباط ٢٠٢٢ بقوله: “مرحباً بكم في العالم الجديد الشجاع، حيث سيدفع الأوروبيون ما يقارب 2000 يورو لـ 1000 متر مكعب من الغاز الطبيعي” وبالفعل قد تخطى السعر هذا السقف العالي في شهر آذار الحالي وما زال في مسار تصاعدي. فيما صرحت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو” (FAO) في الأسبوع الثاني من آذار الحالي: “إن الأسعار العالمية للأغذية والأعلاف قد ترتفع بما يتراوح بين 8% و20% نتيجة الصراع الدائر في أوكرانيا، مما سيؤدي إلى قفزة في عدد الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية في شتى أنحاء العالم.” وفي تقييم أولي للحرب الروسية على أوكرانيا قالت الفاو: “إنه لم يتضح ما إذا كانت أوكرانيا قادرة على جني المحاصيل إذا طال أمد الصراع، إلى جانب حالة من عدم اليقين تحيط أيضا بصادرات الغذاء الروسية. إن روسيا أكبر مصدّر للقمح في العالم، فيما جاءت أوكرانيا في المرتبة الخامسة، وتوفران معا 19% من الإمدادات العالمية من الشعير و14% من إمدادات القمح و4% من الذرة، وهو ما يشكل أكثر من ثلث صادرات الحبوب العالمية، وهما أيضا من كبار مصدّري زيوت الطعام” أما البنك الدولي فقد صرحت كارمن راينهارت كبيرة الاقتصاديين في الأسبوع الثاني من آذار الحالي: “إن ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء بسبب حرب روسيا على أوكرانيا قد يفاقم مخاوف الأمن الغذائي بالشرق الأوسط وأفريقيا، وقد يؤدي إلى تنامي الاضطرابات الاجتماعية”. هذه مؤشرات للإنذار المبكر يجب على الحكومة اللبنانية ان تأخذها بعين الاعتبار لأنها تحمل معها أزمة غذاء وازمة طاقة يشكلان تهديدات وجودية لأي دولة. وعليه يجب المبادرة سريعاً إلى تشكيل لجنة أزمة لتقوم بوضع وتنفيذ الخطط الوقائية دون تلكؤ كي لاتجتاحنا تلك الأزمات بعواصفها المزلزلة والمدمرة. إن من السياسات والإجراءات الوقائية: -المبادرة إلى تخصيص موازنة مالية وافرة من أجل الشراء السريع لتلك السلع التي ستتعرض للشح وبالكمية التي يحتاجها اللبنانيون لعامين على الأقل لأن التقديرات تتوقع امتداد الأزمة لتلك المدة. -القيام بتخزينها في أماكن مناسبة من قبل الدولة دون ترك الأمر إلى مبادرات التجار الذين علمتنا التجربة أن مرض الاحتكار والاستغلال يتفشى في كثير منهم. هذا الأمر يجب أن يكون من أولى الأولويات للحكومة بل ربما يفوق أو يوازي في أهميته أولوية إجراء الانتخابات النيابية ولا يجب التباطؤ فيه أبداً.