الدكتور اسكندر كفوري | خبير بالشأن الروسي
لقد قال موحد ألمانيا أوتو فون – بسمارك في العام 1871 أنه لكي نتحكم بأوروبا علينا تقسيم روس (روس تعني روسيا، ماليا روس اي روسيا الصغرى أوكرانيا حاليا، وبيلاروس أي روسيا البيضاء بيلاروسيا حاليا) لم يكن في أي يوم من الأيام هناك دولة تسمى أوكرانيا، كان اسمها ماليا روس وان كل مؤسسي وباني مجدها وتاريخها ومدنها كانوا من الاباطرة والقادة العسكريين الروس وقد بُذل الكثير من الدماء لتأسيسها وسقط ملايين الروس عبر التاريخ لحماية أراضيها والذود عنها. والأمر الآخر الجدير بالملاحظة أن روس كانت دائمة وما زالت مستهدفة من الغرب وان اختلف قادته.
والذي لا يعلم نستعرض بعض الحقبات التاريخية المهمة:
– في العام 1630 تأسست مدينة خاركوف على يد القيصر الروسي الكسي ميخايلوفيتش والد بطرس الأكبر حيث بنى هناك قلعة جمع فيها الروس الفارين من التعسف البولندي واعلن عن قيام هذه المدينة وإقليمها في العام 1656.
– في العام 1655 أسس القيصر الكسي ميخايلوفيتش مدينة أخرى في الغرب الأوكراني هي مدينة سومي وجمع فيها ايضا المواطنين الروس الهاربين من الظلم البولندي.
– في منتصف القرن السابع عشر كانت بولتافا مركزا روسيا معروفا، إلا أن قام الخائن غيتمان فيدرسكي الذي يشبه اليوم زيلينسكي وأعوانه بتسليم المدينة وأهلها كعبيد لتتر القرم.
– في العام 1754 أسست الامبراطورة اليزابيث بتروفنا مدينة كيروفوغراد واسمتها اليزابيت غراد.
– في العام 1770 أسست الامبراطورة يكاترينا الثانية مدينة زابوروجا واسمتها الكسندروفسكي.
– في العام 1775 أسست الإمبراطورة كاترينا الثانية مدينة كريفوي روغ.
– في العام 1776 أسست الإمبراطورة كاترينا الثانية مدينة دنيبروبتروفسك على نهر الدنيبر وسميت حينها بكاترينا سلافا.
– في العام 1778 أسست الإمبراطورة كاترينا مدينة خيرسون على البحر الأسود ونهر الدنيبر وباشرت بناء الأسطول الروسي على أرضها بقيادة الدوق بوتيومكين.
-في العام 1778 أسست الإمبراطورة كاترينا الثانية مدينة ماريوبول على البحر الأسود ووطنت هناك اليونانيين الهاربين من العثمانيين.
-في العام 1783 أسست الإمبراطورة كاترين الثانية مدينة سيفاستوبل على أنقاض القلعة التي بناها القائد الروسي سوفوروف (الذي هزم نابليون ولم يخسر ولا معركة في حياته) وقد بنى المدينة الدوق بوتيومكين.
– في العام 1784 أسست الإمبراطورة كاترينا الثانية مدينة سيمفروبل وبناها الدوق بوتيومكين على أنقاض المخيم العسكري الذي كان قد انشأه القائد الروسي الفذ سوفوروف.
– في العام 1789 أسست الإمبراطورة كاترينا الثانية مدينة نيكولاييف وأشرفت فيها على بناء سفينة القديس نيكولاوس بقيادة الدوق بوتيومكين.
– في العام 1794 أسست الإمبراطورة كاترينا الثانية مدينة أوديسا والتي بنى في محيطها القائد العسكري الروسي العظيم سوفوروف حصنها الشهير اسماعيل.
– في العام 1795 أسست الإمبراطورة كاترينا الثانية مدينة لوغانسك على نهر لوغا وبنت فيها معملا للصلب وجمعت فيها عمالا من المحافظات الشمالية الغربية المجاورة.
– في العام 1869 أسس القيصر الكسندر الثاني مدينة دونيتسك وبنى فيها معملا للصلب سمي يوزفكا.
– في بداية القرن العاشر عرفت مدينة تشيرنيهوف كإحدى أقدم المدن الروسية، في العام 1503 دخلت في الكيان الروسي وفي العام 1611 هدمها البولنديون واحتلوها وفي العام 1654 استعادها الجيش الروسي وبقيت روسية.
– في العام 1922 ومع إعلان جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية التي كانت تضم فقط كييف وبعض الأقاليم القريبة من دون أي منفذ لها على البحر، ضم إليها القائد العالمي للثورة البلشفية فلاديمير لينين الأقاليم الشرقية والشاطئية: خاركوف، خيرسون، اوديسا، لوغانسك.
– في العام 1939 الحق بها القائد السوفياتي الشهير ستالين غاليسيا الشرقية (المناطق الغربية من أوكرانيا حاليا التي تضم اقليم لفوف، اقليم ترنوبل، وإقليم ايفانو فرانكوفسك) وانتزع بسربيا الجنوبية وشمال بوكوفينا التي كانت تضم 4 ملايين نسمة من رومانيا بينهم عدد كبير من السكان السوفيات والحقها بجمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية رغما عن إرادة هتلر.
– في 17 ايلول العام 1939 اعطى ستالين الامر بحماية المواطنين السوفيات في بولونيا فدخل الجيش الأحمر في 14 تشرين الأول من نفس العام إلى إقليمي غاليسيا وفولينيا (83 ألف كلم مربع) وضما إلى أوكرانيا، وفي 4 كانون الأول أصدرت هيئة مجلس السوفييت الأعلى مرسوما أعلنت فيه مناطق: لفوف، درغوبيتشيسكي، ستانسلافسكي، فولينسكي وريفينسكي مناطق أوكرانية وقد ثبّت مؤتمر يالطا ذلك مع اعادة جزء بسيط بالقرب من بيرميشليا إلى بولندا.
– في العام 1945 الحق ستالين بأوكرانيا إقليم زاكارباتيا (12800 كلم مربع جنوب غرب أوكرانيا حاليا).
– مدينة لفوف وإقليمها في المنطقة الغربية كانت نمساوية احتلها الجيش الروسي في الحرب العالمية الأولى، انتزعتها فيما بعد بولندا إلى أن عاد ستالين واستعادها في العام 1944.
واخيرا في العام 1954 منح نيكيتا خروتشوف شبه جزيرة القرم الروسية إلى جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية.
فعن أي أوكرانيا يحدثنا النازيون الجدد والانقلابيون في كييف؟ وهم يمعنون تشريدا بشعبهم ومواطنيهم، ويسعون بالتواطؤ مع الغرب لضرب أشقائهم في روسيا. في كل شيء استعانوا بروسيا وعندما أدار المتطرفون بلادهم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي فشلوا فشلا ذريعا في كل القطاعات، سرقوا كل ما وصلت إليه أيديهم، وأوغلوا في الفساد. جمعوا الثروات، افقروا الشعب و اضطهدوا أبناء القومية الروسية وأرادوا فرض انقلابهم على الآخرين و المفارقة فإن الرئيسين اللذين وصلا إلى السلطة بيوتر بوروشينكو وفلاديمير زيلينسكي بعد الانقلاب وللصدفة وبسحر ساحر كانا من الطائفة اليهودية كما ورئيسي وزرائهما وكبار القادة الأمنيين في حين أن نسبة هذه الطائفة على عدد السكان في أوكرانيا لا تمثل الا 0،5 بالمئة. حتى ان هؤلاء النازيين انتقلوا للعبث بالكنيسة الارثوذكسية بتوجيه مباشر من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو وأرادوا تقسيمها وللاسف الشديد أشركوا في هذا الأمر البطريرك المسكوني الذي قام بخلق كنيسة وهمية من مطارنة غير مكرسين ومن منبوذين وهاجم الكنيسة الشرعية برئاسة المطران أونفري. واعتدى هؤلاء على رجال الدين وعلى المؤمنين بمساعدة من متطرفين قوميين ومن الشرطة وتم انتزاع العديد من الكنائس من أصحابها وافراغها من المصلين، فهل هذه هي ارادة قداسة البطريرك القسطنطيني الذي يظهر تعنتا وشدة مع اخوانه الارثوذكس في روسيا وبلغاريا وشمال مقدونيا وصربيا وغيرها في حين نراه مستسلما راضيا مع العثماني أردوغان و مهللا فرحا مع الأميركي، فهل هناك من سر نجهله أو نعرفه ولا نريد البوح به؟!
لقد سلم النازيون الجدد في الطغمة الحاكمة أمرهم لتجار الهيكل في الغرب وقد قال فيهم بوريس جونسون اثناء زيارته الى أوكرانيا : “سنقاتل حتى آخر قطرة دم أوكراني” وعندما لاحت بوادر حرب سحب دبلوماسييه وجنوده وانزل علم بلاده وفرّ إلى بولندا. الخطر أن الرئيس الأوكراني الحالي (وهو ممثل كوميدي لا خبرة لديه في السياسة) قد سلم امره وامر شعبه للعم سام. والخطر الاكبر ان الجيش الأوكراني وقائده لا يأتمر بأوامر الرئيس الأوكراني، بل ان قيادتهم الفعلية هي بيد الناتو. فهل يرتدع الباغي كائنا من كان ويعود للتاريخ ليدرك أن مصيره لن يكون أفضل من مصير امبراطوريات لقيت قدرها البائس قبله. وللتذكير فإن قدر روسيا وواجبها عبر التاريخ كان تدمير كل الامبراطوريات الغازية، حيث حطمت الصليبيين عند أسوار استونيا بعد أن غزوا العالم، و أذاقت نابليون المتغطرس وجيشه مرارة الموت وأكثر عندما هزمته شر هزيمة على أبواب موسكو. وجعلت الدول الاستعمارية التي حاولت خنق الثورة البلشفية الفتية في أعوام 1917 – 1923 يتبددون على غير هدى. واسخنت جراح هتلر بالأوجاع حتى الهلاك وقهرته بعد ان اركع كل أوروبا.
فعلى بايدن ومن وراءه وأمامه في الحكومات العميقة القريبة والبعيدة أن يأخذوا من التاريخ عبرة لعلهم يتعظون!!!