كتب خليل نصرالله | مشهدية “الحربي”.. الرسالة في تفجير “الجدار”

خليل نصرالله | كاتب واعلامي لبناني

منذ نشوئها، استخدمت المقاومة الاسلامية الصورة في توثيق عملياتها العسكرية. شيئا فشيئا، تحول الأمر من تصوير فردي إلى “اللجنة الفنية للإعلام الاسلامي” وصولاً إلى وحدة كاملة تحت مسمى “الإعلام الحربي”. انتشر عناصرها في الجبهات، وكانوا جزءا أساسيا من عمليات المقاومة، سواء في عمليات اقتحام مواقع العدو جنوب لبنان، او التجهيز للعمليات، او مواكبة الشهداء ووصاياهم.

وحدة الاعلام الحربي، ومع تطور التقنيات، باتت أكثر تجهيزا وتأثيرا، حتى بات الاسرائيليون، كما غيرهم، يتوقفون عند أي مشهدية، ولو تمثيلية، تصدر عن الاعلام الحربي.

المقاومة بدورها، استغلت عمل وحدة الاعلام الحربي لتمرر الرسائل التي تريد وبالكيفية التي تراها مناسبة، وعلى ذلك أمثلة كثيرة، يمكن التذكير بالمقطع الذي ترافق مع تهديدات المقاومة أبان التفاوض غير المباشر بين لبنان والكيان الاسرائيلي، والذي كشف عن قدرات رصد عالية تمتلكها المقاومة في عملها. او قبل ذلك مشهد الاحداثيات لنقاط حساسة في عمق الأراضي المحتلة. وغير ذلك.

مساء الأحد، مقطع تمثيلي بثه الاعلام الحربي في المقاومة. يظهر مقاتلين يتقدمون باتجاه جدار حدودي أقامه العدو، يشبه الجدار في المنطقة كفركلا، ويقومون بتفجيره ثم العبور والاشتباك مع العدو بعد مباغتته.

في المشهد رسائل جمة، منها ما هو سياسي ومنها ما هو عسكري بامتياز.

سياسيا، اريد إيصال رسالة تتعلق بالمتغير السياسي في الكيان الاسرائيلي، تحديدا وصول اليمني المطرف، المتطرف، إلى إدارة البلاد، وهو معروف عنه الحماقة سواء في التصريحات عالية السقف، او التقديرات الخاطئة. أراد القيمون في المقاومة القول إننا مستعدون لأي حماقة تصدر عن تقدير خاطئ اتجاه لبنان اولا، ثانيا، أرادوا القول للفريق الجديد في الكيان ان لا يذهب بعيدا حتى في تصريحاته التي يمكن أن تحدث توترا، قد يجر إلى اشتباك. كما أن الرسالة تؤكد أن معادلات المقاومة، خاصة معادلة كاريش وما بعد كاريش هي سارية المفعول.

عسكريا، أكد القيمون عبر المقطع على جهوزية المقاومة العالية، تحديدا في وحدات المشاة.

ــ إن المقاومة تواصل العمل على خطة العبور، وهي تطورها للتكيف مع الظروف كافة، وتستخلص العبر وتبني على أساسها.

ــ أن العبور نحو الأراضي المحتلة، أمر حتمي، منذ أن طلب سماحة السيد حسن نصر الله قبل أكثر من عقد من الزمن من مقاتلي المقاومة الاستعداد للسيطرة على الجليل اذا طلبت منهم قيادة المقاومة ذلك. وهو ما كان يعني يومها ان خطة أولية قد اكتملت.

ــ إن المعنيين في المقاومة، وعبر المشهد التمثيل، ومن خلال تفجير الجدار وعبور عدد من المقاتلين، أرادوا إفهام العدو بأن التحصينات التي يقيمها شمال فلسطين المحتلة، سواء عند الحدود في أبعد من ذلك، هي تحت الأعين والرصد ويعمل على فك شيفراتها سريعا.

لا شك أن رسائل المقاومة التي تمر عبر الاعلام الحربي، مبنية على عمل وجهد بعضه احتاج لسنوات طويلة لإتمامه. يعي الاسرائيليون ذلك جيدا، نسبة إلى التجربة، لذا هم سيقفون عند مشهدية العبور بدقة، وسيحللون رسائلها لاستخلاص عبر.. عبر أرادت المقاومة ان يفهمها العدو.

يبقى القول إن الاعلام الحربي هو أحد أبرز الأسلحة التي تمتلكها المقاومة وتطورها، وما اعد في هذه الوحدة هو كبير وكبير، خاصة أن من مهامها في أي حرب مقبلة أن تنظم نقلا مباشرا لتدمير فرق العدو، وهو إعلان صدر عن سيد المقاومة السيد حسن نصرالله في عام ليس ببعيد.

 

Exit mobile version