خليل نصرالله | كاتب واعلامي لبناني
لم تخف دول التطبيع عداءها للجمهورية الاسلامية الإيرانية، ولا لقوى المقاومة في المنطقة، من لبنان إلى فلسطين والعراق واليمن.
عند توقيع اتفاقات “أبراهام” كان واضحا أن مسارا علنيا لحلف خليجي إسرائيلي أميركي قد رسم. ألمح الأميركيون يومها على لسان جاريد كوشنير، كبير مستشاري البيت الأببض، وأحد عرابي التطبيع، إلى أن حلفا يتكون لمواجهة إيران. عبارات بعض دول التطبيع، خاصة الإمارات، التي حاولت نفي المسألة، ووضعت الخطوة في إطار دعم القضية الفلسطينية عبر انهاء مرحلة العداء، لم تؤكدها الاتفاقات الأمنية، والتصريحات الإسرائيلية، ولا حتى الزيارات العسكرية العلنية. ثمة تشبيك أمني يحصل، وعمل على نشر منظومة إنذار مبكر، تؤكد المؤشرات كافة أنها تحقق مصلحة إسرائيلية بالدرجة الأولى، في حين تنتفي المصلحة منها من دول ارتضت للكيان الاسرائيلي مؤطئ أقدام على أراضيها.
جديد ما تظهر هو كشف رئيس المديرية الوطنية للإنترنت في الكيان الإسرائيلي “غابي بورتنوي”، عن اجتماعات بين الكيان والإمارات والبحرين والمغرب، لمناقشة إنشاء منصة مشتركة للدفاع السيبراني، محددا الهدف منها بالتصدي لما أسماه “التهديدات المتزايدة من قراصنة إيرانيين”.
الملفت في تصريح “بورتنوي”، الذي كان يتحدث لهيئة البث الرسمية الاسرائيلية “كان”، هو الكشف أيضا عن أن الاجتماع مع الدول الثلاثة العربية هو الإعلان المشترك بشأن التعاون في مجال الانترنت ضد “الأعداء المشتركين”.
مضمون تصريح رئيس المديرية الوطنية للإنترنت في الكيان الإسرائيلي لم يلق أي تعليقات من المعنيين في الدول التي حضرت الاجتماع، فيما يشبه حالة الصمت المتبعة من قبلهم عند اتخاذ خطوات من هذا النوع، والتي تعتبر عملا عدائيا ضد دول جارة في المنطقة.
الخطوة ولو كانت جزءا من خطوات، وهي بحكم المؤكدة، تبين أن المسار الذي تسلكه دول طبعت مع الكيان الإسرائيلي، وهي لم تكن في يوم من الأيام بحالة حرب معه، يؤدي بها إلى تسخير مقدراتها خدمة لـ “الأمن الإسرائيلي”.
لم يعد خفيا أن ما لم يعلن عنه مباشرة من مشاريع منظومة أمنية مشتركة بين الدول التي طبعت، وأخرى لم تعلن عن التطبيع بعد كالسعودية، هو على أرض الواقع يطبق ويعمل عليه، خاصة أن الموساد الإسرائلي بات يعمل علانية في دولتين هما الإمارات والبحرين.
تشبيك العمل على الصعيد السيبراني، وبما يحمل من إشارات، هو بطبيعة الحال موجه ضد الجمهورية الإسلامية وحلفائها، وهو ما يطرح سؤالا عن قدرات هذه الدول، تحديدا الإمارات والبحرين، على تحمل تبعات أي عمل مشترك ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية أو حلفائها، لاعتبار أن المنظومة المشتركة، وحسب المعلن عن توجهاتها، تهدف إلى الشروع بأعمال تخريبية، تحت عنواني “الدفاع والحماية”. فالكيان الإسرائيلي لم يعهد أنه يقوم بأعمال “دفاع” كما يدعي، إنما أعمال تخريب كثير منها واضح المعالم.
من خلال العنوان الذي وضع لمجموعة العمل هذه، أي “القبة الحديدة السيبرانية”، يتبين أن شبك لعمل أمني، والاسم يحمل دلالات تعاون أمني واضح.
في المحصلة، إن إنشاء هذه المنظومة سيرتب على جميع مكوناتها تحمل تبعات أي أعمال عدائية تقدم عليها، خاصة مع اعتراف الأميركيين والإسرائيليين بقدرات سيبرانية ذات أهمية كبيرة لدى من يرونهم “أعداء” لمشاريعهم التخريبية في المنطقة.