كتب خالد عرار | انتخابات البقاع الغربي .. معركة على انقاض المستقبل ؟

خالد عرار | كاتب لبناني

الإندفاعة الأميركية و الأوروبية تجاه إجراء الإنتخابات النيابية المقبلة في لبنان، سرعان ما تراجعت و تلاشت بعد صدور نتائج استطلاعات الرأي التي أجرتها شركات أجنبية و محلية معروفة بدقتها، بتكليف من السفارة الأميركية في بيروت و غيرها من السفارات الأخرى و التي جاءت مخيبة لآمالهم و أهدافهم بالرغم من الضخ الهائل لمليارات الدولارات التي صرفت على جمعيات و مؤسسات و قوى و أحزاب سياسية تفوق فسادها على فساد الطبقة السياسية التي رفعت هذه الجمعيات شعارات اسقاطها، و بالرغم من الفبركات و التضليل الإعلامي الذي قادته مؤسسات إعلامية كبيرة في لبنان و خططت له السفارة الأميركية و موله بعض العرب. كل ذلك على أمل إحداث تغيير ما في المزاج الشعبي اللبناني المؤيد بأغلبيته للمقاومة و سلاحها الرادع لأطماع العدو الإسرئيلي.

تراجع الحماسة الأميركية و الأوروبية و تعليق الرئيس سعد الحريري و تياره المشاركة في العمل السياسي اللبناني أحدث إرباكاً كبيراً لدى بعض القوى السياسية التي كانت تستولد بعض من نوابها من الحاضنة السنية من هذه القوى، القوات اللبنانية و الحزب التقدمي الإشتراكي.

هذان الحدثان ولدا شعوراً واسعاً لدى اللبنانيين عامًة و بعض السياسيين خاصةً، بأن الإنتخابات النيابية المقررة في أيار المقبل سوف تؤجل لأن حسابات الحقل اللبناني لم تتطابق مع حساب البيدر الأميركي.

كل ذلك أدى في زيادة ضبابية المشهد الإنتخابي المقبل لكن لم يمنع ذلك حركة المرشحين المستجدين الطامحين الظاهرة للعيان و الذين يستخدمون في مخاطبتهم الناس شعارات و مفردات ممجوجة و قديمة لا بل و بالية. بالمقابل، تنشط حركة النواب الحاليين و بعض القوى و الأحزاب و لكن بصمت و بعيداً عن الضجيج الإعلامي و بكثير من التأني و التخفي.

في هذا السياق، اعتبر مصدر سياسي متابع أن أكثر المتضررين من تعليق الرئيس سعد الحريري و تياره العمل السياسي هم القوات اللبنانية و الحزب التقدمي الإشتراكي و هم أكثر من غرز رماحه في جسد الحريرية السياسية.

لذلك بدأ هذان الفريقان اتصالاتهما ببعض الرموز المستقبلية التي تحاول  أن توحي للسعودية بأنها قادرة أن تقود ارث الحريري السياسي والطائفة السنية بشكل عام للتحالف مع القوات اللبنانية و الحزب التقدمي الإشتراكي و من هؤلاء الرئيس فؤاد السنيورة الذي تلقى اتصالاً من سمير جعجع و أعقب ذلك ارسال مبعوثه ميشال رياشي للبحث في شأن الطائفة السنية و ما تنوي القيام به،  يقف خلف السنيورة نواف سلام الذي رشحته القوات لرئاسة الحكومة اللبنانية.

و على ضوء ذلك عقد الوزير السابق جمال الجراح المعروف بعلاقته بسمير جعجع لقاء دعا إليه مجموعة كبيرة من كوادر تيار المستقبل في البقاعين الغربي و الأوسط قدم خلاله طرحاً بضرورة العودة للتحالف مع القوات اللبنانية و الحزب التقدمي الاشتراكي، فكانت صدمة الجراح كبيرة جداً من ردة فعل الحضور الرافضة بشكل قطعي لمنطق التحالف مع من أمعنوا غدرًا بالرئيس الحريري.

من جهةٍ أخرى و في السياق نفسه أجرى الوزير السابق وائل أبو فاعور اتصالات مكثفة بالنائب المستقبلي السابق زياد القادري ناقش معه إمكانية تشكيل تحالف ثلاثي بينه و بين الحزب التقدمي الإشتركي و القوات اللبنانية،  فما كان من قادري إلا رفض هذا العرض بشكل قطعي.

و يضيف المصدر أن الإرباك القواتي و الإشتراكي ليس في البقاع فحسب بل في بيروت و إقليم الخروب و طرابلس و عكار.

و يؤكد المصدر أن القاعدة السنية التي تدين بالولاء للرئيس سعد الحريري و تيار المستقبل ليس لديها أي حرج بأن تعطي أصواتها في البقاع الغربي للائحة التي تضم مرشح الرئيس بري و نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي من باب رد الجميل للرجلين اللذين احتضنا الرئيس الحريري في كل المحطات المهمة و المفصلية.

على الضفة الأخرى، بدأت بعض مجموعات المجتمع المدني التي اجتمعت منذ أيام قليلة في راشيا تعاني من حالات تسرب من صفوفها باتجاه بهاء الحريري الذي يحاول احتواء هذه المجموعات.

أما في ما يتعلق باللوائح الأخرى يعمل الوزير السابق حسن مراد على تشكيل لائحة بالتحالف مع التيار الوطني الحر و نائب رئيس جبهة النضال العربي طارق الداوود الذي بدأت حظوظه بالإرتفاع. و اللائحة الثانية سوف تضم نائب مجلس النواب إيلي الفرزلي و مرشح حركة أمل الحاج قبلان قبلان، و مرشح سني يحظى بتأييد الشريحة السنّية الأكبر في البقاع الغربي.

و هناك مساعي تبذل على مستويات رفيعة لجمع هاتين اللائحتين بعد إيجاد حل وسط بما يخص التيار الوطني الذي قد يرشح عن المقعد الماروني شخص من آل غانم و هذه التسمية قد تبدد جميع العوائق أمام تشكيل لائحة واحدة.

Exit mobile version